بقلم : أ. محمود يوسف
تواصلت المظاهرات في فبراير ومارس ، وفي الأول من أبريل ، دعت قوي إعلان الحرية والتغييرإلى مظاهرة المليونية . وفي 6 أبريل ، تم إلقاء بيان صادر عن قوي إعلان الحرية والتغيير إلى القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية تحت علامة التجزئة “#السودان_تنتفض” في الصباح الباكر من يوم 6 أبريل 2019 ، عندما تجمع المتظاهرون في مقر الجيش ، أعلن تجمع المهنيين السودانيين وائتلافها عن اعتصام القيادة العامة المفتوح ، وهو أمر لم تتوقعه الحكومة مطلقًا. بينما كانت أعداد المتظاهرين تتزايد كل ساعة ، بغض النظر عن العوائق التي تواجهها من الاجهزة الامنية الحكومية ، وفي مساء ذلك اليوم زاد عدد المتظاهرون في القيادة العامة اكثر من ثلاثة ملايين معتصم.
حاولت قوات الأمن القيام بغارات ليلية ، لكن دافع الجيش عن المتظاهرين ثلاث مرات ، وأخيراً دعا البشير قوة الدعم السريع إلى الخرطوم ، وعقد اجتماعًا في 11 أبريل 2019 حضره رئيس الأركان ونوابه وقائد قوات الدعم السريع حميدتي ، الذي قال في وقت لاحق إن البشير أخبرهم قائلا، “كمالكيين ، أن هنالك فتوي تبيح للرئيس قتل ثلث السكان من أجل استقرار وسلامة الأمة ، بينما يقول المتشددون إنه يستطيع قتل خمسين بالمائة من السكان! “عندما خرجوا من ذلك الاجتماع ، وفي ذات الوقت يمثلون مجلس الأمن الذي شكله البشير ، عقدوا اجتماعًا وقرروا إزالة البشير وشكلوا مجلسًا عسكريًا انتقاليًا برئاسة الفريق عوض محمد أحمد بن عوف في 12 أبريل 2019 ، على الفور أصدرت قوي إعلان الحرية والتغيير بيانًا يدين هذا التشكيل ويدعو إلى تسليم السلطة إلى المدنيين. أصدر الفريق حميدتي قائد قوات الدعم السريع بيانًا يرفض فيه أي حل لا يرضي الشعب ، ثم أجبر ابن عوف على التنحي في أقل من أربع وعشرين ساعة وحل محله الفريق عبد الفتاح البرهان
وينوب عنه الفريق محمد حمدان دوجلو حميدتي ، ويتكون المجلس العسكري الانتقالي من عشرة اشخاص ، وبضغط من قوي إعلان الحرية والتغيير ، أجبر الأعضاء الثلاثة على الاستقالة لتاريخهم الدامي فانخفض أعضاء المجلس إلى سبعة ، لكن المجلس الذي تعرض الي ضغوط من قبل الجماعات التي كانت تناصر حزب المؤتمر الوطني ورجال الامن وبعض القادة الدينيين المنتسبين للبشير والقوى الخارجية ترددوا في مفاوضاتهم مع قوي إعلان الحرية والتغيير ، ومن ثم زارت عضوة قوي إعلان الحرية والتغيير الدكتورة مريم الصادق المهدي الإمارات العربية المتحدة ، بعدها مباشرتا وفي مقابلة صحفية مع والدها الصادق المهدي ، قال إن بعض النقاط التي أثارتها تجمع المهنيين السودانيين لم يتم الاتفاق عليها ، وبعد ذلك بدأ المجلس العسكري يتردد في مواقفه. وبعد عقده مؤتمر مع عشرة من الأحزاب السياسية التي تعاونت مع البشير والجماعات الدينية ، أطلقت جماهير عطبرة قطار عطبرة الثوري الشهير في 23 أبريل 2019 ، الذي وصفه المراقبون الغربيون بأنه أفضل مشهد تاريخيا للثورة على الإطلاق [28] ، ويعتقد آخرون “بأن الثورة السودانية تبدو وكأنها رحلة زمنية إلى حقبة الثورية الروسية” [29]، تلي ذلك قوافل من مدني وسنار والابيض ودارفور ، وكلها دعم لقوي إعلان الحرية والتغييروتجمع المهنيين السودانيين كممثل وحيد للثورة ، وكان الجميع مقتنعين بأن المفاوضات تسير بشكل جيد واتفق الطرفان في 15 مايو 2015 على ما يلي:
تشكيل مجلس مشترك عسكري ومدني.
سيقوم قوي إعلان الحرية والتغيير بتشكيل مجلس وزراء من التكنوقراط المحايدين
سيتم تشكيل المجلس التشريعي بنسبة 67 ٪ من قبل قوي إعلان الحرية والتغيير و 33 ٪ بشكل مشترك من قبل المجلس العسكري و قوي إعلان الحرية والتغيير
الفترة الانتقالية ستكون ثلاث سنوات ،
لكنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على النسبة المئوية للمدنيين والعسكريين في المجلس ومن الذي سيرأس المجلس ، وأوقف المجلس العسكري المفاوضات لمدة 48 ساعة ، يبدو أن المجلس العسكري كان يريد فقط كسب الوقت ، وخلال تلك الفترة زار نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دوقلو حميدتي ، المملكة العربية السعودية مع المتحدث باسم المجلس الفريق شمس الدين الكباشي في 23 مايو 2019 ، والتقيا بولي العهد وأعلن حميدتي عن دعم السودان للمملكة في حربهم في اليمن وأن القوة السودانية ستواصل القتال ضد الحوثيين لحماية أرض الحرمين ، كما أعلن عن دعمه للمملكة ضد إيران. خلال الزيارة ، تم توزيع صورة تُظهر الفريق طه المدير السابق لمكتب الرئيس السابق البشير في صورة خلفية مع حميدتي والتي أثارت العديد من الأسئلة [30]. ثم قام رئيس المجلس العسكري ألإنتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان الذي أشرف على القوات السودانية في اليمن عام 2015 عندما كان مسؤولاً عن القوات البرية ، بزيارة مصر في 25 مايو 2019 ، أي بعد يومين من زيارة حميدتي للمملكة العربية السعودية وأعلن عن دعمه للحكومة المصرية ضد أي عدو [31] . يستند النزاع بين المجلس العسكري و قوي إعلان الحرية والتغيير/ تجمع المهنيين إلى حقيقة من الذي سيقرر نيابة عن الشعب السوداني في قضايا السيادة مثل الأمن والدفاع الذي يشمل وجود القوات السودانية في اليمن ، وهذه من بين القضايا الخلافية في السودان ، خاصة ان معظم السودانيين يريدون انسحاب هذه القوات ، باستثناء أولئك الذين كانوا مقربين من البشير ، بالنسبة لهم فإنهم يأولون بالادعاءات الدينية والدفاع عن المواقع المقدسة ، ولكن في الواقع هم مدفوعًين بالرأي القائل إن السودان بلد عربي وهم يساعدون ذوي القربي بالاضافة الي الدوافع المادية ، وبعد عودته مباشرة من القاهرة ، ذهب رئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان ، لحضور كل من قمة جامعة الدول العربية في مكة في 31 مايو 2019 ، الذي تلاه مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في 1 يونيو 2019 ، والتقى بولي العهد محمد بن سليمان ، وأعلن أن بلاده تسعى لإجراء انتخابات ديمقراطية تضم جميع الفصائل السياسية [32]!
قبل تدهور العلاقة بين المجلس العسكري الانتقالي و وقوي إعلان الحرية والتغيير قام بعض أعضاء المعارضة ، وخاصة الأعضاء في نداء السودان بزيارة الإمارات العربية المتحدة بين 18 أبريل إلى مايو 1 ، 2019 ، من حزب ألأمة مريم المهدي ، ومن الحركة الشعبية / شمال (جناح أقار) كل من مالك أقار ، إسماعيل خميس جلاب ، ياسر عرمان ، ومبارك أردول وخالد عمر أمين الأمين العام من حزب المؤتمر السوداني وأركو مني مناوي من حركة تحرير السودان- جناح مناوي. يُزعم بعض الصحف أن مستشار ولي عهد الإمارات محمد دحلان مع الفريق طه كانا ينسقان المؤامرات لتفكيك الثورة السودانية وتأمين سيطرة المجلس العسكري الانتقالي علي الحكم .