الخرطوم : صوت الهامش
وقعت الحِكومة الإنتقالية وفصائل الجبهة الثورية السُودانية “الإثنين” الماضي إتفاق سلام بالأحرف الأولى في عاصمة دولة جنوب السُودان،عقب تفاوض وحوار إستمر نحو عاماً كاملاً .
غير أن هذا الإتفاق الذي من المُنتظر أن يتم التوقيع عليه بصورته النهائية غضون أسابيع،يلاقي إنتقادات واسعة لعدم شموليته ، لجهة أن هُناك فصائل مسلحة تحظى بتأثير سياسي وعسكري خارج الإتفاق هما الحركة الشعبية – شمال – قيادة عبدالعزيز الحلو – التي تٌسيطر على منطقة “جبال النوبة” بولاية جنوب كٌردفان، وحركة جيش تحرير السودان التي يرأسها عبدالواحد نور المُسيطرة على أجزاء واسعة من مناطق “جبل مرة” بولاية وسط دارفور .
ويري مراقبون أن ما تحقق هو بداية لإنهاء حرب طويلة شهدت ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان،فضلاً عن ان الإتفاق سيحقق العدالة لضحايا الحروب وتعويضهم،في حال تنفيذ بنوده وإنزالها لأرض الواقع .
“صوت الهامش” إستنطقت الباحثة في مجال العدالة الإنتقالية والسلام نجدة منصور وطرحت عليها العديد من التساؤلات حول إتفاق جوبا،وتحقيق العدالة لضحايا الحروب وغيرها من الأسئلة التالي كانت التفاصيل:
حوار – صوت الهامش
إتفاق سَلام جوبا ليس هشاً وحقق مكاسب لا يُستهان بها من بينها بند التعويضات الفردية
برأيك هل سيسهم إتفاق السلام الموقع في جوبا في إنهاء الحرب بصورة نهائية بمناطق النزاعات؟
بتقديري نعم في حالة تنفيذ مخرجاته علي الأرض و متابعة تنفيذه .
البعض يخشى من عدم إلتزام الأطراف الموقعة على تنفيذ إتفاق السلام على إنفاذ بنوده، ماهي الضمانات التي تكفل إنزال كل بنود إتفاق السلام لأرض الواقع؟
الضمان هو الإرادة الشعبية حينما تقوم بدورها في الضغط علي طرفي اتفاق السلام إضافة للدور الذي تقوم به مؤسسات الدولة المعنية في تجويد الاداء فالكثير من بنود السلام تعتمد علي برامج يجب ان تتنزل علي ارض الواقع .
هناك من يقول أن إتفاق سلام جوبا إتفاق هش ولا يمكنه الصمود في ظل الإعتراض عليه من قبل جهات محسوبة على النظام الحاكم الآن؟
إتفاق جوبا ليس هشا و لكن يتم الحكم عليه بدون علم بما حدث في اضابيره و في هذا يقع اللوم علي الجهات المسؤلة لعدم قيامها بالتعريف بما حدث في الاتفاقيات من ناحية المحتوي و الآليات و ايضا اجواء التفاوض نفسها حيث حقق اتفاق جوبا مكاسب لا يستهان بها من بينها بند التعويضات الفردية و الذي شكل عائقا في السابق لمجرد إمكانية الجلوس علي طاولة مفاوضات لحين توقيع اتفاق.
كثيرون يقولون أن إتفاق جوبا هو إتفاق محاصصات وتقاسم السُلطة بين الأطراف الموقعة؟
هذا اختزال للاتفاق و تحامل علي الرفاق في حركات الكفاح المسلح لست ضد المحاصصة و هي سبيل لتحقيق تكافؤ في فرص التمثيل و حق مكفول بموجب مبادى العدالة و الديموقراطية و ازالة الفوارق في التمثيل ، واؤكد ان تحقيق محاصصة لم يكن معزولا عن الهدف الاسمى و لم تكن غاية في ذاتها.
برأيك هل البرتكولات الموقعة عالجت كل الأزمات التي تسببت في إندلاع الحرب؟
اعتقد ان البروتوكولات الموقعة ستحقق الكثير من المعالجات التي احدثتها سنين الحرب الممتدة و لكن لا يجب قراءة جدوي تنفيذها خارج السياق الكلي للاتفاقيات و البرامج القومية لان هنالك جوانب مكملة و ضرورية لانجاح هذه البروتوكولات، فعلي سبيل المثال هنالك صندوق قومي للتنمية يتم تمويله من الميزانية القومية يحتوي علي برامج تشمل الرعاة و المزارعين ، و تعد المشاريع المشتركة لهاتين الشريحتين ضرورية لاستكمال مستحقات السلام المستدام و تعد البروتوكولات الخاصة بالنازحين و اللاجئين و الرعاة جزءً من طرائق الدولة لمعالجة الانتقال العملي نحو السلام فيما يتصل خصوصا بالمشاكل المزمنة التي تتطلب تمييزاً ايجابيا ، و انا علي ثقة ان هنالك تركيز علي هذا الجانب و قد عكس ذلك بوضوح عضو المجلس السيادي التعايشي في العديد من المناسبات.
الاعتراف للضحايا بالجرائم التي أٌرتكبت في حقهم وتقديم إعتذار منهجي لهم يُمهد للمُصالحات
بماذا تفسرين عدم تفاؤل النازحين واللاجئين بفحوى الإتفاق؟
يجب توقع عدم تفاؤل النازحين و اللاجئين باتفاق السلام لانهم طالما تلقوا وعودا كاذبة لقضيتهم العادلة ، وفي تقديري كان من المهم مشاركة ممثل للاجئين و النازحين كعضو وفد حكومي في جميع المسارات و ذلك لان قضية اللاجئين و النازحين تتصدر القضايا اهمية و هذا اكسب النازح/ة خبرة لا يستهان بها ، كان من الممكن رفدها في المفاوضات وهذا لا يقلل الأمر من أهمية ما تم انجازه في هذه القضية ، و اعتقد ان هنالك اهمية قصوي للتعريف بما تم الاتفاق عليه و مناقشته علي الأرض مع النازحين و النازحات في كافة المعسكرات و الاستماع لهم و هذا مهم جدا ضمن برامج العدالة الانتقالية و الذي لا يمكن بدونها إحداث النقلة الضرورية نحو كسب ثقة ضحايا الحروب.
هناك من يقول أن المجتمع الدولي لن يساند على تنفيذ إتفاق السلام في على ضوء الحضور الضعيف له في منبر جوبا؟
هذا ليس صحيحا فنحن نلاحظ مدى اهتمام المجتمع الدولي بالثورة السودانية و السلام في السودان و ما تم تحقيقه في مؤتمر أصدقاء السودان و بشريات انفتاح اكبر علي العالم الخارجي .
كيف تنظرين لخطوة إتفاق إعلان المبادئ بين الحلو وحمدوك؟
أكيد هذا خطوة في الاتجاه الصحيح و قد ذكرت في تصريح سابق لسونا توقعي انضمام الرفيق الحلو و هذا واضح لو قرأنا بتمعن مواقف الرجل حين بادر بإعلان وقف عدائيات كما يجب النظر لتواجد الحلو علي طاولة المفاوضات علي نحو ايجابي فالتعثر لا يعني السقوط.
إقرار علمانية الدولة في إتفاق إعلان المبادئ ينظر إليه البعض بأنه تجاوز من قبل الحكومة الانتقالية لصلاحيتها؟
لا يشكل النص الخاص بعدم استغلال الدين في مؤسسات الدولة موقفا يختلف عن مضامين دستور ٢٠٠٥ او تصريحات البشير في وقوف الدولة مسافة متساوية من كل الأديان ، و لكن لم يقابل هذا باعتراض في السابق بسبب تشويش البشير و تلاعبه بالعقول و استغلال الدين و الدولة لخدمة اغراض سياسية .
“ان مبدا عدم استغلال الدين يدخل في صميم اخلاقيات الدولة و روح العدالة يضاف اليه عدم استغلال التوجه الثقافي او الإنتماء الاثني او الجغرافي او اللغوي او خلافه الخاص بمواطن علي حساب مواطن اخر..وخلال تركيزها علي مهامها التنفيذية تقوم الدولة بواجباتها بحياد. و في هذا احترام للدين و لعقول الشعب و للاديان بدون تمييز و هذا واجب الدولة. لا اعتقد ان الممارسة السياسية الشفافة يمكن فصلها عن اية حكومة ملتزمة”.
بحسب متابعاتكم هل سينضم عبدالواحد نور لإتفاق السلام؟
أعلن الرفيق عبد الواحد ترحيبه بعملية السلام في بدايتها وانها كان من الممكن ان تكون في الخرطوم.
نحن نتابع إصدار بيان رسمي من حركة عبد الواحد حتي يمكن معرفة ما سيحدث و لكني قرأت في احد تصريحاته ان الاتفاق لا يخاطب جزور الازمة في دارفور. المطلوب هو تجسير التفاوض مع الحركة التي يقودها عبدالواحد خلال جلسات غير رسمية كاللقاء السابق بين عبدالواحد و حمدوك. هنالك رؤية موضوعية ناشئة عن تجارب مع انظمة سابقة فيما يتصل بانجاز عملية سلام دائم وهي تشكل حجر عثرة أمام بناء الثقة بين الاطراف والتي يمكن معالجتها بالتجسير في تقديري.
برأيك هل ستنجح مبادرة الحوار الداخلي الذي طرحته حركة جيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور؟
نعم ستنجح في خلق التجسير الذي أشرت اليه سابقا. فالسلام عملية و لديه مراحل يجب استنفادها لضمان استدامته .
ستجري العدالة مجراها طالما هنالك من يطالب بحق شعبه المنتهك و هذا ما نحمله للحكومة الانتقالية
تحقيق العدالة لضحايا الحروب في السودان برايك هل ستكون عقبة أمام تحقيق السلام ؟ بالنظر إلي انها إحدي الملفات التي بها تباين؟
تحقيق العدالة و محاسبة الجناة هو المدخل الاساسي لتحقيق المصالحة و السلام و بدون ذلك لا يمكن ضمان عدم حدوث انفجارات.
هل إنشاء آليات العدالة الانتقالية والمصالحة ضرورية لإشراك اصحاب المصلحة ؟
جميع الاليات المقترحة في نظام الحكومة الانتقالية كالمفوضيات ومفوضية إصلاح الخدمة المدنية تعد ازرع تحقيق العدالة الانتقالية علي الأرض ، و لكن يجب أيضا مراعاة خطوات تنفيذ العدالة الانتقالية التي تشمل جوانب من بينها جوانب معنوية كالاعتراف للضحايا و التمهيد للمصالحات مع تقديم اعتذار سياسي منهجي .
هناك من يري أن الحكومة السودانية تلتف حول قضية المطلوبين لدي الجنائية ، برايك هل القضية بالنسبة لها سياسية في المقام الأول ام انها تتخوف من انصار النظام البائد ؟
ليس هنالك تخوف علي حسب تقديري من انصار النظام السابق و قد كسرت شوكتهم بارادة الشعب هذه قضية سياسية في المقام الاول. هذا لا يعني انه لن يتم تطبيق العدالة فيما يتعلق بملف المحكمة الجنائية الدولية. ستجري العدالة مجراها طالما هنالك من يطالب بحق شعبه المنتهك و هذا ما نحمله للحكومة الانتقالية. الا تتواني عن تقديم المتورطين في جرائم الحرب للعدالة وفق خطوات التقاضي و تحقيق العدالة.