بعد تضييق تركيا على وجود الاخوان المسلمين على ارضها،ماهي الوجهة التالية المستقبلة لجماعتي الاخوان المسلمين المصرية والسودانية؟ ام انهما قد اصبحتا مثل الاجرب الذي يفر منه اقرب المقربين اليه فلا يقرب الاختلاط به، كيف يواجه تنظيمهم العالمي هذا الامتحان الصعب بعد ان لجأ مطرودوه من مصر والسودان الى السلطان العثماني اردوغان، انها رياح السياسة التي لا أمان لها وميزان تغليب الدول المحترمة لمصالحها بعيداً عن العاطفة الدينية، ففي الواقع ان الرئيس التركي علماني التوجه وما الاسلام الذي يتخذه شعاراً الا عنصر من عناصر توازن هذه المصالح، بينه وبين المنطقة العربية والشرق اوسطية وافريقيا شمال الصحراء، لقد وظّف اردوغان النزعة الاسلامية لدى شعوب هذه البلدان في بسط نفوذه الامني والاقتصادي، فالشق السوداني من جماعة حسن البنا وخاصة المؤتمر الوطني المحلول جاء جزاءه السمناري على عجل، قبل ان يستريح رموزه من عناء ملاحقات لجنة ازالة التمكين، فاردوغان وحكومته يعلمون فساد كادر الحزب المحلول الهارب الى تركيا بمال الشعب، ويدركون نفاد الغرض من انشاء هذا التنظيم وسط السودانيين، لذلك لا يمكن أن يضحي رجل ذكي مثل الرئيس التركي بعلاقته مع دولتي مصر والسودان، مقابل ارضاء حفنة من رموز النظامين البائدين لمجرد انهم اشتروا بعض العقارات واودعوا اموالهم المنهوبة من خزائن بلديهما لديه.
العبرة من مآلات هذا الحال البئيس الذي غشي اخوان السودان ومصر، هو أن المشروع الأيدلوجي الاقليمي والعالمي ماعاد يقضي حوائج الشعوب، وأن مقدرات الدولة اولى بها خزانتها المركزية بدلاً من أن تهدى لغول عالمي يواجه تحديات صراعاته الاقتصاديةالدولية الخاصة به، هذه عبرة لمن يتولون امر القيادة في البلدين بعد الثورتين العظيمتين اذا ارادوا أن يعتبروا، ان اموال الشعوب خير حافظ لها هو خزائن هذه الشعوب نفسها، وأن الذي يقوم بدور خيانة الوطن ونهب مقدراته مثل الذي يسرق من بيت ابيه ليطعم اللصوص، وهو ذات الشخص الذي في آخر رحلة مطافه لن يجد الرحمة من ابيه ولا الشكر والعرفان من اللصوص، كماقال جيفارا، الرسائل البليغة القادمة من تركيا هي درس كبير للطبقات السياسية في البلدان الافريقية والعربية، تلك التي تلهث صفوتها الحاكمة والمعارضة وراء القوى الخارجية طلباً للاسناد والدعم، فالغرباء لا يبنون اوطان غيرهم مهما بالغ صاحب الارض والوطن في تقديم فروض الولاء والطاعة المجانية، والأولى لرجل الدولة أن يعي حقيقة صراع المصالح الدائر على سطح الكوكب الاخضر، وعليه بتراب وطنه مهما ادلهمت حوله الخطوب، وبهذه المناسبة احي كل الاسلاميين السودانيين والمصريين الذين رفضوا الهروب من بلدانهم وآثروا البقاء في السجون والمخابيء الاختيارية.
العز بالأهل، اسألوا المغتربين والمهاجرين الذين فرضت عليهم ظروف الضنك مغادرة اراضي بلادهم الحبيبة، لا شيء في الخارج يساوي ذرة من تراب الوطن، مهما اعتلى هؤلاء المهاجرونظهور الفاره من السيارات ومهما سكنوا فخيم المنازل، فدائماً يراودهم سؤال واحد هو لماذا لا نفعل هذا في موطننا الأصلي؟، انه الاحساس الذي عاشه كل مغترب ومهاجر من ارض الوطن الحبيب، كيف بك وانت رجل الدولة أن تطعم مال شعبك الجائع للئام المتخمين من الغرباء، لقد هرع الجشعون من رموز الحزب المحلول الى ماليزيا ابان تفجر بحيرة البترول السوداني (مزيج النيل)، وبنوا ناطحات السحاب في كوالا لامبور وتركوا شوارع الخرطوم بلا ارصفة، هل هؤلاء سودانيون حقاً؟ من أي كوكب أتوا؟، يقال أن جملة ما اكتنزه قط واحد سمين من هذه القطط التمكينية المبلولة يفوق الستين مليار دولار، وهو نفس الرقم الذي يطابق مديونية السودان تجاه الدائنين طوال عمر الحكومات الوطنية، لم يؤذ أحد البلاد مثلما فعل اخوة الحسنين (البنا والترابي)، الى اين سوف ييممون وجوههم الآكلة لمال الشعب بعد أن كشّر السلطان العثماني عن انيابه؟.
لم تتاح الفرصة لحزب سياسي أن يحكم السودان منفرداً لمدة ثلاثة عقود متتالية، مثلما امتحن الله سبحانه وتعالى هذه الجماعة الاخوانية الغاصبة لارادة الشعب والمغتصبة لسلطته، فقبضت على مفاصل الدولة واجهزت على رقاب المواطنين وهُيء لها أن الأمر لن يذهب من بين يديها أبد الدهر، مهملة تدبر المعاني المحفوظة بأمر الله بين دفتي المصحف الذي يتلونه صباح مساء نفاقاً وتجارة رخيصة بالدين، لم يدر بخلد اخوة حسن أن الدائرة سوف تدور عليهم دورة تذهل معها كل مرضعة عما ارضعت وتجعل كل ذات حمل ان تضع حملها قبل موعده، يا هؤلاء افلا تتدبرون القرآن ام على قلوبكم اقفالها؟، من غرائب وعجائب هذه الجماعة المنحرفة أنها كانت اهون واضعف من بيت العنكبوت، وما حكمت البلاد ثلاثون عاما صعيبة الا بالتنكيل والتدجيل والارهاب، انظر الى وجوههم وهم وراء القضبان ترى الذلة والمسكنة بادية على شحوب لونهم، من كان يصدق أن عبد الرحيم محمد حسين سوف يستجدي القضاء يوماً ما لقضاء حاجته؟، عندما كان هو الآمر الناهي والباني الاوحد لمباني الموت والدمار دون رقيب او حسيب، لكن لا عجب ولا عجاب، انها آيات الله التامات التي يرينا معانيها في الآفاق وفي انفسنا، فهلا تبينا أنه هو الحق؟.
اسماعيل عبد الله
21-03-2021