آدم رجال
لا شك أن الشعب السوداني يتابع وبصمت، مجريات الأوضاع الأمنية الملتهبة في جميع أنحاء السودان وخاصة إقليم دارفور، لا سيما مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب، ومناطق شرق جبل مرة، الجزء التابع لولاية جنوب دارفور، حيث الحصار االمفروض علي مدينة الجنينة، منذ 16 يناير الماضي حتي اليوم، تسبب ذلك في توقف الخدمات الأساسية بما فيها الطارئة، من غذاء والامدادات الطبية وغيرها، إلى معسكرات النازحين، كما حصل الخميس 4 فبراير 2021، تم إجبار فوج عربات منظمة برنامج الغذاء العالمي، المتجه إلى وحدة مستري الإدارية المنكوبة والعودة إلى مدينة.
تعرضت مستري لهجوم غادر في 25 يوليو 2020، الأمر الذي أدى إلى إعلان منطقة منكوبة، وتمثل مدينة الجنينة المقر الرئيسي للمنظمات الإنسانية، التي تنقل المساعدات الاغاثية، إلى المحتاجين بولاية غرب دارفور، وحتى ولاية وسط دارفور، علماً بأن هناك عربات محملة بالبضائع ومواد غذائية متجه إلى مدينة الجنينة لا تزال محبوسة في بورصة زالنجي منذ بداية مأساة الجنينة الشهر الماضي، مما زاد معاناة النازحين مع إرتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية بصورة جنونية، وذلك للضغط علي النازحين لـ «تفكيك أو إبعاد» لمعسكراتهم عن المدينة.
إن حصار معسكرات النازحين ومدينة الجنينة، هي عملية منظمة ومرتبة من قبل إتباع النظام المباد، الذي يعد جزء من تجليات الوضع الأمني الذي صار أكثر انزلاقاً نحو الفوضي الخلاقة في هذا الإقليم الذي عانا طويلاً من الحروب العبثية التي تقودها الحكومة السودانية ضد شعبها الاعزل، فكل يوم تتواتر الأخبار الصادمة، المحزنة، وكأن القتل والاغتصاب والاختطاف والتشريد والحرق، أصبح هدفاً اساسياً، للملشيات العسكرية التي استباحت حياة السودانيين في إقليم دارفور…
رغم خلع الرئيس عمر البشير، سيئ السمعة عن السلطة في أبريل 2019، إلا أن الحكومة الإنتقالية التي شكلت كنتيجة طبيعية لثورة ديسمبر، عجزت أن توقف نهج القتل الجماعي والفردي والاغتصاب والسلب والنهب والاختطاف والحرق والتشريد والتعذيب، ناهيك عن تحقيق العدالة، رغم المحاولات اليتيمة التي يقوم بها النائب العام، من تشكيل لجان تحقيق، دون نتيجة، بدء بمجزرة القيادة العامة، ومجزرة فتابرنوا، ومجزرة كريندق1في 31 ديسمبر 2019، ومجزرة مرشنج، دون جدوي.
إن قضية تحقيق العدالة، في السودان، باتت كالسلع وامرا مستحيلا، فقط مجرد مفردة تستخدم في الخطاب لزيادة حلاوة طعمه، ويبقى القليل من هولاء الخطباء لديه ضمير انساني والتزام اخلاقي، للتضامن مع هولاء الضحايا وذويهم، والعمل على وقف انتهاك حقوقهم.
لقد ارتكبت مليشيات الجنجويد، ضدنا ابشع انواع الجرائم الفظيعة، ولكن لا حياة لمن تنادي، الي متي نستمر في هذه الحالة؟ والي متي تستمر الحكومات السودانية المتعاقبة، في انتهاكات حقوقنا المكفولة اقليميا ودوليا، ورغم اصالتنا السودانية التي لا غبار عليها، علي اية حال لن نغفر قط للمجرمين الذين ارتكبوا ضدنا جرائم الابادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب مهما كانت الظروف، ولن نتنازل في قضيتنا العادلة، سنظل ندافع عنها، او أن نموت دون ذالك، وهذا سيكون وصمت عار للذين يدعون بالانسانية، والمجلس الامن الدولي والامم المتحدة، والحكومة الانتقالية.
ويصبح السؤال الجوهري والثابت إزاء هذه الوضع المأزم، الم يكن نحن بشر كالآخرين؟ أليس من حقنا العيش بكرامة أسوة بالآخرين؟