«سلسلة مفاهيم وخطوات عملية مرجوة نحو مدنية الدولة السودانية [1]»
بقلم/موسى بشرى محمود على-20/09/2019
عانت الدولة السودانية كثيرا” وأعياها النضال في شتى ضروب مؤسساتها من فلسلفة دولة الكيزان العميقة ومن أهم الوزارات والهيئات التي جنحت عن مسارها وأسلمت وجهها لدولة المتأسلمين الجدد هي «هيئة علماء السودان» وهى هيئة حسب مسماها يجب ان تقدم النصح والإرشاد وتقدم المشورة الدينية لعموم الشعب وللحكومة من أجل تحكيم شرع الله وإحقاق الحق وثنى الحكومة عن أى ممارسات سالبة لا تتماشى ومنطق الدين والشرع والقانون والضمير الإنساني إلا أن الهيئة كانت لها رأى مخالف وسكتت عن الحق فأصبحت شيطان أخرص.
هيئة علماء السودان وفق موقعها من الدولة تتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة وليس تحت مظلة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مما يعنى أهمية موقعها ودرجة حساسيتها واعتباريتها فى صنع القرار في الدولة ولكن السؤال هو هل أوفت الهيئة بالتزاماتها أم حادت عن الطريق؟
جاءت الأية الكريمة «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ» …«فاطر:28» أى من يخافون الله ويخشونه حق خشيته هم العلماء أى العلماء بالله وبدينه وبكتابه العظيم وسنة رسوله الكريم هم أشد الناس خشية لله وأكملهم خوفا منه سبحانه ولكن هل حقا” الهيئة خشيت الله؟
-هيئة علماء السودان لم تكن حاضرة بإيجابية فى كل المحن التى مرت بها البلاد منذ تاريخ ميلادها حتى تاريخ نهاية نظام المؤتمر الوطنى ولكنها كانت تمجد السلطان وتسبح بحمده وتقدس أسماءه والدلائل والقرائن على ذلك كثيره نذكر منها الأتى على سبيل المثال لا الحصر
-أفتت الهيئة للمخلوع البشير بقتل نصف الشعب السودانى إبان فتره الثورة قبل رحيله بأيام «فتاوى المدعو/عبدالحى يوسف» خير شاهد
-إلتزمت الصمت أمام كل الإنتهاكات والممارسات غير الإنسانية المهينة للكرامة من تقطيع للأوصال وتعذيب وقتل ممنهج في بيوت الأشباح وفى الطرقات وأمام الملأ وفى كل مكان.
-لم تجرؤ الهيئة ولو على إصدار بيان رسمى يدعو إلى إيقاف الحرب فى مناطق الهامش السودانى ناهيك عن التحدث عن حرمة قتل الأدمى الذي حرمه الله الإ بالحق
-حتى الأن لم يزر ولا شخص واحد منهم معسكرات النزوح في ديار الهامش ولو من باب التعاطف مع ضحايا الحروب ولايعنيهم مايجرى هناك بإعتبار المثل «جلدا” ما جلدك جر فيهو الشوك»!
-لوثت مسامعنا والسودان أجمع بأحاديث عن الجهاد والحيض والنفاس والإفتاء عن أشياء لاتسمن ولاتغن من جوع
-أفتت بفقه الضرورة والتحلل أي تحليل ما حرمه الله في كتابه الكريم!
-أفتت بالمعاملات الربوية في البنوك والقروض الربحية
-غضت الطرف عن إغتيال طلاب الهامش في جامعات المركز والأقاليم ولم تنطق حرفا”
-صمتت عن تهجير أهل سد كجبار وبيع مشاريع البلاد للأجانب بثمن بخس دراهم معدودة.
-لم تكن لديها رأى فى قضايا الخصخصة التي افقرت البلاد وأضرت بها كثيرا” وأقعدت عجلة نموها
-لم يشهد لهم الشعب السودانى بأى موقف إيجابى بل كل مواقفها كانت داعمة ومساندة للسلطان لذلك البعض أصبح يطلق عليهم لقب «هيئة علماء السلطان»!
كيفية إعادة هيكلة هيئة علماء السودان؟
-على السلطات الرسمية إعلان حل هذه المؤسسة الكيزانية وإخضاع كل طاقمها التنفيذى لمحاكمات عادلة لكل تقصير بدر من جانبهم تجاه الشعب طيلة فترة تواجدهم في الهيئة.
-تبعية الهيئة لوزارة الأوقاف وتغيير الطاقم القديم بأخر جديد بعد التقديم عبر إعلانات وظائف رسمية يخضعون فيها لمعاينات بإشراف لجنة من مجلس الوزراء ووزارة الأوقاف بالإضافة إلى قسم إدارة الموارد البشرية
-تخفيض عدد العمالة لان الدولة ليست بحاجة الى الكم الهائل من الوظائف في هذه الهيئة على أن يتم توجية الموارد الأخرى إلى وزارات ومؤسسات أخرى هي في أمس الحاجة إليها
-تقليص الإمتيازات والعلاوات والنسريات والعلاوات الأخرى وتقليص أصول المكاتب والسيارات وأى أصول أخرى مهمة
-على الهيئة الإلتزام والتركيز في حل قضايانا المحلية بدلا” من الحديث عن القدس وفلسطين والعراق وسوريا وإذا تمكنت من حل قضايانا ومشاكلنا يمكن لها أن تفتى في قضايا تلك المناطق
-بدلا” من إختزال الدين في أمور لسنا فى حوجة إليها مثل التحدث عن الجهاد في سوريا والعراق وأفغانستان وفلسطين وليبيا عليها أى الهيئة قول الحق أمام سلطان جائر أي سلطان السودان وهو أكبر أنواع الجهاد وهو أفيد بالنسبة لنا ولايكلف الله نفسا” الإ وسعها!
-لا يمكن للهيئة أن تكون من قوم تبع وتتبع السعودية في كل صغيرة وكبيره من أمور الدين وخاصة في رمضان ومواسم الأعياد لكن يجب أن تحظى باستقلاليتها وتكون لها أجهزتها لتحرى رؤية هلال رمضان للصيام والإفطار وأى شأن دينى أخر
-يجب أن يحظر أعضاء الهيئة من ممارسة أي عمل سياسى أو المشاركة في أى حزب سياسى أثناء فتره خدمتهم
-يجب أن تكون هيئة علماء السودان أى على قدر المسؤولية وليس هيئة علماء السلطان!
-إذا استطاعت الحكومة تنفيذ هذه النقاط وأضافت عليها من عندها من خطوات أخرى فستكون هذه أولى الخطوات العملية المرجوة نحو الإنتقال إلى دولة مدنية ودوما” التشخيص السليم بالنسبة للطبيب هو الذى يؤدى إلى شفاء عاجل وبأسرع وقت وبأقل تكلفة.