«سلسة مفاهيم وخطوات عملية مرجوة نحو مدنية الدولة السودانية[62]»
بقلم/موسى بشرى محمود على-05/04/2020
لا يزال الكثير من المسكوت عنه فى انتظارنا لنرفع الستار المضروب حوله فى سفرنا الطويل نحو إعادة هيكلة الجيش السودانى باعتباره أحد أهم متطلبات ثورة ديسمبر المجيدة ومن قبلها ثورات التحرر فى الهامش السودانى التى ولدت بنهايات العام 2002 وبدايات 2003 وعبرت عن عدم رضاها بالظلم الممنهج من قبل المركز بواسطة وسائلها المتاحة فى وقتها ودافعت عن قضاياها وما زالت لم تراوح قضيتها قيد أنملة.
سأركز قليلا” فى الجزء السابع حول سؤالين رئيسيين يشغلان الشارع العام السودانى وهما:
-الى متى نظل نعامل بعقلية الاقصاء والتهميش فى التقديم للعمل والانضمام الى صفوف الأجهزة النظامية؟
-متى تنتهى سياسة الخيار والفقوس فى أروقة العسكر؟
للإجابة على السؤالين هناك عدة اعتبارات لابد من الإشارة اليها وهى:
-سنظل نعامل بعقلية الاقصاء والعائلة المالكة ما لم يتم تفكيك الأسرة الأحادية التى تتفنن فى اختيار مقاسات ملابسنا وتخيطها عند خياطها.
-يجب أن يتم اعتراف كامل بأحقية كل السودانيين فى المشاركة فى بناء بلادهم من دون هيمنة فئة معينة على أخرى بالأفعال لا الأقوال الحماسية والخطب الرنانة التى تنتهى صلاحيتها فقط فى الموقع الذى قيل فيه!
-إذا لم يكن هناك عملية تحرر كاملة وفك طلاسم هذه العصبة العنصرية فسوف لن نجد ثمرة لمعنى شعار ثورة التغيير:«حرية…سلام…عدالة…الثورة خيار الشعب» وسيكون دوام الحال من المحال أى أن يظل الجميع فى المربع الأول وهنا يكمن الشيطان فى التفاصيل!
-لا تنتهى سياسة الخيار والفقوس فى أنظمة القيادة العسكرية عندنا فى السودان الا بعد اجراء مراجعة شاملة للرتب العسكرية الموجودة فى الجيش من أصغر ضابط الى أعلى رتبة بمستوى المشير والقاء نظرة جيدة فى رتب هؤلاء القادة وفق عملية إحصاء تشمل كل مناطق وأقاليم السودان من ثم عمل معايرة ومعالجة تتماشى والثقل السكانى للأقاليم ومؤامة الرتب حسب جغرافية كل إقليم.
-ما لم تجرى عملية إعادة الهيكلة بكل شفافية وكشف مكامن الأخطاء ومعالجتها مع اتاحة الفرصة للجميع بالمشاركة فى قيادة القوات النظامية أى أن يحق لW من شرق السودان أن يكون رئيس هيئة أركان،قائد عام الجيش، وزير دفاع أو غيره من الرتب القيادية العليا ولديه كامل الصلاحيات العسكرية ونفس القدر يحق لX من الغرب بممارسة نفس الحقوق وأيضا” لY وz من الجنوب والشمال لعب نفس الدور بالتساوى.
-إذا وجدت كل الاتجاهات الجغرافية الرئيسة حظها من المشاركة فى القيادة ووجدت موقعها من الاعراب من دون هيمنة أسرة أحادية من إقليم واحد على حساب الاتجاهات الرئيسة فهنا يظل الميزان قويم.
لكن إذا كان عكس ذلك فسيكون حال الميزان مختلا” وغير متساوى وفيه ظلم وعدم تساوى فى كفة الميزان وهو ظلم غير مقبول وغير مبرر والمنطق القرانى يقول: «وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ 9-»-الرحمن-«9»
توعد الله الظالمين أو القاسطين بعذاب أليم يوم يقوم الناس لرب العالمين:
«وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا.وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا. لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا»-الجن-15-17
أنشد أحد الشعراء عن الظلم قائلا”:
قَوْمٌ همُ قتلُوا ابنَ هِنْدٍ عَنْوةً *** عَمْراً وهُمْ قَسطُوا على النُّعمَانِ
-الظلم مرفوض بكل أشكاله وأنواعه وسيجد مقاومة بسبل شتى ولا ينتهى الظلم الا بقيام عدالة ومساواة فى طريقة تعامل السودانيين كلهم على السواء من دون تمييز بسبب عرق أو لون أو دين أو قبيلة أو توجه سياسى وأن تكون الجنسية فقط الشرط الأول للانتماء مع الوضع فى الاعتبار المعاييرالمتعلقة بالكفاءة والمهنية والجدارة فى المرتبة الثانية من التأهيل والتقدم لشغل الوظائف فى ساحات الدولة المختلفة وبالأخص العسكرية منها.
يقول السياسى الأمريكى المخضرم وأحد قادة الثورة والتغيير فى العالم مالكوم إكس:«أريد أن أكون مع الحقيقة كيفما كان مصدرها ومع العدل المجرد أياَ كان المستفيد أو المتضرر منه ومع الانسان أولا” وقبل كل شئ ومع الإنسانية جمعاء»
« أن السبيل الوحيد الى الحقيقة هو الإعتراف بالذنب»
«لا يستطيع أحد أن يمنحك الحرية، ولا يستطيع أحد أن يمنحك المساواة أو العدالة أو أي شيء آخر، فإن كنت رجلا فعليك أن تأخذها بنفسك»
«نواصل فى حلقات قادمة»