بسم الله الرحمن الرحيم
لوح نظام الرقاص عمر البشير، بإغلاق حدوده مع دولة جنوب السودان ، في حال لم تف جوبا بالتزامها بطرد المجموعات المسلحة التي يتوهم بوجودها في الجنوب وتنطلق منه لقتال قواته، في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
أكدت الحركات المسلحة الشمالية التي تقاتل المليشيات والمرتزقة والعصابات التي تتخذ من الخرطوم نقطة انطلاق لها ، في كثير من بياناتها الصحفية طيلة الخمس أو الست سنوات الماضية بأن لا وجود لمقاتليها في دولة الجنوب ، إلآ أن هذا النفي القاطع لم يجد آذان صاغية عند العصابات الخرطومية التي لم تستطع هي من جانبها تقديم أدلة قاطعة وثابتة على مزاعمها بوجود حركات مسلحة تنظلق من الجنوب لقتالها في دارفور والمنطقتين ..لكن حتى لو افترضنا جدلا بوجود مقاتلين شماليين في دولة الجنوب ..فما المشكلة!! أليس الجنوب وطن أصيل لهؤلاء كما يعتبر الشمال وطن أصيل للمعارضة الجنوبية بقيادة الدكتور/رياك مشار والمليشيات التابعة لــ(بيتر قديت) ومليشيات قبيلة (الشلك) وغيرها ، تقيم قادتها في الخرطوم وام درمان ..فلماذا المعايير المزدوجة للنظام في تعامله مع الملفات الخاصة بمواطني الدولتين؟.
قبل شهر تقريبا أو أكثر ، وصل إلى العاصمة السودانية الخرطوم الدكتور/رياك مشار قادمة من دولة الكنغو التي دخلها من دولة الجنوب بعد هروبه من المعارك التي اشعلتها قواته في العاصمة جوبا في السابع من يوليو 2016 ضد قوات سلفاكير ميارديت. كان بإمكان رياك مشار التي انقذته قوات حفظ السلام الأممية بجمهورية الكنغو ان يختار الذهاب الى بريطانيا التي يحمل جنسيتها أو جنوب أفريقيا التي كان يتعالج بها أو الولايات المتحدة الامريكية بوثيقة دولية للعلاج فيها كحالة انسانية ..لكنه اختار الذهاب إلى السودان الشمالي ، قائلا ان السودان وطنه وقد جاء إليه لإستخراج وثيقة سفر حتى يتسنى له السفر بالحرية حول العالم ..فهل حلال عليه الإقامة في الخرطوم بينما حرام على ناس الحركات المسلحة الإقامة في الجنوب؟.
ودفاعاً عن معاييره المزدوجة والكيل بمكيالين: الأخلاق والنقاء والارتباك والعداوة بين نحن وهم ، فقد أعلنت المعارضة المسلحة في جنوب السودان بقيادة رياك مشار الأسبوع المنصرم عن انعقاد اجتماعات المكتب القيادي في العاصمة الخرطوم ، لبحث تداعيات الأحداث التي وقعت في العاصمة جوبا مؤخرا.
وقال المتحدث باسم المعارضة جيمس قديت ، اجتمعت قياداتنا في العاصمة السودانية، الخرطوم، يوم الأحد والاثنين 2016.
وأضاف أن أعضاء المكتب السياسي ومجلس التحرير الوطني للحركة الشعبية، جاءوا من جوبا وكمبالا ونيروبي وأديس أبابا للمشاركة في اجتماع تشاوري بالخرطوم.
إذن النظام السوداني بكل وقاحة وقلة أدب يطالب دولة الجنوب بطرد الحركات المسلحة من أراضيها ، وإلآ سيغلق حدوده الشمالية معها ، وهو بهذا إنما يمارس سياسة “حلال علينا وحرام عليكم”، من خلال السماح لحركة رياك مشار بعقد اجتماعات علنية لها بالعاصمة الخرطوم والسماح بإقامة تدريبات علنية لقوات المعارضة الجنوبية في الولايات الشمالية المتاخمة لجنوب السودان.
أنا شخصيا لا اعرف الكثير عن الحركات المسلحة الدارفورية ، لكن ما اعرفه ومتأكد منه تماما ، هو أن الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال لا وجود لأفرادها اطلاقا في دولة جنوب السودان ، لأنها أصلا لا تحتاج لجنوب السودان في شيء. فالحركة الشعبية لها دولتها الخاصة التي تمتد من جبال النوبة حتى النيل الأزرق ، ولها نظامها السياسي والإقتصادي ..فهي إذن لا تحتاج لأحد ، والكلام عن وجود جيشها في جنوب السودان ، إنما هو قلة الحيلة التى جعلت النظام السوداني لا يدرى شيئا عن أى شيء.
قلة الحيلة هى التى دفعت النظام السوداني الى هاوية الأنظمة ، وسيظل هكذا ما دام فقد التعرف على سبل العمل الصائب ، وسيبقى هكذا ان استحل واستحلل المتابعة والمشاهدة لكل ما ينمى احساسه بقلة الحيلة دون ان يواجه التحديات والمشكلات بعيدا عن اتهام الآخرين وإعمال نظرية المؤامرة.
ما يقوم به النظام السوداني تجاه دولة الجنوب ، ما هو سوى التخبط والتناقض السياسي وخطورته في آن واحد الذي يفسّر كيف أن السفاح السوداني عمر البشير أراد قبل أشهر قليلة فقط في تصريحات صحفية له أن يكون السودان بلدا مفتوحا للجنوبيين الهاربين من المعارك الدائرة في جنوب السودان ، وأن نظامه سيحمي حقوقهم كسودانيين ، ثمّ نقرأ قبل أيام في الإعلام الحكومي تهديدات قوية له ضد دولة الجنوب. قائلاً ، إن الخرطوم ستغلق حدودها إذا لم تلتزم جوبا بطرد الحركات المسلحة من أراضيها. هذه التهديدات تبين بجلاء التخبط في إدارة التوجهات السياسية للسودان، وعلاقاتها مع الدول في أسرة المجتمع الدولي حتى لم تعد له أي مؤشرات تنبئ لما سوف يكون عليه حالها ، في المستقبل القريب والبعيد ..كثير من الأخطاء والقرارات العشوائية وقلب الحقائق والقاء اللوم على الآخرين.
كذاب ومضلل ومنافق كل من يظن ويعتقد أن باستطاعته قطع العلاقات والصلات الأسرية بين شعوب الدولتين من خلال الإجراءات التعسفية والجائرة ..ونحن تستغرب !! أي عقدة هذه التي تجعل النظام في الخرطوم يقبل بإستيطان ، البورميين والسوريين والأزواديين والقبائل المتحركة مع الرمال ويعاملهم معاملة المواطنين السودانيين بينما يعامل الجنوبيين القادمين من الجنوب معاملة لاجئين لا يتمتعون بأي حقوق!!؟.
على الخرطوم أن تتحمل مسئوليتها الأخلاقية إذا كان لهل أخلاق أصلا ومعاملة الجنوبيين كمواطنيين سودانيين لهم كامل الحقوق والواجبات.
والسلام..