جنيف: صوت الهامش
ناشدت 22 منظمة حقوقية دولية، الدول الأعضاء والمراقبة بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بالالتفات إلى استمرار انتهاكات الحكومة السودانية ضد مدنيين بينهم المشردين داخليا، في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.
وقالت المنظمات الحقوقية -في رسالة للدول المشاركة في الدورة الـ 36 لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة والمنعقدة في جنيف ، إنه على الرغم من إعلان حكومة الخرطوم وقف إطلاق النار من جانب واحد، إلا أن هجمات عشوائية لا تزال مستمرة ضد مدنيين في انتهاكٍ للقانون الإنساني الدولي.
وأشارت المنظمات في رسالتهم ، التي اطلعت عليها (صوت الهامش) ، إلى أن إقليم دارفور في الفترة بين 28 مايو و15 يونيو الماضيين شهد هجمات ضد مدنيين وعقارات مدنية على أيدي قوات الدعم السريع وقوات أخرى مخلفة 17 قتيلا و30 مصابا بإصابات خطيرة و17 مختطفا. كما رصد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية تشرّد 8 آلاف في دارفور خلال النصف الأول من 2017.
وجاء في الرسالة، “ونحن لا نزال قلقين للغاية مما كشفته منظمة العفو الدولية في سبتمبر 2016 من أدلة على استخدام حكومة الخرطوم أسلحة كيماوية ضد مدنيين في منطقة جبل مرة بإقليم دارفور”.
وفي الفترة بين يونيو 2011 ونوفمبر 2016 تمخضت الغارات الجوية عن سقوط 292 قتيلا على الأقل وإصابة 749 في جنوب كردفان والنيل الأزرق؛ كما تسبب الحصار المستمر للمناطق التي يسيطر عليها المسلحون في جنوب كردفان والنيل الأزرق -والذي هو الآن في عامه السادس- تسبب في حرمان مدنيين من الضروريات الأساسية لبقائهم أحياء، بما في ذلك دخول المساعدات الطبية الحيوية إلى تلك المناطق.
وأكدت المنظمات على الحاجة الماسة لاتفاق حول طرق توصيل المساعدات الإنسانية بشكل محايد إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
ولا تزال حكومة الخرطوم مستمرة في انتهاك الحقوق المدنية والسياسية عبر حملات قمعية ضد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وأعضاء المعارضة والأقليات الدينية. ولا تزال الحكومة تفرض قيودا على حرية التعبير ووسائل الإعلام، ولا يزال جهاز الأمن الوطني يمارس بشكل تعسفي اعتقال المدنيين وإساءة معاملتهم وتعذيبهم.
كما أشارت المنظمات إلى استمرار حكومة الخرطوم في تقييد حرية العبادة والاعتقاد؛ وفي أوائل 2017، أعلن مسئولون في الخرطوم عن عزمهم هدم 27 كنيسة على الأقل في محيط الخرطوم؛ وفي مايو الماضي، تم هدم مبنى كنيسة المسيح في “سوبا الأراض” دونما إخطار مسبق من القوات الأمنية؛ كما تعرض اثنان من أعضاء الكنيسة للاعقتال فيما تم تحذير الشهود من مغبّة التقاط صور أو تسجيل عملية الهدم؛ وكانت هذه الكنيسة هي المكان المسيحي الوحيد الباقي لأداء طقوس العبادة في منطقة سوبا الأراضي.
كما حظر مسئولون استصدار تصاريح لبناء كنائس جديدة بحجة أنه لا توجد حاجة لكنائس جديدة بعد انفصال جنوب السودان وخروج الجنوبيين ذوي الأغلبية المسيحية.
ونوهت المنظمات الحقوقية الـ 22 أيضا عن القمع الروتيني الذي تمارسه السلطات السودانية ضد الحقوق الأساسية للمرأة، عبر قوانين عامة تحظر اللباس “غير المحتشم” كارتداء البنطلون.
كما تشهد حقوق المواطنة والتحرك والاستقلالية قيودا تفرضها قوانين قائمة تحظر على السيدات الحصول على بطاقة هوية وتحظر عليهم السفر دونما إذن من رجل أو وصيّ. وتستخدم السلطات هذه القوانين القمعية لاستهداف الناشطات والحقوقيات وتوقيفهن واعتقالهن وغيرها من أشكال التحرش بما في ذلك العنف الجنسي. وفي سبتمبر 2017، وردت أخبار عن اعتقال الصحفية هنادي الصديق، رئيس تحرير صحيفة أخبار الوطن حيث تعرضت للضرب على أيدي سلطات الأمن الوطني.
وعليه، رأت المنظمات الحقوقية الـ 22، أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يحتاج إلى اتخاذ موقف أقوى ردًا على الوضع المتدني لحقوق الإنسان في السودان. وأوصت هذه المنظمات، المجلس في دورته الـ 36 بأن يتبنى قرارًا بـ:
تعزيز ولاية الإجراءات الخاصة على السودان عبر تمديدها كـ”مقرِّر خاص” حول وضع حقوق الإنسان في السودان بتفويض لمراقبة انتهكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في كافة أجزاء السودان وكتابة تقارير عنه بشكل علني ودوري؛
وحثّ حكومة السودان علنيا على تنفيذ التوصيات الصادرة إلى السودان من جانب مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أثناء الاستعراض الدوري الشامل الصادر عام 2016؛ وموافاة المجلس بتقارير حديثة حول تدابير ملموسة متخذة لتنفيذ توصيات صدرت للحكومة أثناء الاستعراض الدوري الشامل والتوصيات الصادرة من الخبير المستقل عقب زيارته في أبريل 2016؛
ومناشدة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بإيفاد فرق تحقيق ذات خبرة في قضايا العنف الجنسي للتحقيق في جرائم بموجب القانون الدولي وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وتحديد هوية المشتبه بمسئوليتهم الجنائية وتقديم توصيات تتعلق بالمساءلة وبالكتابة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول ما كشفت عنه التحقيقات في الدورة الـ 38؛
وتوجيه إدانة بأقوى العبارات للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في جنوب كردفان والنيل الأزرق، بما في ذلك القصف العشوائي المستمر لمناطق مأهولة بالمدنيين باستخدام قنابل عنقودية، وغير ذلك من الهجمات العشوائية على مدنيين على أيدي قوات حكومية وميليشيات حليفة، إضافة إلى الحصار المستمر للمساعدات الإنسانية؛
وإدانة الهجمات التي تستهدف مدنيين وأهداف مدنية في دارفور، لا سيما أعمال النهب وتدمير المنشآت المدنية وعمليات القتل والعنف الجنسي التي تقوم بها قوات شبه عسكرية وقوات حكومية سودانية أخرى، ما أدى إلى تشريد سكان مدنيين؛
وحثّ حكومة السودان على السماح بالوصول غير المقيد لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) والمنظمات الإنسانية والجمعيات الأهلية – لكافة أجزاء دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق .
وإدانة التقييد المتواصل لوسائل الإعلام، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والخصوم السياسيين، وحرية تشكيل جمعيات والتجمع السلمي؛ وإدانة الانتهاك المستمر لحرية التدين وقمع الأفراد بسبب اعتقادهم؛
وحثّ الحكومة على تأمين المساءلة عن عمليات قتل أكثر من 170 متظاهرا في الخرطوم في سبتمبر وأكتوبر 2013، إضافة إلى عمليات قتل أخرى حديثة العهد مثل قتل طلبة متظاهرين في أبريل 2016 .
هذا وطالبت المنظمات بالإفراج الفوري عن الأفراد المعتقلين تعسفيًا على أيدي جهاز الأمن والمخابرات؛ وحث حكومة الخرطوم على إلغاء قانون الأمن الوطني القمعي الصادر عام 2010، وكافة التشريعات الأخرى التي تمنح حصانة لعملاء حكومة السودان.