صحيفة الهامش
جدال محتدم رافق القرار القضائي السوداني الذي جعل “ديّة القتل” تقفز أكثر من عشرة أضعاف، أي من ثلاثين ألف جنيه (نحو خمسة آلاف دولار أميركي) إلى 330 ألفاً (أكثر من 45 ألف دولار). هو مبلغ يفوق قدرة معظم السودانيين، فيما يرى البعض أنّ من شأن تنفيذه تشريد أسر بكاملها.
تشير معلومات إلى أنّ السبب الرئيسي وراء قرار رفع قيمة الديّة هو السيطرة على الحرب القبلية في إقليم دارفور، الذي اشتهر بالحروب القبلية التي تندلع لأي سبب كان. سرقة رأس ماشية واحد كفيل بإدخال قبيلتين في حروب ممتدة يقتل فيها المئات. لكن مراقبين يرون أنّ ذلك ليس منطقياً، إذ إنّ المتنازعين بالتأكيد لا يفكّرون بالديّة ولا بالعقوبة عند ارتكابهم أي فعل، بالإضافة إلى أنّ الديّة في النزاعات القبلية تتحملها الحكومة في الأساس، وذلك في محاولاتها لمصالحة القبائل. يُذكر أنّ الأمر يُعدّ عبئاً إضافياً على خزينة الدولة.
إلى ذلك، يقول باحثون في علم الاجتماع إنّ رفع قيمة الديّة من دون دراسة للآثار الاقتصادية والاجتماعية، من شأنه أن يمثل كارثة بالإضافة إلى إسهامه في تفكيك الأسر. بالنسبة إلى الباحثة الاجتماعية آمنة عبد المطلب، فإن “من الممكن أن نجد في السجون مَن أقدم على السرقة مُكرهاً ليعيش أبناؤه، وهو يعلم أنّ مصيره هو الحبس. حين ارتكاب فعلته، لا يفكر بالعقوبة”. وتوضح أنّ “لا أحد يعترض بالتأكيد على الشرع، لكن في النهاية الدين يسر وليس عسرا، ولا أعتقد أنه مهما كبرت مبالغ الديّة من شأنها أن تعوّض أهل الميت أو تردع الجاني. للحدّ من القتل، لا بدّ من إجراءات محددة”. تضيف: “أظن أنّ الديّة المرتفعة من شأنها أن تشرّد الأسر. عند وقوع حوادث مرورية تحديداً، سوف تعمد الأسر إلى بيع كل ما تملك لتسديد الديّة، حتى لو كان المنزل الذي يسكنون فيه”.
تجدر الإشارة إلى أنّ على خلفيّة اعتراضات شركات التأمين، عمدت السلطة القضائية إلى تأجيل تاريخ وضع القرار حيّز التنفيذ من سبتمر/ أيلول 2016 إلى يناير/ كانون الثاني 2017. وقد برّرت احتجاجها، بأنها أصدرت بوالص تأمين للمركبات العاملة في البلاد بالتعرفة القديمة، ما يمثّل أعباءً مالية من شأنها أن تلحق أضراراً بالغة بها.
وفق تقرير صدر حديثاً عن إدارة المرور في السودان، فإنّ جملة حوادث المرور التي وقعت في عام 2015 بلغت 12 ألفاً و648 حادثة، منها 1662 حالة وفاة. وتعدّد أسباب حوادث المرور في البلاد، وبعضها يتعلق بالعنصر البشري المتصل بمستوى السائقين وقدراتهم المحدودة وعدم التزامهم بالقوانين، فضلاً عن الاستهتار في القيادة. أما البعض الآخر، فمتعلق بالطرقات وسلامتها والسيارات ومدى صلاحيتها للعمل وصيانتها ودرجات الأمان المتوفرة فيها.
العربي الجديد