تعرضنا للتعذيب بالجوع والعطش وأحد ضُباط الإستخبارات بعد حديثي عن ظلم دارفور رفض ذهابي للمستشفي لتلقي العلاج
عامان ونصف قضاها “يوسف ابو كيلو” في السجن متنقلاً ما بين نيالا والسجن الحربي إلي أن إستقر في سجن “الهدي” أسر عقب معارك حركة تحرير السودان قيادة مناوي مع الحكومة في العام “2017” في مناطق شرق وشمال دارفور .
وظهر في “فيديو” مؤثر يتحدث عن ظلم الإقليم وضرورة نيل حقوقه، ويعد أبو كيلو واحد من مؤسسي حركة تحرير السودان ظلم ملازماً للميدان سنوات طويلة مناضلاً ومدافعاً عن حقوق أهل الإقليم – بحسب ما يقول حتي وقع في الأسر قبل عامين، أطلق سراحه عقب سقوط نظام “المؤتمر الوطني” “صوت الهامش” إلتقت به وطرحت عليه العديد من التساؤلات فالتالي كانت التفاصيل”
حوار – صوت الهامش
حمد الله علي السلامة بعد سنوات في الأسر؟
مرحب بيكم، ونحمد الله كثيراً علي سلامتنا،أنا يوسف يعقوب عبدالله ملقب بـ”أبوكيلو”.
منذ متي بدأت علاقتك بحركة تحرير السُودان؟
أنا من مؤسسي هذه الحركة وساهمنا مع أخرين في وضع اللبنات الأولي لهذه الحركة.
ماهي الدوافع الرئيسية التي قادتك مع اخرين لتأسيس تنظيم مُسلح؟
الظلم الذي يتعرض له إقليم دارفور كان دافع رئيسي بأن نفكر في الكفاح المسلح ورد الحقوق لأهلها.
كيف كانت بداية حركة جيش تحرير السُودان؟
وضعنا اللبنة الأولي للحركة كما قلت مع اخرين عندما ان نظام المؤتمر الوطني “البائد” يعمل علي إشعال الحروب الأهلية في الإقليم ، وأول معركة أو إشتباك كان في منطقة “كرجكرجي” غرب جبل مون،الحكومة السُودانية في ذلك الوقت إستخدمت سياسة “فرق تسد” وفتنت القبائل بعضها البعض حتي أشعلت النيران،ففكرنا أن نضع حد لتصرفات الحكومة “العنصرية” حتي نحمي أنفسنا ونظمنا أنفسنا في معسكر “الشعبية” فعلمت الحكومة بتحركاتنا وحركت اليات عسكرية كبيرة من ” الجنينة” وهجمت علينا .
كان ذلك في العام 2000 هجمت علينا الحكومة وقتل أكثر من “70” شخص،بعد ذلك علم بعض أبناء “جبل مرة” بقيادة عبدالواحد نور وعدد من أبناء الجبل بأن هناك نواة لحركة مسلحة ترفض الظلم، أصروا علي الوصول إلينا لكي نؤسس الحركة إجتمعنا في “أبوقمرة” ووصلنا حتي “كرنوي” ومن ثم عزمنا علي أن نصل جبل مرة، وقبلها إجتمعنا بالإدارة الأهلية وتحدثنا عن الظلم وسياسات الحكومة تجاهنا ومحاولتها زرع الفتنة بين القبائل،ولوضع حد لتلك التصرفات قلنا بصورة واضحة يجب علينا أن نواجه الحكومة ونقرر مصيرنا.
ماهي الصعوبات التي واجهتكم في بدايات تكوين الحركة؟
الصعوبة الأولي هي في الحركة والتواصل من منطقة لمنطقة لم تكن لدينا اليات او عربات نتحرك بها ،إلي أن هجمنا منطقة “ابوقمرة” إستولينا علي عربة قائد المنطقة وانطلق الناس حتي عدار،فالبداية كانت صعبه لجهة أن فهم الثورة محتاج الي دروس،اتفقنا مع عبدالواحد بعد ذلك لابد من أن نجتمع في منطقة “شوبا” وعملنا عدد من المعسكرات لتدريب القوات وشكلنا قيادة لتنطلق بطريقة منظمة.
كيف تتعاملت معكم الحكومة عندما شكلتم قيادة الحركة؟
لم نعلن الكفاح المسلح بصورة رسمية لأن هناك كانت مشاورات ونقاشات للوصول لأكبر قدر من الناس،كنا نتحرك سرياً ونقعد لقاءات تنويرية في في مناطق عديدة.
ماهي طبيعة اللقاءات التنويرية التي كنتم تعقدونها في المناطق وإلي أي مدي كانت إستجابة المواطنين ببدء الكفاح المسلح؟
كنا نتحدث عن الظلم، وتحدثنا عن العنصرية التي تريد الحكومة زرعها بين الناس،وقلنا لابد من ان نثور ونكون أحرار،كانت تلك اللقاءات بحضور أحمد عبدالشافي “توبا” وعبدالواحد نور وابوبكر المحامي و “قدورة” وجلسنا لفترة طويلة حتي إنطلقنا بصورة رسمية.
هل الحكومة في ذلك الوقت إعترفت بوجود تمرد مسلح في إقليم دارفور؟
في البداية كانت تُنكر ذلك عبر حديث كان أدلي به الفريق إبراهيم سليمان ولاحقاً إعترفت بأن هناك حركة تمرد في جبل مرة،حتي جاء العام 2000 هاجمنا منطقة “قولو” ومن ثم منطقة “طور” وأعلنا رسمي تمردنا عن الحكومة.
هل إقتعنتم في ذلك الوقت أن حمل السلاح هو السبيل الوحيد لنيل حقوقكم؟
حملنا السلاح مضطرين نتيجة للظلم الذي تتعرض له الأقاليم المهمشة منذ الإستقلال وحتي الان وفكرنا في ان ننهي هذا الظلم بحملنا للسلاح من أجل الاخرين،لكي يعيشو أحرار وجدنا قبول جيد، وفي بداية إنطلاقتنا العسكرية أسمينا الحركة بإسم “تحرير دارفور” ولكن عقب ضربة ” قولو” و”طور” غيرنا إسم الحركة في مؤتمر “اورشي” إلي حركة جيش تحرير السودان،ضربنا الطينة الاولي والثانية والي أن هاجمنا الفاشر حتي علم العالم أجمع بأن هناك تمرد جديد إنطلق في دارفور.
لكن السلاح الذي حملتوه ساهم في تدمير المنطقة وأدي لتشريد الملايين من مناطقهم؟
نظام المؤتمر الوطني “البائد” هو الذي أحرق القري وأجبر الملايين علي الفرار،وحمل السلاح هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن نستخدمها في مواجهة حكومة، تفكيرها امني وتعمل علي إستفزاز الخصوم، بتصريحاتهم بأنهم أتو بظهر دبابة ومن يريد إقتلاع الحكم عليه أن يأتي بدبابة أيضاً،بجانب أن قياداتها كانت تصر علي زرع الفتنة في دارفور وتدميرها تدمير ممنهج.
كيف علمتم أن الحكومة كانت تُريد تدمير دارفور ،وقمع الصوت الرافض فيها؟
من خلال التصريحات الإستفزازية لقيادات الحكومة في ذلك الوقت من بينهم علي عثمان الذي زار الفاشر عقب ضربة المطار و قال بصورة واضحه”ما داير جريح ولا أسير وسلموني الارض خالية حتي من الشجر” هذه التصريحات كانت دليل علي ذلك حيث أنها غيرت من لغتها بعد أن كانت تقول بأن من يحملون السلاح هم قطاعين طرق ونهابينو إعترفت بوجود تمرد وإتجهت بكلياتها لحسمه عسكرياً، وتأليب القبائل وزرع الفتنة فيما بينها،ولكنهم فشلو في ذلك واعترفت بعد فترة بوجود ظلم تعرضت له مناطق الهامش ففكرت في المفاوضات.
الحركات المسلحة في بداياتها كانت لديها زخم ولكن بمرور الزمن تعرضت لإنتكاسات فظهرت الإنشقاقات ماهي الأسباب وراء ذلك؟
نظام المؤتمر الوطني هو الذي قسم الحركات ولكن الإنشقاقات مسألة طبيعية وهي سنة الحياة فالمؤتمر الوطني نفسه انشقق لاحزب،وكذلك المؤتمر الشعبي انشق هذه سنة الحياة.
بمعني أن النظام السابق متورط في تقسيم الحركات المسلحة؟
نعم عن طريق المال وسياسة فرق تسد وتألييب القبائل علي الحركات وزرع الفتنة، وإستطاع أن يخترق الأسر بالذهاب إلي منازلهم إن كان لديهم أحد أبنائهم يحمل السلاح، ويقوموا بإغرائهم بالمال حتي تعرضت كثير من الحركات للإنقسان ولكن المبادئ والمشروع واحد لم تتغير المبادئ رغم صنع تنظيمات عسكرية ليس لديها وجود لإضعاف الكفاح المسلح.
هناك حديث بأن تمردكم وحملكم للسلاح من أجل السُلطة ليس لشئ اخر؟
السُلطة واجبة وهي حق من حقوقنا وليست حكر علي شخص واحد طموحاتنا لابد من أن تتحقق والحرية والعدالة هي مطلب، ولم يكن لدينا خيار غير حمل السلاح لتغيير كثير من المفاهيم ونيل الحقوق حتي في ما يتعلق بالتعليم.
هل إستطعتوا أن تغييروا في المفاهيم وفي النظرة التي كانت تنظرها إليكم الحكومة؟
غيرنا كثير من المفاهيم وأصبح هناك وعي من خلال التحالفات التي ظهرت جامعة لكل السُودان مثلاً الجبهة الثورية وصلت حتي أبوكرشولا وغيرت الكثير من الموازين،وكل السودان عرف بأن هناك ظُلم في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
لكن السلاح لم يسقط النظام فسقط بمظاهرات سلمية ما يؤكد عدم جدوي حمل السلاح؟
ليس صحيحاً الثورة إنطلقت قبل 18 عام اضعفت الحكومة وورطتها في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأصبحت في مواجهة مع المجتمع الدولي والبشير أصبح ملاحق دولياً، ومن ثم ذلك تدهور الإقتصاد بسبب الحصار،الي ان جاءت المظاهرات السلمية فأطاحت بالنظام،فنحن كنا بذرة الثورة التي اسقطت البشير.
كيف تنظر للسودان عقب سقوط نظام البشير؟
نحمد لله كثيراً علي ذهاب الشيطان وسقوط البشير، علينا أن نعي للمرحلة المقبلة لجهة أنها مرحلة مهمة ينبغي أن نضع إستراتيجية لبناء دولة المواطنة وبناء الدولة السودانية . “السودان ده وسيع بشيلنا كلنا لازم نضع إستراتيجية بتاعت بناء دولة حقيقية” عبر حوار جامع لكل ألوان الطيف السياسي لنضع ساس متين لتأسيس دولة القانون وإنهاء الظلم علي كل المناطق ” عشان الناس تاني ما تحمل السلاح” “لانو لو في ظلم ممكن الناس تاني ترجع لحمل السلاح” علينا أن نتحاور ونصل للحلول السلمية لبناء دولة محترمة.
وقعت في الأسر قبل عامين في معارك مع الحكومة إلي أين كان يتجه متحركم العسكري؟
الهدف من تحركنا في تلك الفترة أننا وقعنا إتفاق وقف عدائيات في أديس أبابا وقواتنا المتحركة هي كانت قوة إدارية وليست قوة مقاتلة لدينا مرضي وجرحي يحتاجون للعلاج ولدينا إداريين وكنا نود الوصول لجبل مرة ولم نكن نتوقع الحكومة تعتدي علينا في معارك عشراية وفي شرق مهاجرية، وجبال عدولة، لأن نوايانا لم تكن هجومية فالقوة هي قوة إدارية بحته.
لكن وجود رتل عسكري في مناطق أمنة سيكون هدف عسكري لأي قوة حكومية؟
سبق وأن وقعنا وقف عدائيات وغير ذلك كنا نتحاشي أماكن تواجد الحكومة ولم نكن ننوي أن نسيطر علي أي مدينة تحاشينا أماكن تواجد الوجود العسكري للحكومة وكنا نعبر عن طريق “المراحيل” حتي تفاجئنا بالهجوم الذي لم نكن مستعدين له وتعرضنا للغدر وجنودنا كانوا مرهقين وقطعوا مسافات بعيدة.
كيف وقعت في الاسر؟
وصلنا شرق مهاجرية تعرضنا لكمين،وقررنا أن نتجه نحو جبل عدولة ب”11″ عربة لكن لحقت بنا القوات الحكومية بـ”85″ عربية بدأت المعركة لساعتين وفقدنا سياراتنا ومات من مات وتعرضت للأسر.
ظهرت في “فيديو” متداول تتحدث بشجاعه عن حقوق دارفور وضرورة إيجاد حل للمشكلة الم تكن تخشي من التصفية وأن تتحدث بتلك الطريقة؟
لا لم أكن أخشي من أي شئ بعد أن انقلبت السيارة التي كانت تقلني ودهسي بسيارة كسرت “أضلاعي” حتي ظنو بأنني توفيت وتفاجاؤا بأنني حي،وتحدثت بهذه الشجاعة.
كيف كان رد فعل القوة التي أسرتك وأنت تتحدث عن مطالبكم؟
رد فعل طبيعية عاملوني بطريقة جيدة ووفروا لي بعض العلاجات،فالحديث كان مؤثر فيهم،الي أن وصلنا نيالا لكن في نيالا تعامل معي أحد الأشخاص بطريقة مهينة ورفض ذهابي للمستشفي لتلقي العلاج،وحاولوا كسر إرادتي من خلال التعامل القاسي من أحد الأشخاص في مدينة نيالا.
وأين إتجه بك بعد نيالا؟
تم ترحيلنا للسجن الحربي في كرري وتعرضنا للتعذيب بالجوع والعطش حتي فقدنا رفاق .
ماهي الدروس التي إستفدت منها خلال فترة السجن؟
الفترة التي قضيتها في السجن علمتني شئ واحد أن الذي يقتل هو “اليوم” تعرضت بدهس بالعربة ولم أموت عذبت بالجوع والعطش لم أموت،تعلمنا الصبر علي الإبتلاء،وواحدة من الأشياء التي إستفدت منها خلال فترة السجن هو مواصلة تعليمي وحمد الله إجتزت إمتحانات شهادة الأساس بنجاح.
هل تنوي مواصلة دراستك بعد خروجك من السجن؟
نعم سأواصل دراستي.