الدكتور حمدي عبدالرحمن
تظاهر الرجل وهو يحمل مسبحته في إحدى يديه وفي الأخرى يرفع المصحف عاليا بأنه يحكم بمشيئة الله وإن أراد الله له أن يحكم غامبيا لمدة مليار عام فإنه سوف يفعل. قام بإضافة ألقاب عديدة لاسمه فهو طبيب يعالج الأمراض الخطيرة كما أنه بروفسور فيلسوف ولديه الحق الأفلاطوني في الحكم. أليس هو الحاكم الفيلسوف؟ بيد أن الأيام أظهرت كالعادة خداع هؤلاء الأدعياء الذين لبثوا ثياب الواعظينا, فمشوا في الأرض يهدوا ويسبوا الماكرينا. لقد جاء جامع إلى السلطة وهو ضابط صغير عمره 29 عاما ولم يولد وفي فمه ملعقة من الذهب. ها هو يخرج منها محملا بملايين الدولارات ويتبعه أسطول من السيارات الفارهة والسلع الرأسمالية التي غلا ثمنها وأمكن حملها. وعلى مدى أسبوعين من المماطلة في الرحيل وترتيب الملاذ الذي يمكنه من حمل مغارته معه تمكن يحي جامع من تنظيف خزائن الدولة فتركها خاوية وقد وصلت ديون هذه الدولة الصغيرة وفقا لمصادر من الحكومة الجديدة نحو مليار دولار. أين ذهبت هذه الأموال؟ كشفت تقارير مفصلة معلومات مذهلة حيث تورط مكتب الرئيس السابق في اختلاس الأموال الحكومية بشكل مباشر.
لقد دأب جامع على سحب الأموال من تراست بنك أوف غامبيا لتلبية حاجاته المترفة دون أن يكلف نفسه عناء ردها لهم. ومنذ عام2011، تظهر وثائق البنك بشكل واضح أن الرئيس جامع قد تعامل مع البنك كما لو كان خزينة أمواله الخاصة فقد كان الرجل عادة ما يرسل موظفي البروتوكول حاملين معهم شيكات مكتوبة بخط اليد تطالب البنك بمبالغ كبيرة سواء بالعملة المحلية أو العملات الأجنبية. لقد أضحى يحيى جامع أغنى رجل في غامبيا حيث امتلك أكثر من مائة مزرعة في مختلف أنحاء البلاد، بالإضافة إلى ما يقرب من مائة مبنى عقاري في مختلف أنحاء منطقة بانجول الكبرى وأجزاء أخرى من الطرف الشرقي من البلاد.
ادعى أمام كاميرات التلفاز الوطني أنه يقدم كهدية منه جميع السيارات أو المعدات المستخدمة في الأجهزة الحكومية بما في ذلك الملابس الرسمية والمركبات الخاصة بالجيش والشرطة. بالله عليكم أين هذا الحاكم الذي ينفق على حكومته من ماله الخاص؟ فضلا عن ذلك فالرجل يمتلك فندقا من ثمانية طوابق في غينيا كوناكري حيث تخلد إليه عائلة زوجته للراحة عندما تأتي من قصرها المنيف في أكثر مناطق واشنطن العاصمة ثراء، كما يمتلك الرجل المزيد من العقارات والأسواق في المغرب، حيث تقيم عائلة زوجته المغربية.
لقد اظهرت تحقيقات حكومة اداما بارو ان الرئيس جامع استولى على ما لا يقل عن 50 مليون دولار من أموال الضمان الاجتماعي، وعائدات الموانئ وشركة الاتصالات الوطنية. كما أنه قام بشراء طائرة خاصة بنحو 4 ونصف مليون دولار سلبها من صندوق التقاعد الحكومي. ونتيجة لذلك حرم العديد من أبناء غامبيا من معاشاتهم التقاعدية أو أنهم حصلوا على أقل من مستحقاتهم.
وحسبي الله