ايليا كوكو
كل شعارات الثورة السودانية راحت شمار في مرقه كما يقولون . و تراجعت الامال الكبيرة و انزوت الطموحات و التطلعات و كل الاماني الجميلة صارت مستحيلة و أضحت سراب يباب يبتعد كلما ظن الظمأن انه يقترب .
لا تغيير حدث و لا يحزنون . و لا حرية تحققت كما يدعون . و لا سلام في أرض الوقع تم فعلاً اذ يكفيك الجنينة يموت شبابها و سكان خيامها من النازحين . محرقة الارض تتجلي جداً و الحرب في دارفور تعود بأبشع صورها. العسكر يتقدمون ونذر الحرب ودق طبولها تطل مجدداً . و الحرية في بلادي منقوصة يعاد ادلجتها و تغبيشها و انتهاكها مجدداً و ما الالتفاف حول تغيير المناهج الا دليل علي تراجع ثورة التغيير الحقيقة . لا عدالة انجزت و لا حقوق ردت او اعتبارات اعيدت لأصحابها . رموز النظام البائد لم يتم تقديمهم للحكم و يتم محاكمتهم بصور رمزية لا تنم عن أي نوع من الجدية لأنصاف ضحاياهم المظلومين ابداً ، دعك من ما يدور في لجنة أديب و ما ادراك بلجنة اديب الخاصة بمجزرة فض الاعتصام امام القيادة العامة فالتلكوء و تسويف الوقت هو الا اصدق لما يدور خلف الكواليس .
الثوار قادمون أتون من الغياهب و ثورة الجياع ستعم كل الشوارع السودانية . كل المدن ستشتعل من تاني فلا تركنوا علي الصمت و الصبر الذي يسوده . فهذا الهدوء الحذر ليس الا الهدوء الذي سيعقبه عاصفة مدوية تجلجل كل الاركان في الحكم المتداعي . ففشل الحكومة الانتقالية بات جلياً واضحاً للجميع و لايمكن الاستمرار في مواصلة تغطية عورتها بأوراق التوت الجافة .
الاقتصاد السوداني اليوم يمر من سوء الي الاسواء و الجنيه السودان فقد قيمة ورقة طباعتة . فكل يوم جديد ينهار هذا الجنية و تزداد الاسعار بشكل مريع بات معه المواطن المسكين في حيرة من أمره . و كلما تكلموا عن تحسين معيشة الناس و معاشهم زادوا الطينة بله , و اشعلوا السوق و لا رقيب و لا حسيب .
تراجع الاقتصاد و انهيار الجنيه السوداني بصورة مريع و فشل كل المحاولات اليائسة في النهوض و التقدم و لو شبر واحد . هذا ما يحدث بالرغم من المؤتمرات الاقتصادية في الداخل و الخارج ، رغماً عن الدعومات و المساعدات الكثيرة لا تحسن و لا بارقة أمل بسيط ينبئ بالتحسن الي الافضل .
الحكومة الانتقالية أثبتت فشلها بجدارة تحسد عليها لكنها تمضي في غيها غير مبالية بتردي الاوضاع المعيشية للشعب السوداني . وصلت الامور الاقتصادية و المعيشية الي الحضيض و ما تبقي الا ان يقتات الناس أوراق الشجر ان وجدت او حفر بيوت النمل للحصوت علي القوت . الغلاء الفاشح و طمع التجار من يضبط و من يسأل او يكبح تكاد الحكومة السودانية ان تفقدة مسئوليتها ان لم تكن قد فقدتها فعلاً .
ثورة القوت و النقود و الوقود ستعود لا محالة هذه الثورة التي أسقطت نظام البشير تتهيأ لها كل الفرص و يفرش في طريقها الورود و الرياحين . فالحال السوداني جد متردي و صعيب و قاسي جداً علي المواطن البسيط و الجلاد القديم عاد بقبحه مكشراً عن انيابه مشمراً سواعده بالبسياطة يجلد في السودانيين بلا رحمة و لا تأخذه رأفة بصراخ الجوعي المعدمين المحرومين .
و ها حمدوك الذي عول عليه كثيراً في احداث التغيير الحقيقي يلف في فلك البرهان و حميدتي و الكباشي . حمدوك و هو صديق أبي احمد الذي أمن بتجربته و بشر السودانيين بالتجربة الاثيوبية في النمو و التقدم و الازدهار اليوم يتراجع . هذا الحمدوك أضحي فراشة تهوم حول النار التي ستلتهما فقد وقع في فخ العسكر و بات اليوم خصماً و عدواً لدوداً لأثيوبيا و رئيس وزرائها مسانداً قوياً للفتنة و الحرب مع الجارة الشقيقة و أخت بلادي و هو يحمل بيديه طبل الحرب اللعينة . و حمدوك و هو يدري او لا يدري بأن المستهدف الاول و الاخير من هذه الحرب لا قدر الله ان قامت هو الثورة السودانية و حكومته ستكون كبش الفداء لهذه الحرب . فالمشاكل في حدود بلادنا الشرقية مقدورة عليها بالتفاوض بين البلدين او اللجوء الي التحكيم الدولي و ليس بافتعال الحرب لصالح طرف ثالث ليس للسودان ناقة او جمل في اطماعه . الحكومة الانتقالية برئاسة دولة الرئيس حمدوك تثبت فشلها الذريع يوماً بعد اخر و تتعري من أغطيتها امام السودانيين بجلاء ووضوح بين .
الحركات المسلحة و ما ادراك بالحركات المسلحة التي باتت تهيم علي وجهها في الخرطوم فاقدة لبوصلتها و كل الاتجاهات امامها تنتهي الي كتابة نهاياتها بنفسها . هذه الحركات المسلحة التي هرولت الي الخرطوم راكضةً بتوقيع اتفاق محاصصة ناقص تجد نفسها مكلبشة لا تحرك ساكن و شعبها يباد في دارفور و الجنينة و هي واقفة تتفرج في انتظار كيكة لن تحصل عليها ابداً ابداً بدون سلام حقيقي كامل في كل ربوع السودان .
عامين كاملين من الثورة السودانية و الاوضاع و الامور كلها محلك سر فلا رحنا و لا جئنا بل زر الرماد في العيون بوعود كاذبة و عهود غير أمينة . حصاد الهشيم و ساقية جحا تشيل من البحر و تكب و تسقي البحر .
و لا حيلة للسودانيين و انت تجدهم يتمنون و يمجدون العهد البائد لا أعاده الله علي الاطلاق لكنها حيلة المستضعف يتمني جلاده القديم ليتحرر من الجلاد الجديد لكنهم في نهاية المطاف كلاهما جلاد لا خير في هذا و لا خير في ذاك انه هو هو الجلاد القديم الجديد الذي سيستمر في الهاب ظهرك باليساط متلذذاً بصراخك ونهيبك و بكائك . فالشعب السوداني البوم هو غريب في وطنه و فريسة لحكوماته تنهش بدنه و تأكل لحمه حياً .
فيا ايها الثوار الاحر هيا لمواصل المشوار تسقط ثالث و رابع لأنها لم تسقط ابداً ابداً . و الله المستعان من قبل و من بعد .