أبلغ رئيس الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مارك غرين رئيس جنوب السودان سلفا كير في محادثات بالعاصمة جوبا، أن الولايات المتحدة وبعد أربعة أعوام من الحرب الأهلية التي شهدت هجمات وحشية على مدنيين «تراجع الدعم» الذي تقدمه لهذا البلد الأفريقي.
وقال غرين في أول زيارة له إلى أفريقيا بصفته مسؤول ملف المساعدات في إدارة الرئيس دونالد ترامب، إنه دعا كير إلى أن يأخذ على محمل الجد جولة محادثات إقليمية جديدة بشأن السلام، ودعاه إلى وقف فوري لإطلاق النار.
والتقى المسؤول الأميركي برئيس جنوب السودان لمدة 45 دقيقة أول من أمس (الجمعة) لنقل رسالة صريحة من واشنطن، وسط مخاوف بشأن وقوع أعمال وحشية وتفاقم الاضطرابات وانعدام القانون ومعاملة وكالات المساعدات.
ويدل اللقاء على أن إدارة ترامب تعيد النظر في دعم سلفا كير الذي وصل إلى السلطة بدعم واشنطن عندما انفصل جنوب السودان الغني بالنفط عن السودان في العام 2011 بعد عقود من الصراع.
لكن أحدث بلد في العالم انزلق إلى حرب أهلية في العام 2013 بعد قرار كير الذي ينتمي إلى قبائل الدنكا، إقالة نائبه ريك مشار المنتمي إلى قبائل النوير.
وشهد الصراع ذبح مدنيين وجرائم اغتصاب واسعة النطاق. وقسمت الميليشيات العرقية البلد إلى أقاليم متصارعة.
وفر نحو أربعة ملايين شخص أي ثلث السكان تقريباً، من منازلهم مما أوجد أكبر أزمة لاجئين في القارة منذ جرائم الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. وفي العام الماضي انتقل القتال إلى الإقليم الاستوائي وهو سلة الخبز في جنوب السودان، مما تسبب في حدوث مجاعة لفترة ببعض مناطق البلاد مطلع العام الجاري.
وقال غرين في مقابلة كان محظوراً نشرها حتى يغادر البلاد لدواع أمنية: «حقيقة أننا ندعم شعب جنوب السودان لكن الموقف تدهور إلى الحد الذي يصبح فيه من الملائم أن نجري إعادة نظر جادة في السياسة الأميركية». وأضاف: «أبلغته (كير) أننا سنجري في الأسابيع القليلة المقبلة مراجعة كاملة لسياستنا تجاه جنوب السودان»، مؤكداً أن مناقشاته مع كير «أجازتها أعلى المستويات» في واشنطن.
والولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الإنسانية الضخمة التي تشرف على تقديمها الأمم المتحدة لجنوب السودان. وأنفقت واشنطن نحو 518 مليون دولار في العام الجاري، و2.7 بليون دولار منذ العام 2013.
وقال غرين إنه تحدث عن المخاوف الأميركية بشأن وصول المساعدات الإنسانية ومعاملة منظمات الإغاثة. ولقي أكثر من 80 عامل إغاثة حتفهم منذ اشتعال الصراع وشكت منظمات مساعدات من قيود تفرضها الحكومة على حركتها.
ولا يتفق كير مع التقييم الأميركي للوضع. ونفى أن تكون قوات الحكومة وراء العنف، وقال إن وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد ما زال سارياً منذ أيار (مايو).
وقال غرين وهو عضو جمهوري سابق بالكونغرس وسفير سابق لدى تنزانيا: «هو لا يوافق على تقييمنا بأن هناك مشكلات في وصول المساعدات الإنسانية… أريده أن يفهم أننا جادون في إجراء مراجعة».
وتحض جماعات حقوقية منذ وقت طويل الولايات المتحدة على التضييق على زعماء جنوب السودان وفرض عقوبات تستهدف الأفراد المسؤولين عن العنف.
وفشلت محاولة أميركية لاستصدار حظر على السلاح من الأمم المتحدة أواخر العام الماضي. وقالت الصين، أكبر مستثمر في حقول النفط المتضررة في جنوب السودان، إنها تعتقد أن الحظر لن يكون مفيداً.
وتسبب العنف في خفض إنتاج النفط وأحدث تضخماً جامحاً وهو ما يجعل الحكومة تواجه صعوبة في دفع الرواتب لجيشها الذي يلقى عليه باللوم في زيادة نهب المستودعات التي تخزن فيها المساعدات الغذائية.
وسافر غرين أمس السبت تحت حراسة مشددة، إلى مخيم تديره الأمم المتحدة يقيم فيه حوالى 32400 شخص في واو وهي رحلة تستغرق ساعتين بالطائرة من جوبا.
وتشير تقديرات إلى أن 220 ألف مدني يعيشون في تسعة مواقع تديرها الأمم المتحدة في أرجاء البلاد. والمخيم الكائن في واو تحت حماية الأمم المتحدة منذ حزيران (يونيو) 2016. وكل الأشخاص تقريباً الذين يقيمون في المخيم لهم منازل في واو لكنهم خائفون من العيش فيها.
وبعد ما شاهده في مخيم واو قال غرين: «أعتقد أن هناك مشكلات هائلة لعدم الأمن… بالتأكيد فإن الوضع لا ينسجم مع ما سمعنا» من كير.
وكرر غرين القول: «يجب على كير أن يتخذ إجراء عاجلاً لإنهاء عدم الأمن بتنفيذ وقف لإطلاق النار». وأضاف: «الرئيس يعتقد أن الوضع آمن وأنه يوجد أمن وأن عمال المساعدات الإنسانية ليسوا في خطر. ما شاهدناه في واو على النقيض تماماً من ذلك».
المصدر : رويترز