نيروبي – صوت الهامش
في أعقاب ثبوت استخدام قوات الأمن السودانية الذخيرة الحية والقوة المفرطة ضد المتظاهرين، بالإضافة إلى احتجزاهم تعسفياً، طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية السلطات السودانية التحقيق في جميع حالات القتل والإصابات وغيرها من الانتهاكات التي وردت في العديد من التقارير الصحفية، ومحاسبة المسؤولين عنها.
ويقدر النشطاء السودانيون والعاملين في المجال الطبي أن 40 شخصاً على الأقل قد قُتلوا ، بمن فيهم أطفال، منذ بدء الاحتجاجات في 19 ديسمبر 2018.
وقالت “جهان هنري” -مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش- : “من حق السودانيين الاحتجاج السلمي والتعبير عن آرائهم دون المخاطرة بالحياة أو الأطراف أو حبسهم” .
وأضافت: “يجب على الحكومة الإفراج عن المعتقلين، أو توجيه الاتهام لهم بما يزعمون أنهم فعلوه ، واحترام الإجراءات القانونية، وإجراء تحقيق كامل محايد في جميع الانتهاكات المبلغ عنها”.
وخرج المتظاهرون إلى الشوارع في عدد من البلدات والمدن في جميع أنحاء السودان للاحتجاج على زيادات الأسعار ودعوة الرئيس عمر البشير الذي يتولى السلطة منذ 29 عاما إلى التنحي .
كما تجدر الإشارة إلى أن “البشير” لا يزال مطلوبًا لدى المحكمة الجنائية الدولية بسبب تتهم تتعلق بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في “دارفور”.
ونشرت السلطات السودانية قوات الأمن الوطنية والشرطة وقوات الدعم السريع شبه العسكرية لقمع الاحتجاجات في العديد من الأماكن ،حيث استخدموا القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين العزل، وضربهم بالهراوات وإطلاق الذخيرة الحية والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.
ونوهت “هيومن رايتس ووتش” بأن عددًا من الصور ومقاطع الفيديو التي سجلها النشطاء وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعية وعلى المنافذ الإخبارية تظهر أن القوات الحكومية كانت تقود عربات مسلحة بأسلحة ثقيلة، وأطلقت الذخيرة الحية على متظاهرين غير مسلحين ومتفرجين، وكما ضربت مدنيين غير مسلحين .
وقالت في بيان اطلعت عليه (صوت الهامش) ، أن في كثير من الأحيان توفرت أدلة على إصابات دموية، حيث يُظهر أحد المقاطع التي سجلت بتاريخ 25 ديسمبر رجلًا مصابًا بعيار ناري في الرأس يتم نقله إلى المستشفى، حيث أطلق الرصاص عليه من قبل قناصة من أسطح المنازل.
وأفادت بأن قوات الأمن قد اعتقلت المئات من المتظاهرين – بما في ذلك صحفيين وأطباء وأساتذة الجامعات وأعضاء أحزاب المعارضة – من الشوارع والمكاتب والمنازل، بينما كانوا يحضرون الاجتماعات، حيث تم الإفراج عن العديد منهم بعد عدة ساعات، بينما لا يزال العشرات منهم رهن الاحتجاز دون توجيه اتهامات إليهم ودون السماح لهم باستقبال زيارات من عائلاتهم أو محامييهم أو أطباءهم، بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من إصابات بالغة، وفقاً لأقارب المحتجزين.
وقالت المنظمة أن جميع المعتقلين بلا استثناء عرضة لسوء المعاملة والتعذيب، حيث يشتهرجهاز الاستخبارات والأمن الوطني السوداني بارتكاب انتهاكات ضد المعتقلين – خاصة خلال موجات الاحتجاج المتكررة منذ عام 2011 ، بما في ذلك الاحتجاز المطول بدون تهمة والإساءة اللفظية والجسدية.
وكشفت المنظمة النقاب عن احتجاز مجموعة كبيرة من طلاب دارفور، بتهم موجهة من رئيس جهاز الأمن الوطني “صلاح قوس ” بالانتماء إلى “خلية تخريب” وهم معرضون للخطر بشكل خاص .
فمنذ الـ 20 ديسمبر، اعتقلت قوات الأمن أكثر من 50 طالبت من دارفور في غارات منزلية في “سنار” و”الخرطوم” ، وتحتجزهم في أماكن مجهولة، كما لم يُتهم الطلاب بأية جرائم، وفقًا لمحامين.
وطالبت المنظمة السلطات السودانية بالكشف عن مكان وجود الطلاب والإفراج عنهم فوراً، أو توجيه تهم إليهم بمخالفات ذات مصداقية وضمان حقهم الكامل في إجراءات التقاضي السليمة.
ويقر المسؤولون الحكوميون بأن 19 شخصًا قد قُتلوا وأن أكثر من 800 قُبض عليهم منذ بدء الاحتجاجات، إلا أنهم قد توجهوا باللوم على المتظاهرين و “المخربين” على حد وصفهم على العنف.
وفي 31 ديسمبر ، أعلن البشير عن فتح تحقيق في الأحداث، حيث علقت “هيومن رايتس ووتش” بأن أي تحقيق يجب أن يكون مستقلاً ونزيهاً وعاملاً وينتج توصيات للمساءلة الحقيقية.
وجدير بالذكر أن في عام 2013 ، أثناء حملة القمع العنيفة في السودان على الاحتجاجات ، قُتل أكثر من 170 متظاهرًا ، معظمهم بجروح ناجمة عن الطلقات النارية، لكن التحقيق لم يسفر عن أي محاكمات موثوقة.
وقالت “هنري” : “التكتيك المعتاد للعنف والانتهاكات لإسكات المعارضة لن يحل أي مشكلة من مشاكل السودان، يجب على قادة السودان أن يدعوا بشكل لا لبس فيه إلى وقف العنف ، والإفراج عن المعتقلين ، وضمان العدالة للضحايا ، والانخراط بشكل سلمي مع مخاوف المحتجين”.