كتب – صلاح خليل
أجرى رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد آبي أحمد، تعديلًا حكوميًا يوم الخميس الماضي، بتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة، كجزء من محاولة الإصلاح، بعد موافقة البرلمان الإثيوبي بإجماع الأصوات البالغ عددها 547، على هذه التشكيلة، التي شملت 10 وزراء
جدد، مع الإبقاء على 13 وزيرًا من الحكومة المنصرفة، التى تتكون من 29 وزيرًا، في حين تمت إعادة تدوير 6 وزارات فى الحكومة السابقة. وبناءً على ذلك، تتألف القائمة الجديدة لأعضاء الحكومة فى إثيوبيا، من رئيس الوزراء ونائبه، إضافة إلى 27 وزيرًا. فى الوقت نفسه جاء التعديل الوزاري الإثيوبي فى إطار، الخروج من الأزمة السياسية، وتنفيذًا لإصلاحات يطالب بها المحتجون، فى ظل تنامى الاضطرابات والاحتجاجات، التى شهدتها العديد من المدن الإثيوبية، التى تطالب بإصلاحات سياسية، وقتل فيها مئات الأشخاص على يد قوات الأمن.
يرتبط بما سبق عامل آخر هو الاستجابة لاحتجاجات ومظاهرات مناوئة لحكومة فى أجزاء متفرقة من إثيوبيا خاصة إقليمي “أروميا وامهرا” ذات الأغلبية السكانية، خلال الثلاث السنوات الماضية، تطالب بتوفير أجواء من الحرية والديمقراطية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وقد اندلعت احتجاجات فى مناطق عدة بإثيوبيا، تطالب بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومة.
وشملت أبرز التغييرات وزير الدفاع، باعتبار هذا المنصب الأقوى فى إثيوبيا، لا سيما أنه يتولى الإشراف على حالة الطوارئ، فتم تعين موتوما ميكاسا وزيرًا للدفاع، فهو من إقليم الأورومو، فضلا عن أنه كان أحد أهم الرموز الوطنية الأورومية، التى قادت الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت فى عام 2016، والتي أدت إلى فرض حالة الطوارئ لمدة 6 أشهر، فيما أصبح وزير الدفاع السابق سراج فيجيسا وزيرًا للمواصلات والنقل، فيما احتفظ وزيرا الخارجية والمالية بمنصبيهما اللذان يشغلانه منذ عام 2016.
ويبين الجدول أدناه الوزراء والأقاليم التي ينحدرون منها:
فى الوقت نفسه، قام رئيس الوزراء، بتعيين 9 مكاتب فيدرالية للحد من انتشار المحسوبية، والتركيز على محاربة الفساد، ومعالجة الكسب غير المشروع، وتبسيط البيروقراطية كمركز تنسيق بناء النظام الديمقراطي بدرجة وزير، رئيس مكتب شئون مجلس الوزراء ووزير شؤون مجلس الوزراء، مستشار شؤون الأمن القومي لرئيس الوزراء، مدير عام مركز الدراسات والبحوث السياسية بدرجة وزير، رئيس أكاديمية ميليس زيناوي القيادية بدرجة وزير، المدير العام للمؤسسة تابعة لوزارة الدفاع (METEC)، مدير عام وكالة أمن شبكات المعلومات (INSA)، وأخيرًا المفوض العام للجنة الشرطة الفيدرالية. وجميع هذه المكاتب تعمل من خلال وزارته فى تنفيذ أجندة إصلاح التى تبناها رئيس الوزراء الجديد فى إعادة تشكيل حكومته الحالية.
وأضاف رئيس الوزراء الجديد، سوف نكون قادرين على الاستجابة لمطالب الشعب الإثيوبي، وهذا أحد الدوافع وراء التعيين والتعديل الوزاري الأخير، مشددًا خلال زيارته للإقليم الصومالي، على ضرورة الوحدة بين المجموعات العرقية المختلفة، من أجل توسيع دائرة الحقوق السياسية والمدنية فى المستقبل. وفي الواقع، أبرز التشكيل الجديد توسيع مشاركة المرأة في المناصب الوزارية، فتقلدت انتخاب مفارهات كميل أول امرأة مسلمة تتولى رئاسة مجلس النواب الإثيوبي، خلفًا لابادولا جيميد، الذي أصبح مستشار شؤون الأمن القومي لرئيس الوزراء، فضلا عن أن التشكيل تم وفقًا للتمييز الإيجابي، فحصل إقليم أروميا على 12 وزارة، بينما حصل إقليم جنوب إثيوبيا على 7 وزارات، وإقليم أمهرا على 5 وزارات، ثم إقليم تيجراى على ثلاثة، وإقليم الصومال على اثنين، وأخيرًا إقليم عفار على وزارة واحدة، واحتفظ ديمكيى مكنون من إقليم أمهرا، بمنصب نائب رئيس الوزراء.
كما يمكن ملاحظة أن هذا التشكيل نواة حقيقية فى تفكيك النشاط السياسي والعرقي لقومية التيجراى، وهى فى الحقيقة شعور قوى لدى كثير من الجيل الحالي فى إثيوبيا، يرجع ذلك لعدد من الأسباب:
أولا: الإرهاب الذي استخدمته قومية التيجراى فى ممارسة العنف ضد المدنيين والنشطاء السياسيين لخلق حالة من الخوف والرعب لتحقيق الطموح السياسي والمالي.
ثانيا: الفاشية والنظام الاستبدادي، وتوظيف القوميات للقضاء على الخصوم بالقوة للسيطرة على الاقتصاد والسلطة.
ثالثا: استحوذت جبهة تحرير تجراى على الثروة من خلال الفساد وإنشاء شركات وشبكات غير قانونية من أجل التمكين على مدار 27 سنة الماضية.
خلاصة يمكن القول من وجهة نظر العديد من مراقبي الشأن الإثيوبي، أن الحقائب الوزارية التي حصلت عليها قومية الأورومو فى التشكيل الأخير هو الخيار الصحيح، باعتبارهم الأغلبية، فضلًا عن أن إقليم أروميا، كان مركزًا لحركات الاحتجاج على مدار السنوات الماضية.
ويمكن القول بأن هذا التشكيل ينذر ويهدد سيطرة الأقلية الحاكمة على السلطة 27 عامًا، إلا أن هناك بعض التحليلات التي تشير إلى أن التعديل الوزاري، الذي تم إعلان أنه فك طلاسم الوزارات السيادية، التي ظلت قومية التيجراى تسيطر بها على مقاليد السلطة منذ عام 1991.