عبدالله موسى
عقد ملتقى الصحفيين والاعلاميين بالمملكة المتحدة وإيرلندا يوم أمس السبت الموافق العاشر من ديسمبر 2016 بلندن ندوة بعنوان ” تحديات الوضع الراهن في ظل مخرجات الحوار الوطني” والتي شهدت نقاشا ساخنا بين المشاركين والحضور الذين يمثلون أحزابا وقوى سياسية ومجتمعية، بفعل تباين بعض وجهات النظر حول القضايا التي يجري نقاشها، وكان المتحدث الرئيسي بها صاحب السيرة الذاتية الطويلة في العمل السياسي رئيس الجبهة الوطنية العريضة، والقائد الأول للحزب الاتحادي الديمقراطي- وفق قوله- الأستاذ على محمود حسنين، وبمشاركة كل من الأستاذ إسماعيل عيسى، عضو حزب العموم، والدكتور صلاح بندر، أكاديمي وباحث في الشأن السياسي ومهتم كذلك بقضايا المجتمع المدني.
أدار الندوة مولانا أبوبكر عمر أحمد البشير، المستشار القانوني للتجاني السيسي، وهو من خريجي جامعة الخرطوم في العام 1977 وتدرج في العمل القانوني وعمل بمكتب النائب العام حتى العام 1990 والذي شهد آخر وظيفة له في عهد النظام الحاكم، هذا وقد استهل تقديمه للندوة مرحبا بالحضور والجهة المنظمة وبمركز The Muslim Cultural Heritage Centre مستضيف الندوة، قائلا : ” إن هذه الندوة تأتي اليوم للتحدث عن مخرجات الحوار الوطني والتطرق للحراك السياسي القائم ولمناقشة ماذا سيقدم وما هي الخطوة القادمة لاسيما والشعب السوداني يتجه بتعبيره الحضاري وموقفه الواعي نحو رفض لسياسات النظام الحاكم والعمل من أجل التغيير.
أستهل الأستاذ على محمود حسنين الحديث مقدما استعراضا تاريخيا للحراك السياسي السوداني مرورا بموقف الجبهة الوطنية الثابت بالنسبة لموضوع الحوار الذي أجرته الحكومة مع أحزابها انطلاقاً من موقفها الثابت في ضرورة إسقاط النظام وإقامة البديل الديمقراطي على أنقاضه، وقال نحن نرى أن النظام غير قادر على فعل شيء وهو الآن يتهاوي وأنا أقسم على ذلك وحاسبونا على هذا القسم، وأي حديث وحوار مع هذا النظام لا يمكن أن يهدف مطلقاً إلى تغييره أو إزالته، ولكنه يهدف في النهاية إلى الإبقاء على النظام والمؤتمر الوطني. وهذا بالطبع لا يمكن أن يحل القضية السودانية مطلقاً ونحن نرى أن هذا النظام جاثم على الشعب السوداني مرتكبا من الأخطاء والموبقات ما كاد أن يضيع السودان كله بعد أن ضاعت بعض أجزائه، والحل أن يذهب هذا النظام بعد محاسبته على جرائمه لذلك نحن نرفض أية تسوية من هذا المنطلق. بعض القوى السياسية الأخرى تريد أن تكون جزءا ًمن هذا النظام هؤلاء الذين حاوروا النظام ليسو سوى (منلوجات)، وفي اعتقاد الكثير من المراقبين -واذا تجاوزنا ذلك- ماهي المخرجات التي جاء بها حوار الطرشان سوى استحداث وزارة جديدة أطلق عليها وظيفة رئيس مجلس الوزراء لا صلاحية لها، كما لا وجود لأي تعديلات في الدستور مع الاحتفاظ بهيكل النظام الحاكم كما هو .. ونستطيع القول بأن أهم ما خرج به ما يسمى الحوار هو إعلان إفلاس النظام وذلك من خلال سياسات رفع الدعم عن كل شئ حتى عن الماء مع العلم بأن في الأصل لا توجد أية دعومات ، الحكومة هي التي تحتاج للدعم على جهازها الأمني القمعي وعلى جيوشها الدستورية وعلى فسادها وفساد أقرباء وأخوان الرئيس.
وعن دور المعارضه في المرحلة القادمة أكد حسنين بأن المعارضة التي طرحت في الماضي إسقاط النظام وأنا اتهمها بأنها لم تكن جادة لأن هذه المعارضة عمرها لم ترفض الحوار مع النظام والذين ينادون بالحوار مع النظام لا يريدون إسقاطه، لأن الإسقاط والحوار خطان متوازيان لا يتلقيان وهذا أدى إلى ضعفها من جهة وبقاء النظام من جهة أخرى، وعليها الآن أن تحدد بوضوح وبطريقة استراتيجية وحاسمة هل تريد محاورة هذا النظام لتحسين حاله أم تريد إزالة هذا النظام فلا تجلس معه ولا تتحاور، لذلك المعارضة التي تقول إنها فشلت وهي لم تفشل ولكنها أصلاً لم تحدد هدفها لتفشل فيه هي الآن ترفع راية إسقاط النظام كنوع من الميثاق السياسي ومخاطبة وجدان الشعب السوداني، المعارضة موجودة .. وهي جماهير الشعب السوداني التي أعلنت يوم 27 نوفمبر 2016 لرفضها لسياسات النظام عبر اعتصامها الناجح وهو بروفه لعصيان قادم يأخذ عبره في معركة اعلان الاستقلال من داخل البرلمان عصيان قادم في 19 ديسمبر 2016 ينظمه الشعب بدعم من جميع القوى وأنا لا أتحدث عن قيادات معارضة لأنها غير جادة لإسقاط النظام بدليل أن أي حزب سياسي يوافق على الحوار مع النظام أنا أشطبه من خارطة الذين يريدون إسقاط النظام ، أنا أجزم أن 60 % من الشعب السوداني غير منتمي إلى كيان سياسي، و انتفاضة سبتمبر 2013 شاهد على ذلك ،الشعب السوداني هو المعارضة ونحن في الجبهة الوطنية العريضة نرى أن المعارضة هي الشعب ونحن جزء من هذا الشعب نحن كل سبيل نريده أن نوثق العمل ونقنن الثورة الشعبية لتكون على منهج وبرنامج وليست فوضوية تهدف لإسقاط النظام ونحن نريد إسقاط النظام وإيجاد البديل الديمقراطي المفصل كاملاً مكتوباً على أوراق الجبهة الوطنية العريضة التي أجازها مؤتمر الجبهة الوطنية العريضة.
واختتم الأستاذ على محمود حسنين حديثه بقوله الشعب السوداني الآن يريد أن يتصدى بيده هو ولا يريد بديلاً، وهو صاحب الحق وهو الذي يعاني بطشاً وجوعاً وتشريداً وقتلاً، لذلك آن الأوان له أن يأخذ حقه بيده دون أن يوكلها لزعيم ظل يبحث عن مصالحه. نحن نقاتل أساساً مع هؤلاء الشباب من أجل إزالة النظام وإقامة البديل الديمقراطي، وعلى الشباب أن يعلموا أن هذا وطنهم وهم الذين سيستفيدون من البديل الديمقراطي وهم الذين يقررون مصيرهم نحن نساعدهم ونحن في طريقنا إلى الفناء لا نطمع في شيء غير أن نرى وطناً معافى ديمقراطياً يقوده شباب وطنيون حقيقيون.. صادق تحياتي للشعب السوداني ويجب عليه أن يكون كما كان وألا يصاب بالانهزامية والإحباط مما يجري من بعض قياداته نحن ننظر للجيل الجديد وهو أكثر قوة من جيلنا ولكنه يفقد كثيراً من القدوة التي وجدناها نحن من قيادتنا في الماضي .. نأمل أن يتوحد الشعب ويضع الثقة في نفسه وهو قادر على أن يحقق المستحيل..
الأستاذ إسماعيل عيسي عن حزب العموم السوداني أمن في حديثه على حديث الاستاذ على محمود حسنين ومؤكدا على موقف الحزب كأوجب أولوياته مع جماهير الشعب السوداني العمل على إسقاط النظام ورفض الحوار والحلول التلفيقية التي تطيل عمر النظام حسب قوله، مستعرضا لتجاوزات النظام السياسي والأمني كما طالب الجماهير اللحاق بموكب الثورة والانضمام لجهود الشباب ودعم الاعتصام مناديا بأهمية تشكيل قيادات من أوساط هذا الحراك تعمل على توحيد الخطوات تفاديا من الانزلاق في الفوضى والاعتبار بتجارب الدول مثل سوريا والعراق وليبيا..
وختم حديثه حول جهودهم في الحراك السياسي بقوله بأننا قمنا بتأسيس حزب العموم وهو حزب حديث انطلقنا في تأسيسه منذ العام 2005م وحتى تاريخ إعلانه في 10/10/2016، ونحن لسنا بديلا للأحزاب السياسية القائمة وسننافسها بعد إسقاط النظام بنهج ديمقراطي شفاف نسعى من خلاله إقناع الناس وتنويرهم بالبرامج والمشروعات وهذا في نظرنا أهم من حشد العضوية، وبالطبع مكاننا الطبيعي لعملنا هو داخل الوطن وسنعمل على تفعيل عملنا تدريجيا…
د. صلاح بندر تحدث عن الوضع الراهن في اتجاهات وتحديات تتطلب قراءة المحاور الأربعة وهي الوضع الراهن الحقيقي والدور الحكومي لهذه التحديات ودور المعارضة ثم النظر للدور الإقليمي في أهمية الوقوف على حال أهل السودان في قضايا اللجوء والنزوح وتوحيد الصف والكلمة لإعادة ملف القضية السودانية في كل مناطق التضرر إلى المجتمع الدولي، لاسيما ومعاناة المجتمع الدولي واهتمامه في تلك القضايا ، قضايا الهجرة والإرهاب .. كما لا يجب أن نفصل طبيعة الوضع الإقتصادى وأزمته بعيدا عن تلك السياسات الراهنة حيث المفارقة الواضحة لما إتسمت به من إخفاقات فى تنمية القدرات الإنتاجية لموارد البلاد وعدم توظيفها بما يخدم بنية الاقتصاد .. فالأزمة اقتصادية تأخذنا في عمقها إلى الآثار الاجتماعية.
ونبه بندر إلى ضرورة عدم الخلط بين النظام وبين السودان فهنالك فرق كبير بينهما، ذاكرا بأن النظام عمره 39 عاما منذ المصالحة الوطنية في العام 1977 وأن الاعتراف بهذا المكون ضرورة لا بد منها كونها واقعا موجودا ومعاشا.. وعن حديثه حول تحديات المعارضة استعرض سيادته عدد من سلبياتها أجملها في عدم وجود مركز موحد لها يرسم تصوراتها ويتفق كحد أدنى مع المكونات الأخرى مضيفا بأن حركة المعارضة السياسة تجاوزتها حركة الشارع السوداني.
واستعرض في آخر حديثه المسؤولية المُلقاة على عاتق كل سوداني وسودانية داخل الوطن وعن دورنا كسودانيين في الخارج لطرق جميع الأبواب بإقامة وقفات ومظاهرات وندوات واجتماعات مع منظمات وحكومات ومسئولين لإسماع صوت من لا صوت لهم للرقي بقضايانا العادلة في أروقة صنع القرار العالمية، ودعا الحضور للخروج في المظاهرة التي دعت لها الجالية في السابع عشر من ديسمبر احتجاجا وتضامنا مع الواقع السوداني وذلك أمام السفارة السودانية والبرلمان الانجليزي.
وفي الختام قدم إنابة عن الملتقى الأستاذ على عبد الرحمن والأستاذ خالد الأعيسر والأستاذة شادية حامد، قدموا الشكر للحضور على تلبيتهم الدعوة، آمِلين من الجميع الوقوف صفا واحدا يعي الصعوبات المستقبلية التي تواجهنا وان تتكاثف الجهود في الفترات المقبلة من أجل التعجيل بإسقاط هذا النظام، وايجاد البديل الديمقراطي وعيا وسلوكا يحقق تطلعات الشعب السوداني.
[email protected]