سامح الشيخ
يركز معظم كارهي النظام على الضائقة المعيشية والاقتصادية لتأليب الجماهير في حين أن التأليب على التغيير يجب أن يكون متماشيا مع الشعار المرفوع للتغيير لأنها هي الأسباب التي يجب أن يثور الناس من أجلها. إن لم يثور الإنسان من اجل الكرامة لن يكون هنالك حرية او سلام أو عدالة وسيظل قابعا في عبودية الديكتاتورية مدة الأزمان .
هنالك استرقاق نفسي لكثير من السودانيين لمنظوماتهم الحزبية ومرتكزاتها الفكرية أو للمرتكزات الفكرية والايدلوجيات التي نشأت في مجتمعات غير مجتمعاتنا لذلك قد تكون ناجحة في البلاد التي نشأت فيها لانها افكار بنت بيئتها ومجتمعها . ظل كثيرين في إصرارهم العنيد نتيجة لقرائتهم الكثيرة وحفظهم أدبيات غير سودانية وصلوا معها حد الهيام يريدون اقلمة هذه الأيدلوجيات دون النظر للواقع فحتى حين ينظرون للواقع يسترجعون الفترة المهدية بين قادح ومادح فيما ليس منه فائدة في تحقيق شعار حرية سلام وعدالة ، تجدهم يصرون على أن المشكل اقتصادي والباقي كله إفرازات الواقع الاقتصادي في حين أن الأمر يتعلق بالهيمنة الاسلاموعروبية اي السلفية للدين الإسلامي على العقول وهذا الأمر لا يناقشه كثيرا ممن يريدون التغيير لحساسيته أو لربما خطورته .
تعتبر المرافعة التي ألقاها الأستاذ محمود محمد طه امام المحكمة التي قال فيها( إن قوانين سبتمبر هي قوانين مخالفة للشريعة وللاسلام واكثر من ذلك فإنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ونفرت عنه يضاف إلى ذلك أنها وضعت واستغلت لإرهاب الشعب وسوقه الى الاستكانة عن طريق اذلاله وهددت وحدة البلاد ) ثم وجه انتقاده الى المؤسسة القضائية في ذلك الوقت ووصفها بالضعف الأخلاقي وعدم التأهيل الفني لعلمهم بأنها انتهاك للحقوق والعهود الدولية وأنهم برغم دراستهم للحقوق يساهمون في اضاعتها بالاستجابة للسلطة وتنفيذ قوانين كانت تصلح للحكم قبل الف وأربعمائة عام
هذا الاقتباس مهما اختلفنا أو اتفقنا حوله فهو معني بمسألة الحرية والعدالة والسلام وهو الحديث الذي لا تخوض فيه الأحزاب السياسية بالتفاصيل عن كيف ان قوانين سبتمبر أدخلت البلاد في ظلمات كما وصفها الاستاذ امين مكي مدني في احتفالية الحركة الشعبية بالمقرن عام ٢٠٠٥ بقوله ( وبتطبيق تلك القوانين بدأ عهد ظلامى لا علاقة له بالدين ولا الاخلاق ولا القانون وانما كان محض ارهاب ، وقال مكى انه وفى خضم هذه الاجواء وحينما وجم الجميع تصدى الاستاذ محمود لذلك وعرى الاوضاع القائمة من ان تكون لها صلة بالدين الاسلامى ، الامر الذى جعل النظام بشقيه «الهوس الدينى والطغمة الديكتاتورية» يدبرون المحاكمة بليل للاستاذ من اجل اسكاته ).
لا يخشى النظام كثيرا من الأحزاب السياسية التي يهمها الوضع الاقتصادي اكثر من التنوير وانسنة القوانين الإسلامية وموائمتها مع العصر وحقوق الإنسان العصرية مثلما يخشي من الحزب الجمهوري وفكرته التي تهدم قوانين سبتمبر التي مازالت موجوده لذلك هو حزب محظور وممنوع من ممارسة نشاطه . اذا أرادت المعارضة أن تسقط النظام عليها النظر عن أسباب خوف النظام من أفكار الجمهوريين .فالفكر الجمهوري لا يخاف منه النظام السوداني فقط بل يخافه معظم الدول الإسلامية والعربية لانه محاولة تسعى لتحرير العقول من مدرسة النقل الاسلاموعروبية التي عززت الاسترقاق النفسي للأنظمة الديكتاتورية وعدم الخروج والتمرد ضد الظلم وايضا للأحزاب السياسية التي تدعي ممارسة الديمقراطية ولا تمارسها .لهذا كله تجد أن من يحتفي بفكر الاستاذ هم في غالبيتهم من غير المسلمين لانه نادي بإدارة التنوع برؤية غير منحاز للعروبة والدين بشكل متعصب .
مازالت كثير من النخب المؤثرة في في العالمين الاسلامي والعربي تتباكي على عهود جعفر نميري والقذافي وبن علي وحسني مبارك وخاضعة في منطقة الاسلام السلفي لسلطة ملوك وامراء يديرون دول الجزيرة العربية بعقلية شيوخ القبائل وفي السودان يتحدثون عن شجاعة صدام حسين في مواجهة الاعدام ويعدونها بطولة غير مسبوقة ولا عزاء لابتسامة سودانية زانت وجه محمود محمد طه وهو واقف بشموخ امام الجلاد.