النظام السوداني عندما شن الحرب في جبال النوبة/جنوب كردفان في عام 2011 ، كان يحتاج لست ساعات فقط حسب الإستخباراتية العسكرية لتجريد الجيش الشعبي من سلاحه وملاحقة الفارين منهم حتى العاصمة جوبا ، وفي حالات الضرورة القصوى مطاردتهم حتى داخل الأراضي اليوغندية للقبض عليهم وتقديمهم للمحامكمة. لكن رياح النظام أتى بما لا يشتهيه جيشه ، وذلك بعد أن هزم الجيش الذي كان يسعى لتجريد الجيش الشعبي شر هزيمة وهزمت من بعده كل المليشيات التي جاءت لإنقاذ القوات الهاربة من ميادين القتال والمعارك.
وفي الفترة من 2011 وحتى 2014 ، كان النظام في الخرطوم يستجدي المجتمع الإقليمي والدولي والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوربي للتوسط بينه وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال/الجيش الشعبي لإيجاد حل للحرب المشتعلة في المنطقتين (جبال النوبة/النيل الأزرق). لكن ولأن موقف الحركة كان قوياً عسكريا وميدانيا ، كان ردها على الوسطاء والأمريكان دائما واضح وضوح الشمس ، وهو أن نظام البشير غير قابل للإصلاح لأن اساسه خاطئ وأن استقرار السودان لن يكون إلآ من خلال الخلاص منه وهيكلة الدولة السودانية.
قد أكد تحالف (كاودا) الذي تأسس في عام 2012 من ثلاث حركات مسلحة (الحركة الشعبية ،حركة تحرير السودان “مناوي”، حركة تحرير السودان “عبدالواحد محمد نور”) ، أكد هذا التحالف على اسقاط النظام وهيكلة الدولة السودانية…وأكدت الجبهة الثورية السودانية أيضا التي تكونت في عام 2012 في ميثاقها على اسقاط النظام وهيكلة الدولة…كما أكد ميثاق الفجر الجديد في عام 2013 على ضرورة ارسال نظام الخرطوم إلى مزبلة التأريخ وتأسيس دولة المواطنة والقانون والتعددية الحزبية.
إذن ، رفاقنا في الحركة الشعبية لتحرير السودان حتى وقتٍ قريب جدا ، كانوا ماشين كويسين بتبنيهم لمطالب الشعوب السودانية عامة وشعب المنطقتين بصفة خاصة. في مارس من هذا العام رفضت المعارضة السودانية بما فيها الحركة الشعبية التوقيع على خارطة الطريق الأفريقية بحجة أنها تناقض قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي، وتنحاز لرؤية الحكومة المعلنة بقصر الأمر على المؤتمر الوطني وبعض القوى الأخرى. لكنها الآن -أي المعارضة ومعها رفاقنا في الحركة الشعبية انقلبوا على انجازاتهم الكبيرة بإصدار بيان تلو بيان يتناقض مع بعضه البعض في المضمون والمحتوى حتى أصبح جماهير الحركة وقواعدها في حيرة من أمرها وتطرح أسئلة لا نهاية لها.
ففي بيان مذيل بإسم مالك عقار اير (تعهدت الجبهة الثورية السودانية ـ جناح مالك عقار، بأن لا تكون طرفا في حوار يبقي على نظام الحكم الحالي ولا يلبي تطلعات السودانيين في بناء دولة المواطنة). وقبل أن نمضخ هذا البيان القوي جدا، ظهر لنا بيان آخر منسوب للحركة الشعبية يقول في جزئية منه ((نحن معنيين بإنجاح اجتماعات أديس أبابا التي يجب أن تؤسس لحوار متكافئ يؤدي إلي سلام عادل يبدأ بوقف الحرب واجتماع تحضيري يتم فيه الإتفاق على إجراءات سليمة تضعنا في عملية سياسية شاملة عبر حوار متكافئ يخاطب الأزمة الإنسانية ويوفر الحريات ويوقف الحرب، كإجراءات مهمة لتهيئة المناخ، والإتفاق على هياكل وطريقة إدارة الحوار الوطني الذي سينتهي بدستور ديمقراطي وانتخابات ديمقراطية، وإجراءات انتقالية تنقل بلادنا من الشمولية الي الديمقراطية ومن الحرب الي السلام))… والسؤال هو كيف يقولون في بيان لهم بأنهم ليسوا طرفا في حوار يبقي على نظام الحكم الحالي ولا يلبي تطلعات السودانيين في بناء دولة المواطنة، وفي بيان آخر يقولون بأنهم معنيين فقط بإنجاح اجتماعات أديس أبابا التي يجب أن تؤسس لحوار متكافئ يؤدي إلي سلام عادل يبدأ بوقف الحرب واجتماع تحضيري يتم فيه الإتفاق على إجراءات سليمة تضعنا في عملية سياسية شاملة عبر حوار متكافئ يخاطب الأزمة الإنسانية ويوفر الحريات ويوقف الحرب، كإجراءات مهمة لتهيئة المناخ، والإتفاق على هياكل وطريقة إدارة الحوار الوطني الذي سينتهي بدستور ديمقراطي وانتخابات ديمقراطية، وإجراءات انتقالية تنقل بلادنا من الشمولية الي الديمقراطية ومن الحرب الي السلام؟؟!!.
مش ممكن يا جماعة أن تقول بأنك غير معني بأي عملية تبقي على النظام الحالي ، وفي نفس الوقت تقول أنا معني بحوار متكافئ ، يعني إنتو عاوزين تحاوروا النظام عشان يرحل ولا قصدكم شنو !!..وما المقصود بالحوار المتكافئ؟.
ما هو موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان اليوم كمؤسسة وكتنظيم وكسودان جديد من خارطة الطريق الأفريقية ومن مجمل القضايا الإقليمية والدولية؟..
والسلام عليكم..