جنيف _ صوت الهامش
حذر تقرير حديث تناول تطورات الوضع في السودان، من احتمالية أن يواجه السكان خطر ارتكاب جرائم وحشية جماعية بسبب العنف الذي ترتكبه قوات الأمن السودانية والميليشيات التابعة لها ضد المدنيين العزل.
وأكد التقرير الصادر عن “المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية “، على أن المظاهرات التي اندلعت في مدينة عطبرة في الـ 19 من ديسمبر الماضي قد لاقت انتشاراً في جميع أنحاء البلاد، وشملت شرائح واسعة من المجتمع السوداني تضمنت معلمين وطلاب ومحامين وأطباء.
ورداً على ذلك، استخدمت قوات الأمن القوة المفرطة ضد المحتجين، ولقي حوالي 50 شخصًا من المحتجين مصرعهم برصاص تلك القوات، كما اعتُقل الآلاف.
وأفاد “المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية” في تقريره ، الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) ، بأن النزاع المسلح والمتكرر في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور يشكل تهديدًا واضحًا وصارخًا للمدنيين.
وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن ما بين 90 ألف إلى 450 ألف شخص من النازحين داخلياً انتشروا في جميع أنحاء دولتي السودان وجنوب السودان، بينما فر ما يقرب من 690 ألف شخص إلى البلدان المجاورة.
وفي الوقت نفسه، أسفرت المصادمات في دارفور بين الحكومة وجيش تحرير السودان – عبد الواحد في منطقة جبل مرة عن ارتفاع مستويات العنف الجنسي والجنساني فضلاً عن حرق القرى كما يضيف التقرير.
وسلط التقرير الضوء على الفشل المتكرر الذي يلاحق الحكومة السودانية في اتفاقات الوقف الدائم للأعمال العدائية، كان آخرها خلال عام 2016، بعد أن وقعت الحكومة السودانية وبعض المعارضة إتفاق خارطة الطريق التابع لفريق الاتحاد الأفريقي رفيع المستوى بهدف إنهاء النزاعات في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، لكنها فشلت في وضعه حيز التنفيذ.
وأشار التقرير أن الحكومة السودانية تواصل عرقلة قوة حفظ السلام المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) من القيام بمراقبة حقوق الإنسان، حيث قُتل أكثر من 70 من قوات حفظ السلام المختلطة على أيدي الجماعات المسلحة منذ عام 2008 ،.
واعتبر “المركز العالمي للمسؤولية عن الحماية” أن حالة الطوارئ والعودة إلى الحكم العسكري، يعتبر في حد ذاته تهديد لحقوق الإنسان لجميع السكان في السودان.
وعلى الرغم من وقف إطلاق النار الحالي في جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلا أن الحكومة السودانية تتحدي باستمرار الضغط الخارجي لمحاسبة الجناة الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية ، في حين أن المستوى العام للعنف في دارفور قد انخفض منذ عام 2016، فإن العديد من المناطق، وخاصة “جبل مرة” ، ما زالت تحتاج إلى وجود قوي لحفظ السلام.
وفي هذا الصدد، أوصى المركز في تقريرة بضرورة استمرار الضغط الدولي لضمان تمسك حكومة السودان بمسؤوليتها عن الحماية وتحمل مسؤولية جرائم الماضي الوحشية.
وذكر التقرير في هذا الصدد عددًا من الاستجابات الدولية، كان من بينها اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 58 قرارًا على الأقل بشأن السودان منذ عام 2004، ومعظمها لم يتم تنفيذه بالكامل.
وفي 29 يونيو، اعتمد مجلس الأمن القرار 2429 ، الذي مدد ولاية يوناميد حتى 30 يونيو 2019 وفرض استمرار التخفيض التدريجي لليوناميد.
وبعد إحالة من مجلس الأمن الدولي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بين عامي 2007 و 2014 أوامر توقيف بحق ثلاثة مسؤولين حكوميين سودانيين، بما في ذلك مذكرات متعددة للرئيس “عمر البشير” و “أحمد هارون” واثنين من قادة الميليشيات المناهضة للحكومة، على الفظائع التي ارتكبت في دارفور، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، مع العلم أن جميع المشتبه بهم ما زالوا طلقاء.
كما فرض مجلس الأمن الدولي حظراً للأسلحة على دارفور منذ عام 2004 وحظرًا السفر وتجميد الأصول ضد ستة أفراد منذ عام 2006، كما شهد شهر أكتوبر من عام 2017 رفع الولايات المتحدة العقوبات التي كانت قد فرضتها على السودان.
وفي توصيات التقرير طالب المركز حكومة السودان بوضع حدٍ لاستخدام القوة غير المتناسبة والمميتة ضد المتظاهرين العزل، كما ينبغي أن تفرج فوراً عن جميع الأفراد المحتجزين بسبب التظاهر السلمي.
ولفت المركز إلى وجوب التنفيذ الكامل للاتفاقية وإنهاء الأعمال القتالية المسلحة بشكل دائم في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق من قبل جميع الموقعين على خارطة طريق.
وركز التقرير في توصياته على ضرورة مراقبة مجلس الأمن الدولي للوضع الأمني المحفوف بالمخاطر في دارفور عن كثب، خاصة بعد إعادة تشكيل العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور.
بالإضافة إلى ذلك، طالب المركز في توصياته مجلس الأمن الدولي بدعم الجهود الرامية إلى تقديم المتهمين إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى العدالة، وبالتعاون مع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عن طريق منع الرئيس البشير من دخول تلك الدول.