الكمالي كمال
الطرح الذي تقدمت به الحركة الشعبية حول القوات المسلحة ” جيش مهني واحد ” في مفاوضات أديس أعاد فتح ملفات عديدة تم تناولها سابقا في منابر عده منها قومية مؤسسات الدولة و إعادة المفصولين و مفصولي القوات المسلحة على وجه الخصوص ثم مليشيات النظام التي اصبحت تصريحات قياداتها و تحركاتهم و جرائمهم محل نقاش شبه يومي . قضية مليشيات النظام بمسمياتها المختلفة فيها جانبين قانوني و سياسي و تقودنا لقضايا أخري أكثر إلحاحا منها السيادة الوطنية و مفهوم الدولة .
الدولة ذات السيادة هي الدولة القادرة و المقتدرة على إدارة شؤونها الداخلية و الخارجية دون أي تدخل خارجي و كل دولة ذات سيادة لديها تشريعاتها و قوانينها الداخلية لإنشاء قوات لحفظ الأمن الداخلي أو الخارجي و يتفاوت تمتع الدول بالسيادة حسب الإمكانيات الاقتصادية و السياسية و العسكرية لكل دولة و مدي استقلالية هذه الدولة عن غيرها .
يبقي الحديث حول ما ” للجيش للجيش و ما للسياسة للسياسة ” الذي قال به الأستاذ عثمان ميرغني أعتقد أنه حديث غير موفق لأنه كما اسلفت أن القضية ذات بعدين قانوني و سياسي كقضية السيادة الوطنية التي غابت مظاهرها في وجود مليشيات تسرح و تمرح في طول البلاد و عرضها مع تغييب للمؤسسة العسكرية الوطنية التي سيستها الإنقاذ و أبعدت كل الضباط الغير ” مسيسين ” و أصبحت تعوض عن الفراغ الذي شكلته القوات المسلحة بهذه المليشيات ثم قضية السلام التي تتطلب إتفاق سياسي و ترتيبات أمنية فنحن نتحدث عن طي صفحة عريضة من الحروب الأهلية إن كان النظام جاد في عملية السلام و قادر على دفع ضريبة سلام عادل و شامل و لا اعتقد ذلك .
التطرق لشرعية أي مليشيات أو قوات أو أي جهاز أمن يتبع للنظام يعود بنا إلي شرعية النظام نفسه فالنظام يعاني أزمة شرعية لأنه أتي إلي السلطة بإنقلاب عسكري ، فجهاز الأمن و المخابرات الوطني و الذي تتبع له هذه المليشيات فهو جهاز أمن النظام ملطخه أياديه بدماء الأبرياء و كل ما تجدر الإشارة حول هذا الجهاز اتذكر قصور المعارضة . النظام قدم لهم خدمة جليلة و وضع لهم إسم السودان في قائمة الدولة الراعية للإرهاب و منذ ما يقارب الثلاثة عقود لم تكن هناك أي جهود لوضع مليشيات النظام و جهاز أمنه ضمن المنظمات الإرهابية في المنطقة كحزب الله و الحرس الثوري الإيراني بل أن المعارضة قدمت المساعدة لهذا الجهاز في تفككها و تشرزمها .
السلام العادل الشامل الذي تقول به المعارضة لن يتأتي إلا بإعادة مؤسسات الدولة لقوميتها و على رأسها قواتها المسلحة و قوات الأمن الوطني بمختلف واجباتها لأن دولة الحزب الواحد و مليشياته أضاعت السيادة الوطنية و قسمت الوطن و اشعلت كل هذه الحروب الأهلية و تعلم المعارضة طبيعة البنية الاجتماعية التعددية للشعب السوداني و التي تتطلب مؤسسات قومية يشارك فيها جميع أبناء الوطن بمختلف مشاربهم الفكرية و السياسية و الدينية .
alkamaly@hotmail.com