هل توصلت مفاوضات الدوحة لنتيجة ما كما ذكرت بعض الصحف،، أما أنها فشلت في صحف أخرى، أو انهارت تكتيكياً” كما قالت صحيفة “السوداني”؟
النتيجة تعتمد على طريقة نظرك للكوب، أو توقعاتك المسبقة، فالحقيقة أن كل من جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان جاءا للدوحة وانخرطا في تفاوض مع الوساطة القطرية والوساطة المشتركة، ثم صدر بيان مشترك وغادرا الدوحة. قد يرى البعض أن في هذا بعض النجاح لأن خطوط التواصل مفتوحة واللقاءات متجددة، وهناك حوار ما يجري. ومن المهم أيضا أن الأطراف تعرفت على مواقف بعضها ووجهات نظرها بشكل كامل ومفصل، وبطريقة مباشرة وليس عبر الإعلام أو الوسطاء. هذا أيضاً يمكن النظر إليه باعتباره خطوة متقدمة نحو النجاح.
بعض آخر رسم سيناريو تفصيلي للمفاوضات ونتائجها بشكل خيالي، ونتيجة تسريبات غير صحيحة ولا واقعية، وكان يتوقع أن توقع الحركتان على خارطة الطريق والانضمام لإتفاقية الدوحة لتحقيق السلام في دارفور. هؤلاء خابت توقعاتهم واعتبروا أن المفاوضات فشلت نتيجة لعدم تحقيقها الأهداف المتوقعة.
ولا أظن أن الوسطاء كانوا في جانب هذه التوقعات الخيالية، ببساطة لأنهم يتابعون الملف منذ مدة ويعرفون مواقف الأطراف المختلفة، وأظنهم ما كانوا يأملون أكثر من حضور الحركتين ودخولها في المفاوضات، ثم الانفضاض على أمل استمرار التواصل في مرات قادمة.
قبل وصول وفدي الحركتين أعلنت حركة العدل والمساوة موقفها عبر تصريحات جبريل إبراهيم، وأصدرت حركة مناوي بياناً وضح موقفها التفصيلي. وبالتالي لم يكن متوقعاً حدوث إنقلاب دراماتيكي في المواقف ينتهي بأن توقع الحركتان على خارطة الطريق التي اقترحها أمبيكي ووقعت عليها الحكومة السودانية وحدها. كما أن للحركتين مواقف معلنة من اتفاقية الدوحة، التي يقول الوسيط القطري والحكومة السودانية أنها اتفاقية مغلقة لا يمكن أن تفتح بنودها للتفاوض، والمطلوب هو التوقيع عليها فقط، وهو ما ترفضه الحركتان.
على الأرض انتهت فترة السلطة الإقليمية لدارفور المنشأة بموجب اتفاقية الدوحة وتم إجراء الاستفتاء الإداري، لكن ظلت الأوضاع في كثير من المناطق كما هي. صحيح أن الأوضاع الأمنية تحسنت في أجزاء من الإقليم، لكنها ما تزال متدهورة في مناطق أخرى، ومعسكرات النازحين تظل مكتظة بالنازحين القدامى وقد يتوافد نازحون جدد.
إذاً ليس هناك شيء مغرٍ في تجربة السلطة الإنتقالية يجذب الأطراف غير الموقعة لكي تشارع بالتوقيع واللحاق بقطار الحركات الموقعة الذي لم يبارح محطته إلى أي مكان.
لم يكن هناك سبب منطقي لتوقعات إنضمام الحركتين لاتفاقية الدوحة، ولا لتوقيعهما على خارطة الطريق، لكن أبدت الحركتان استعدادهما للجلوس للوسيطين القطري والمشترك وتبليغ مواقفها والنقاش حولها، هذا في حد ذاته إيجابي. وإن استمر الموقف الحكومي السوداني والقطري المشترك بأن اتفاقية الدوحة مغلقة ونهائية ولا مجال لمناقشتها أو تعديلها فستكون هناك عشرات الجولات المماثلة في الدوحة وغيرها لتبادل وجهات النظر والتحايا وإبداء حسن النوايا والرغبة في السلام، وكان الله يحب المحسنين.
التيار