بقلم. مصعب عبد الكريم
ما يجري الان في اديس ابابا هي مشاورات داخلية في تحالف الحرية والتغيير بين قوي الكفاح المسلح (الجبهة الثورية) و النخب المركزية…النخب المركزية في التحالف تريد تكرار التجارب السابقة باختصار الحلول في الخرطوم دون الاطراف المشتعلة و الجبهة الثورية تقود معهم حربا من نوع جديد في اديس ابابا الان لتغيير شكلية التحول بفرض حلول شاملة تتجاوز اطار المركز الي الاطراف المشتعلة!
في كل الثورات السابقة في السودان تجد هنالك قوي ثورية من الاطراف تعاني من الخلل البنيوي في الدولة بالمظالم و المعاناة قبل المركز و تثور ضد الحكومة بالكفاح المسلح و تراكم الاحداث و البطولات بتضحيات و دماء الي ان تصل الثورة الي المركز ومكان صنع القرار بتمرحل تاريخي متسلسل و منها الي ثورة سلمية شعبية عارمة تعم البلاد وتسقط الحكومة بعد اضعافها و استنزاف مواردها في الحرب بالاطراف ..!
ولكن الخطاء التاريخي يمكن في الاتي!
نظرا الي التجارب التاريخية الفاشلة في ثورة اكتوبر 1964 وابريل 1985 ان الحلول التي تترتب علي الثورة الشعبية في اجراءات الانتقال السياسي كانت تختصر في المركز فقط تحل مشاكل الغليان الشعبي و البركان الثوري في المركز سطحيا و تنسي امهات المشاكل والقضايا الاساسية في الاطراف و مخاطبة جذورها من الحرب و النزوح و اللجوء … بالتالي المشكلة الاساسية التي ادت الي التراكم الثوري من الاطراف الي المركز تظل قائمة كما هي في الاطراف حتي بعد الانتقال السياسي في المركز والسبب يعود الي احتكار المبادرة السياسية في ايدي النخب المركزية و احزاب المركز في طيلة عمر الدولة الوطنية ما بعد خروج الانجليز.
هل المشكلة هي من يحكم السودان !؟
دعونا نتطرق الي تجربة ثورة ديسمبر2018 ان النخب المركز الان تكرر نفس الاخطاء باختصار المشكلة السودانية المتجذرة في تمرحل تاريخي و منعطفات الاخطاء النخبوية و اشعال حروب دائمة في الاطراف منذا خروج الانجليز الي ازمة سلطة فقط (من يحكم!؟) (عسكري ام مدني) و لكن في الحقيقة المشكلة السودانية اعمق بكثير من هذا و جذور الازمة السودانية تكمن حقيقا في ( كيف يحكم السودان!؟) قبل (من يحكم السودان!؟)
هل التاريخ يعيد نفسها ام الاغبياء يكررون اخطاءهم!؟
في التاريخ الحديث لدينا ثلاث ثورات شعبية و ستة حكومات منها مدنية و عسكرية و لكن لم تقف الحرب و التهميش في الاطراف! بدليل ان الجنوب كانت في حالة حرب ومعاناة لخمسين عاما الي ان انفصل. رغم الثورات و التغيرات في الخرطوم الا ان واقع المعاناة و الحرب استمر في الجنوب لم تتغير اطلاقا لماذا !!؟ لاننا فقط لم نجب علي السؤال الجوهري المهم كيف يحكم السودان!؟و لم نخاطب جذور الازمة و امهات القضايا في الاطراف في بداية اي مرحلة جديدة من مراحل الانتقال في التجارب السابقة بل نضع عليها مجرد مسكنات في المركز و تستمر الالم في الاطراف كما كان كأن هنالك شيئا لم يحدث …. هذه الازمة مستمر حتي الان في ادراج نخب المركزية في تحالف الحرية والتغيير يريدون الان اختصار المشكلة السودانية المشتعلة من الاطراف بعشرات السنين الي المركز في ازمة حكم فقط لا غير و يعتقدون ببساطة ان امر مرهون في قصة نقل السلطة من نظام عسكري اقصائي باطش في الاطراف .. الي نظام مدني من نفس العقلية التي لا تري من السودان الا الخرطوم و اختصار حلول الازمة في الخرطوم بدون استراتيجية واضحة لمخاطبة جذور الازمة السودانية بحل المظالم التاريخية و ونظرة اولوية لامهات المشاكل في اطراف البلاد و وقف الحرب للابد و فرض سلام حقيقي تعوض ضحايا الثورة الحقيقيين من النازحين واللاجئين في دارفور و النيل الأزرق و جنوب كردفان وشرق السودان و ضحايا السدود في المناصير و اقصي الشمال و حلفا القديمة بالعودة الطوعية و تعويضات شاملة فرديا و جماعيا و وضع حالة خاصة بالتمييز الايجابي لتعويض معاناتهم الطويلة في الحروب والنزاعات .
تصدي الجبهة الثورية للعقلية النخبوية لتغيير التحول!
الطريق الذي مشي عليها النخب المركزية في تجربة ثورة 1964 و 1985الذي به الان يسعون بقوة لنفس المسلك و بل حتي وقعوا علي الاتفاق السياسي مع المجلس الجنجويدي التي لا يختلف عنهم عقليا….بمعزل علي حركات الكفاح المسلح التي شاركت في تشكيل تحالف الحرية والتغيير و لم يشمل اتفاقهم السياسي الجزئي الموقع عليها مخاطبة امهات القضايا واسباب الثورة السودانية الحقيقية التي اشتعلت من الاطراف وبل غالبية بنود الذي ينادي به الجبهة الثورية للحل الشامل لاعادة هيلكة الدولة السودانية من السودان القديم الي السودان الجديد ….وذلك التصرف (الاتفاقية الموقع) اقصائي واضح كل مرتكازتها و اولوياتها هي تقسم السلطة مع المجلس الجنجويدي و سلامة الخرطوم و لا تهتم بالسلام الحقيقي و تعويض ضحايا الثورة الحقيقيين من النازحين واللاجئين في الاطراف! ولكن لحسن الحظ تجربة ثورة ديسمبر 2018 اختلفت عن سابقاتها بوجود اطراف الكفاح المسلح داخل قوي الحرية والتغيير و هي الجبهة الثورية بمختلف حركاتها و احزابها التي اصبحت الان سدا منيعا لهذه العقلية النخبوية وتصدت بكل قوة هذه الخطوات التي تمارس التغبيش لامهات القضايا من الحرب والسلام و قضايا النازحين واللاجئين وتقود معهم الان حرب الطاولات في اديس ابابا بمشاورات عميقة نحو انتقال سياسي و تحول ديمقراطي متكامل يضمن اولوية فرض السلام الحقيقي لتتجاوز الحلول الثورية الخرطوم و تصل لمخاطبة امهات القضايا في الاطراف وضمان تعويض حقوق ضحايا الثورة الحقيقيين من النازحين واللاجئين في قلب البرنامج السياسي وللفترة الانتقالية الموقع عليه باعادة فتحها من جديد لتضمن حقوق النازحين واللاجئين والسلام كاولوية بالتفصيل في باب كامل حتي يتم التوقيع عليها من قبل الجبهة الثورية ايضا تدرج في المسودة الدستورية المزمع التوقيع عليها ! لان مشكلة الدولة السودانية الان ليست مختصرة في قصة نقل السلطة من عسكري الي مدني بل نقل الدولة من سودان قديم مريض بازماتها التاريخية المتجذرة بالحروبات الطويلة و التهميش المتعمد من المركز للهامش الي السودان الجديد المعافي من كل الجروح و الحروبات
صوت الصارخ!
كواحد من ابناء النازحين واللاجئين و ضحايا الثورة الحقيقيين في الاطراف اري ان فرض السلام و وقف الحرب و مخاطبة جذور الازمة السودانية و حل المظالم التاريخية ضد الهامش و اقتلاع اسباب رفع السلام من الجذور هي اولي من من ازمة الحكم و اي اتفاقية او انتقال سياسي لا تضمن اولوية للسلام الشامل ومخاطبة امهات القضايا و اسباب الثورة الحقيقية في الاطراف وضمان حقوق ضحايا الثورة المتراكمة منذا 1956 اعتقد لا تلبي طموحات اهلنا النازحين واللاجئين الذين يقبعون في معسكرات النزوح واللجوء لعشرات السنين!
السلام اولي من السلطة و اي سلطة تأتي دون اولوية فرض السلام في الاطراف تعتبر مصيرها السقوط التمرحلي كتجربة فاشلة امتداد لسابقاتها.
رسالتي الي بريد رفاق الجبهة الثورية في اديس ابابا
لا ولن تقبلوا ابدا بالحلول الجزئية و انصاف الحلول مهما كان الاسباب ولو كان ثمنها انشقاق الحرية والتغيير الي الف كتلة….! (انصاف الحلول) مقبرة الثورات هذه الفرصة للجميع ولا بدا ان تتجاوز فيها الحلول الخرطوم و تشمل استقرار ، كل السودان من المركز الي الهامش لتشكل التحول الديمقراطي في سودان مستقر بالكامل نحو السودان الجديد باسس جديدة يتوفر فيها المساواة في الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية بغض النظر عن المرجعية الدينية و العرقية و المناطقية و الفكرية و القبلية و التعامل بين الدولة والفرد علي اساس المواطنة المتساوية و مشاركة عادلة في صنع القرار الوطني بين ابناء البلد و وضع الية واضحة تضبط استقلالية الاقاليم من سيطرة المركز (الفيدرالية) و عدم نهب ثروات الاقاليم من قبل المركز.
واخيرا
اي اتفاقية لا تضمن ( مخاطبة جذور الازمة السودانية بحل المظالم التاريخية) التي تفضي الي الحل الجذري لمشاكل السودان لتتجاوز اختصار الحلول حاجز الخرطوم وتصل الاطراف توقف الحرب للابد و تعطي حقوق الكاملة ضحايا الثورة الحقيقيين من النازحين واللاجئين المتاثرين بالحروب الطويلة من خلال البرنامج السياسي للفترة الانتقالية والتمييز الايجابي الكامل للضحايا.
(مرفوضة)
شكرا
مصعب عبد الكريم
20 يوليو 2019