هل هؤلاء الذين ساوموا الشعب السوداني الامرين اجانب؟! هل عمر حسن احمد البشير لم يتربى في وسط الشعب السوداني؟ ألم يلعب بكرة الشراب والدافوري في ازقة الحواري؟ ألم يلعب في ترعة حلة كوكو الحي الذي تربى فيه مع اطفال الحلة؟! وماذا عن محمد العطا؟ الم يدافر في المواصلات ايام الابتدائي والمتوسطة والثانوية العامة؟ وماذا عن كل الاسلاميين تجار الدين الذين استولوا على السلطة؟ ألم يكونوا من زمرة الشعب البسيط؟! أم هم كائنات فضائية نزلت علينا في ليلة ظلماء في غفلة من الزمن؟ الاجابة على كل تلك الاسئلة بسيطة وفي غاية البساطة… هؤلاء سودانيون تشبوا على التقاليد والعادات السودانية الراسخة في القدم! هؤلاء سودانيون نشأوا وتربوا وتعلموا وتخرجوا من المدارس والجامعات السودانية، لم يدرس احدهم بالخارج ابدا! أذا اين تكمن العلة؟ ولمعرفة اين تكمن العلة لنرى ما هو السودان الذين لديه كل هذه العادات والتقاليد والقيم التي تكاد تكون منزلة من السماء حسب المفهوم الجمعي الذي ترعرعنا عليه! هل حقا دولة السودان في بداية تكوينه تكون بعقد إجتماعي لكل مكونات شعوبه وملله؟ للأسف الاجابة لا والف لا! السودان منذ بداية نشأته تكّون عن طريق الفهلوة وفرض الامر الواقع على بقية المكونات وخاصة الشعوب الاصلية… حيث منذ دخول العرب السودان في القرن الـ13وبداية هوايتهم البغيضة الغزو والسلب والنهب والقتل ووضع اليد على ممتلكات الغير، تحولت العلاقات بين مكونات الشعوب المتواجدة في الرقعة الجغرافية المسمى اليوم بالسودان الى علاقة استغلال بشع للغزاة لأهل البلد في ذلك الحين وتواصل هذا الاستغلال في عهد الحكم العثماني التركي المصري بمساعدة مجموعات مسلطة اصلا على رقاب الشعوب الاصلية وتم تمكينهم على سلطات محدودة كرشوة لعدم مقاومتهم للغزوالعثماني التركي المصري، كتعيينهم ككتاب او موظفيين صغار للغزاة…وواصل هؤلاء في هذه الوظائف مستفيدين منها بتعليم ابنائهم وتراكم ثرواتهم بالنهب وتجارة الرقيق، اما الشعوب الاخرى فقد انزوا في ركن قصي وعمل المستعمر العثماني على تدمير كل ما يمكن ان يوحّد هؤلاء مع هؤلاء. وجاءت الثورة المهدية وبدلاً من توحيد مكونات الشعوب السودانية على السوداناوية بإعتبارها الحكم الوطني صرف التي التف حوله السودانيين لأول مرة.. للأسف حوّل الشعب السوداني لأكبر منبع ومصدّر للعنصرية بتقسيمهم الى اشراف او سادة وعامة او عبيد! وفي رأيي في هذا العهد ترسخ مفهوم الطبقات ترسيخاً يصعب الفكاك منها الى اليوم! من هذا العهد ترسخ مفهوم اولاد البلد! والسادة! والذين وُلدوا ليحكموا! من هذه الثقافة خرج عمر البشير ونافع علي نافع! من هنا جاءت الكراهية والاستغلالية التي نراها الان …من هنا جاءت الطامة التي قضت على التعايش السلمي الذي لم يوجد اصلاً!… وتنامت هذه الظاهرة وغذّتها الاستعمار الانجليزي بل وقننها بقانون المناطق المقفولة! وبالتالي ترسخ في اللا وعي للإنسان الذي يعيش في مثلث حمدي العنصري ثقافة الاستعلاء والنبوغ وبعد ذهاب الاستعماروجد هؤلاء السودانييون الذين في الاساس لديهم وهم انهم (شعب الله المختار في السودان) مقدرات البلد في متناول ايديهم! وحولوا السودان لضيعة خاصة بهم والى الان! وعلى ضوء ذلك يمكننا ان نرى بوضوح شديد لماذا يقتلون الاطفال والشيوخ ويغتصبون النساء بهذه الوحشية من غير ما يرمش لهم جفن! لأنهم يعتبروننا مجرد مطايا لتحقيق رغباتهم ونزواتهم!! اذا هذه هي البيئة التي تربى عليها هؤلاء القوم! ولا يخطر على بالهم او في خيالهم ان يحكم احد ابناء هذه المناطق البعيدة من مراكزهم المتعشعش في خيالهم المريض… وإذا حاول احد ابناء المناطق المهمشة تاريخياً مجرد محاولة للمساس بالحكم الموروث بحكم الواقع! تجد هنالك نصوص وديباجات موضوعة تاريخياً لوصمنا وهي كالاتي: عنصري! خائن! عميل! صهيوني! وهذه المفردات تعلموها كابرا عن كابر يتوارثونها جداًعن اب! ولحل هذه المعضلة يجب على الشباب السوداني المثقف الذي تشبع بثقافة احترام الاخر، ويرنو لتغيير هذا الوضع البائس العمل معاً لإجتثاث هذه الجرثومة… لأن ابناء المناطق المهمشة سوف لن يرضوا بهذا العبث التاريخي على مناطقهم واهلهم وإلا على السودان المتبقي السلام وسوف لن نجد سوداناً وحتى الدويلات التي سوف تظهر سوف تكون في صراع دائم وابدي…