د. فيصل عوض حسن
في لطفٍ ورحمةٍ إلهيَّةٍ كبيرةٍ بالسُّودان وأهله، كَشَفَ مقطع فيديو بعض أخطار (المُجنَّسين) الاستراتِيجيَّة/السيادِيَّة، التي ظللنا نُنَبِّه إليها ونُحذِّر منها في عددٍ من المقالات المُتتالية، على نحو مقالتي (السُّودانُ ومَهَازِل الإريتريين المُجنَّسين) بتاريخ 11 يوليو 2021 وغيرها. الفيديو يُظْهِر والي (حمدوك/القحتيين) على القضارف، وهو يتحدَّث في احتفال لقبيلةٍ تُسمَّى (الاساورتا)، قَدَّموا فيه فروض الولاء والطَّاعة للعصابة الإسْلَامَوِيَّة. وما أحزنني أنَّ ردود الأفعال، رغم كثافتها، ما تزال قاصِرة ومحصورة في انتماء هذا الوالي للمُتأسلمين، وهي جُزئِيَّة ضيقة ومحدودة، مُقارنةً بما هو أعظم من ذلك.
من أبرز ردود الأفعال (الباهتة) على الفيديو المذكور، مُسارعة ما يُسمَّى المجلس المركزي للحريَّة والتغيير بالقضارف، لسحب الثقة من الوالي واتَّهامه بـ(الخداع)، ونفي علمهم بـ(مبايعته) للمُتأسلمين، وإقرارهم بـ(التقصير) في التحرِّي حول شخصيَّته، والالتزام بخطواتٍ تصعيديَّةٍ مُستقبليَّة! في ما حَمَلت تصريحات الوالي جُملة من الأكاذيب والتناقُضات، مثل (ادِّعائه) بأنَّه تحدَّث بأمر (عُمدة) قبيلته، وليس بصفته عضواً في العصابة الإسْلَامَوِيَّة، وأنَّ حديثه لم يتعدَّ مُجرَّد الترحيب بالحضور في منشطٍ (اجتماعي)، واتَّهمَ ما وصفهم بـ(الفلول) بنشر الفيديو لـ(إقالته)، عقب قيامه بمُلاحقاتهم (حسب زعمه)!.
لن أتحدَّث عن تصريحات (والي الغَفْلَة)، لأنَّها مليئة بـ(التَناقُضات/الأكاذيب) الصَّارخة، وهو أمرٌ مُالوفٌ في من هم على شاكلته، بدءاً بوصفه للمُناسبة بـ(الاجتماعِيَّة)، بينما كان هو وأهله (يُبايعون) العصابة الإسْلَامَوِيَّة، التي منحتهم ما لا يستحقُّون خصماً على سلامة واستقلال السُّودانيين، وحقوقهم التاريخيَّة والحاضرة والمُستقبليَّة. ولكنني سأُركِّز في ردود أفعال القحتيين، وأبرزها إقرارهم بالتقصير في (التحرِّي) عن ذلك الكائن، وهو إقرارٌ يُدين حمدوك وقحتيُّوه ولا يُلغي مسئوليتهم عن هذه الكارثة، ويعكس (استهتارهم) بمصير البلاد والعِباد، ويُؤكِّد رعايتهم للانتهازيين والخَوَنة والعُملاء، وتواطُئِهم مع الكيزان وسادتهم بالخارج، ويُؤكِّد (مسئولِيَّتهم/رغبتهم) في استمرار نهج المُتأسلمين، الرَّامي لتغيير تركيبتنا السُكَّانِيَّة!
ثَمَّة تساؤُلات منطقيَّة تفرض نفسها، حتَّى (يَسْتَبْيِن) السُّودانِيُّون أبعاد ومآلات مُمارسات حمدوك وقحتيُّوه، ومُجابهتها بجدِّيَّةٍ وسرعة، لعل أبرز هذه التساؤُلات: هل اختار حمدوك وقحتيُّوه بقيَّة الولاة/الوُزراء والمسئولين بذات (الاستهتار/الاستخفاف)؟ وكيف يغفلون عن جذور/خلفيَّة والي القضارف الإثنِيَّة والسياسية، لا سيما مع (خُصُوصِيَّة) ولاية القضارف الجُغرافِيَّة والسيادِيَّة/الاستراتيجيَّة والاقتصادِيَّة؟! وأين حمدوك وقحتيُّوه من فشل الوالي ومُمارساته (المُريبة)، كاهتمامه اللَّافت بـ(اللاجئين الإثيوبيين)، و(إهماله المُتعمَّد) لقضايا المياه واحتجاجات المُزارعين واحتجاجات الطالبات (السُّودانيين/أصحاب البلد)! وكم من أمثاله الذين تغلغلوا في مفاصل الدولة عبر حمدوك والقحتيين (مثل هذا الوالي)؟! وحدود خرابهم وفسادهم وإفسادهم ومُمارستهم للعمالة والإضرار بالسُّودان وأهله؟ وهل ستتم مُحاسبة ومُحاكمة الذين رَشَّحوا هذا الكائن؟! وهل تمَّ تقييم ومُراجعة مُمارساته خلال توليه لمنصب الوالي؟! وأعباء وانعكاسات تلك المُمارسات، على سيادة وسلامة السُّودان عموماً، والولاية خصوصاً؟!
إنَّ أكبر الجرائم/الخيانات، التي يسعى القحتيُّون وغيرهم من سَقَطِ المَتَاع لصرف الأنظار عنها، تتمثَّل في (عدم وجود) محطَّة بصات باسم (الأساورتا) في السُّودان بكامله، دعكم من قبيلة أو منطقة بهذا الاسم، حتَّى يُبايِعون غيرهم أو (يُبَايَعُون) و(يُؤتَمَرُ) بأمرهم، أو يُمنحون الألقاب والمناصب (الرسميَّة/الشعبِيَّة). فقبيلة الاساورتا من القبائل (الإريتريَّة)، وليست جُزءاً من البجا ببطونهم وأعراقهم المُختلفة، ولا علاقة لهم بالسُّودان من أساسه. وفي إريتريا نفسها، فإنَّ (الاساورتا) هذه تندرج ضمن قومِيَّة تُسمَّى (الساهو)، ويتحدَّثون بلُغةٍ قريبة من لُغة (العَفَر الصوماليَّة)، ويتواجدون في مُرتفعات إريتريا، بمناطق عدي قيح ومندفرا وحماسين. وهذه الحقائق تدحض (فِرْيَة) القبائل الحدودِيَّة التي يتدثَّر بها المُجنَّسين الإريتريين، لابتعاد مناطقهم عن الحدود السُّودانِيَّة وقُربها النسبي من جيبوتي، ويُثبت أكاذيبهم وتدليسهم وتحويرهم للثوابت التاريخيَّة، بدعم ومُساعدة المُتأسلمين الذين يتنكَّر لهم المُجنَّسين الآن (تضليلاً للرأي العام)، وللمزيد من التفاصيل، يُمكن مُراجعة الرابط التالي، والإطلاع على التوزيع الجُغرافي للقوميات الإريتريَّة:
http://www.eritrea.be/old/eritrea-people.htm
للأسف الشديد، فإنَّ غالِبيَّة السُّودانيين واقعون تحت (تضليلات/أكاذيب) المُجنَّسين الإريتريين، المُتغلغلين في مفاصل الدولة خاصةً (الإعلام)، والذين (يَدَّعون) جميعاً بأنَّهم بني عامر أو حباب، وهم في الواقع ينتمون لقبائل إريتريَّة مُختلفة، وبعيدة تماماً عن حدود السُّودان، ولا يلتقون بالسُّودانيين لا جينياً ولا جُغرافياً ولا ثقافياً، وهذا يعني أنَّ تحالُفهم المُسمَّى بـ(نظارة قبائل) يفتقد للمنطق والشرعِيَّة، لكنهم اتَّخذوا هذا الاسم حتَّى يتدثَّروا بـ(الصفة الحدوديَّة)، ليتَّخذوها مَدخَلاً (يُشَرْعِن) إتاحة الجنسيَّة السُّودانِيَّة لمُكوِّناتٍ لا تجمعها (حدود) أو أي اعتبارات أُخرى مع السُّودان، مع تزييف الثوابت (التاريخيَّة) و(تكييفها) لتتماشى مع هذا النهج الشيطاني، ثُمَّ يفرضون علينا مُعاملتهم جميعاً بهذا الفهم (المُختل)، ويطالبون بحقوق المواطنة الكاملة وفق ما يجري الآن!
يُمكن وصف ما نحياه الآن بـ(تبعات/انعكاسات) فوضى تجنيس اللاجئين الإريتريين، التي صنعها المُتأسلمون بتجنيس قبائل إريتريَّة (كاملة) ومنحها نظارات وعموديات من العدم، وهي مُخالفة/خيانة تتقاطع مع جميع القوانين والشرائع، لأنَّها أتت خصماً على حقوق آخرين (تاريخيَّة وحاضرة ومُستقبليَّة). وهذا بدوره يُثبت (تَوَرُّط/تنسيق) نُظَّار/قادة البني عامر مع المتأسلمين، في هذه الجريمة/الخيانة لأنَّ هؤلاء (المُجنَّسين) يتدثَّرون بهذه الأسماء، دون اعتراض/نفي أولئك النُظَّار، بما يعني تأييدهم لذلك (التدليس) وبالتالي (وُجُوب) مُحاسبتهم ومُحاكمتهم عليه، مع جميع المُتورِّطين في ذلك، سواء كانوا مُتأسلمين/كيزان أو أزلامهم من الحُكَّام الحاليين (كلٌ حسب دوره)! علماً بأنَّ تعيين والي أو وزير أو أي مسئول (مُجنَّس)، لم يتوقف على القضارف وحدها، فقد فعلها حمدوك وقحتيُّوه في كسلا، وصنعوا فتنة من العدم بتلك الولاية (المُتخَمَة) بالمُتجنسين والخونة، ولولا لطف الله ثم صلابة وصدق أهلنا البجا وبقيَّة المُكوِّنات السُّودانِيَّة (الأصيلة)، لحدث ما لا يُحمَد عُقباه! هذا كله يعني أنَّ حمدوك وقحتيُّوه (يتعمَّدون) تفجير الشرق وتعزيز سُطوة (المُجنَّسين الإريتريين)، خصماً على أهل السُّودان (الأصيلين)، وفق ما أوضحنا مراراً وتكراراً.
إنَّنا مُطالبون بتسمية الأشياء بأسمائها (الحقيقيَّة)، والابتعاد عن الرمادِيَّة وأنصاف الحلول، وتبعاً لهذا المعيار، فإنَّ الإشكالِيَّة الأعظم التي أثبتها فيديو والي القضارف، ليست انتمائه الإسْلَامِوي/الكيزاني، وإنَّما (عدم سُودانِيَّته) من أساسه، وفُقدانه لكل عناصر شغل هذا المنصب السيادي الخطير، في تلك الولاية الاستراتيجيَّة، وهذا ما يعمل القحتيُّون لإلهائنا وتضليلنا عنه. وتزداد الحاجة لذلك أكثر مع تهديدات المُجنَّسين عموماً، ومُجنَّسي إريتريا خصوصاً، لأنَّهم الخطر الأعظم على السُّودان وأهله، تبعاً لـ(كرههم) الخُرافي لكل ما هو سُّوداني، وإفصاحهم المُتواصل/المُتزايد عن تلك الكراهِيَّة، التي أثبتناها مراراً وتكراراً (صوت وصورة).
على جميع السُّودانيين (الأصيلين) الإسراع بالاتحاد، لمُجابهة هؤلاء المُتغوِّلين واستعادة بلادنا (المُختَطَفة)، وهذا هدفٌ نبيلٌ يبدأ تحقيقه باقتلاع حُكَّامنا الحاليين بأسرع وقت، لأنَّهم (المَدخَل) الأساسي للطَّامعين الخارجيين، و(أداة) تنفيذ مُخطَّطاتهم الاستعمارِيَّة.. وللحديث بقيَّة.