بسم الله الرحمن الرحيم
عبدالغني بريش فيوف
اللواء عزت كوكو أنجلو رجل مناضل انضم للحركة الشعبية لتحرير السودان في بدايات تكوينها في الثمانينيات من القرن الماضي ، ولم يخنها يوماً ما بمواقف انتهازية رخيصة-أي سرعة التغير في المواقف والسياسات من لحظة لأخرى، والتقلب مع الأحداث بصورة تستدعي مثل هذه التناقضات والتقلبات السريعة.
قِيل ان اللواء عزت لم يكن مرتاحا لسير المفاوضات مع النظام السوداني في أديس أبابا وبالطريقة التي كان يدير بها الأمين العام السابق للحركة الشعبية ياسر سعيد عرمان تلك المفاوضات. كما قِيل ان الرفيق عزت كان من منظمي الحملة التي أدت إلى نجاح اجتماعات مجلس التحرير الإقليمي -جبال النوبة في الفترة من 7 الى 25 مارس المنصرف -أي ان مواقف الرجل المنحازة لقرارات مجلس التحرير كانت واضحة لا غبار عليها حتى عندما اجتمع إليهم مالك عقار وعرمان لإقناعهم على التخلي عن تأييدهم لقرارات مجلس التحرير والذهاب معهم إلى أديس أبابا لمواصلة التفاوض مع الخرطوم.
لقد عكست هذه المواقف الواضحة بجلاء حرص اللواء عزت كوكو انجلو واستشعاره بمسئوليته التاريخية في حماية وحدة الحركة الشعبية وصيانتها من أي محاولات عبثية تمتد إليها من قبل أشخاص فقدوا مصالحهم وباتت مناظر الخراب والدمار تستهويهم، بل وباتوا غير قادرين على مواصلة حياتهم دون الانغماس في مشاريع التآمر وتنفيذ المخططات المشبوهة التي تمس بوحدة الحركة وعافيتها.
وفي تصريحات تصب في صالح الحركة الشعبية وتماسكها لتحقيق أهدافها ..قال اللواء عزت كوكو انجلو انه تربى في داخل الحركة الشعبية والجيش الشعبي ومنذ إنضمامه لها في ثمنينيات القرن الماضي عمل في كل الجبهات في جنوب السودان الي شرق السودان ولا يمكنه ان يساهم في تقسيم الحركة الشعبية. هذا ما قاله في شهر أبريل المنصرم.
تصريحات اللواء عزت كوكو كانت رداً على الأخبار المتواردة هنا وهناك وتقول انه تخلى عن تأييده لقرارات مجلس التحرير (جبال النوبة) وتحول إلى معسكر (مالك عرمان) المعادي لقرارات مجلس التحرير. لكن تمر أيام قليلة على اطلاق عزت كوكو تصريحاته المؤيدة لقرارات مجلس التحرير ، وإذا به وبصورة مفاجئة وغير متوقعة يظهر مع المعسكر المعادي لقرارات مجلس التحرير في أديس أبابا (مالك عرمان) حتى قال البعض عند رؤيتهم له في الصورة المنشورة وهو جالس مع عقار عرمان ان الصورة مفبركة ..لكن للأسف الشديد ان الذي ظهر في الصورة كان عزت كوكو زاتووووووووو ، وتأكد هذا الخبر عندما سأله أحدهم عن مغزى وجوده وظهوره مع مالك وعرمان ، وأجاب بالقول انه قرر العمل مع القيادة من أجل وحدة الحركة الشعبية في تبرير ساذج لموقفه الجديد من قرارات مجلس التحرير.
اللواء عزت كوكو انجلو يعرف تماما انه يقف في الجانب الخطأ من التأريخ بموقفه الإرتدادي ..ويعرف جيدا ان مالك عقار وعرمان يمارسان بلطجة سياسية بإسم النضال والثورة ..ويعرف أيضا ان النقاط الواردة في البيان الختامي لمجلس مالك عقار في 3 أبريل مليئة بالأكاذيب والفبركات المفضحة والمضللة ..ويعرف جيدا ان قرارات مجلس التحرير الصادرة بتاريخ 7 مارس حتى 25 منه شرعية 100% حتى بمعيار دستور 2013 الذي وضعه مالك عقار بنفسه في المادة 15 (هياكل ومهام الأجهزة الإقليمية). وتحت الفقرة “5” ان مهام الاجهزة الاقليمية هى نفس مهام الاجهزة القومية فيما يلى المستوى المعنى ..وووالخ. لكن رغم كل هذا وذاك ، اختار عزت كوكو ان يشق طريقه نحو مجلس (مالك عرمان)وهو يضخم صورته بواسطة تزويد النرجسية ببوق منعدم الجذور في أرضية الواقع. لكن الثابت في هذا الأمر هو ان الجيش الشعبي مع قرارات مجلس التحرير ولا يمكن أن يُنزع سلاحه في أي ظرف من الظروف ، وأن النضال يمضي إلى الأمام رغم تخاذل المتخاذلين.
إن مشاريع استهداف الحركة الشعبية التي عبر عنها بجلاء مالك وعرمان برفضهما قرارات مجلس التحرير ، يبدو انها باتت تجد لها تبريرات وغطاء سياسي من اللواء عزت كوكو انجلو الذي أصبحت مواقفه وفي فترة قصيرة جدا محكومة بأقصى درجات الانتهازية السياسية .بحيث تحولت قضايا الحركة والأهل في المنطقتين إلى مجرد أوراق يستغلها المرجفين والإنتهازيين في إدارة اللعبة السياسية دون وضع أي اعتبارات لحجم المخاطر التي قد تسببها مواقفهم تلك ، ليس عليهم وعلى مستقبل وجودهم السياسي فحسب ، بل وعلى مستقبل الحركة ووحدتها بشكل عام.
لقد بات موضوع التعاطي مع قضايا الحركة الشعبية لتحرير السودان يسير وفقا لمبدأ الانتهازية السياسية والمشاريع المشبوهة ضد وحدتها ،ويمثل خطراً لا يقل عن خطر تلك المشاريع الهادفة إلى إدخال المنطقتين في آتون صراعات واقتتال داخلي مدمر.
وإزاء هذه المشهد المأساوي لابد أن يتحمل الجميع أفراداً وجماعات المسؤولية ليس فقط في دعم ومساندة قرارات مجلس التحرير الإقليمي (جبال النوبة والنيل الأزرق) وحماية وحدة الحركة الشعبية التي باتت ضرورة ملحة وأمراً حتمياً ،ولكن في الوقت نفسه العمل على مجابهة وفضح وتعرية تلك الانتهازية السياسية التي يمارسها البعض من الرفاق خصوصاً وأنها وصلت إلى حد اختلاق المبررات للمخربين ومحاولة شرعنة أعمال من يريدون تجريد الحركة الشعبية من هويتها.
ويجب ان يعلم عزت كوكو انجلو ان مختصر الطريق لمعانقة الحقيقة هو الحقيقة ذاتها بعيدا عن ركوب حصان الإنبطاح المرتزق وارتداء أحذية الذل. وإن صناعة التاريخ الفعلي في النهاية تبقى من نصيب الشرفاء الأوفياء لمبادئهم في نصرة الحق ولا يخافون في ذلك لومة لائم ، وأن المناضل الشريف لا يبيع ضميره لقاء حفنة دولارات معدودة ومنصب هامشي…أما القطيع المنبوذ والحائرون المتجولون في اسواق النخاسة السياسية والمواقف الحربائية المستعدون لبيع الذمم والضمائر ، هم حتما صائرون الى قمامة التاريخ ما داموا عشقوا عبادة المادة وتجلياتها في تشكيل تفكيرهم وتبني الجشع كموقف ثوري يختزل النضال في طموح شخصي.