واشنطن – صوت الهامش
رصدت مؤسسة (فريدوم هاوس) الأمريكية المعنية بالحريات حول العالم، في تقريرها الخاص بعام 2018 الجاري، ثلاثة أنساق واتجاهات رئيسية في نُظم الحكم من حيث الديمقراطية أو عدمها في القارة السمراء.
واستهل التقرير بالإشارة بوجه عام إلى انخفاض باعث على القلق على مدار الـ 12 عاما الماضية على صعيد الديمقراطية في نظم الحكم حول العالم.
لكن القصة في أفريقيا جنوب الصحراء هي أكثر تعقيدا بحسب التقرير الذي استطاع مستعينا بالبيانات أن يميز ثلاثة أنساق وتوجهات رئيسية ذات آثار شاملة على المسار الديمقراطي في هذه الدول.
الاتجاه رقم 1: المناطق تتمايز بوضوح
إن التساوي النسبي على صعيد الديمقراطية في أفريقيا جنوب الصحراء في بداية حقبة التسعينيات قد مهدّ الطريق على مدى العقدين الماضيين أمام تمايز إقليمي واضح: فبينما دول جنوب وغرب أفريقيا شهدت تحسّنا ملحوظا على صعيد الحكم الديمقراطي، فقد عانت دول وسط وشرق أفريقيا انتكاسات كبرى على ذات الصعيد (الحكم الديمقراطي).
وتظهر الفجوة المتزايدة بين شرق وغرب أفريقيا بوضوح. ويوضح هذا الشكل معدل التغير في ‘مؤشر فريدوم هاوس’ في بلدان شرق وغرب أفريقيا، حيث الحُكم الديمقراطي يعاني ركودا أو تراجعًا في كل بلد في شرق أفريقيا على مدى الـ 12 عاما الأخيرة، بينما معظم بلدان الساحل الغربي الأفريقي تشهد تحسنا من حيث الحكم الديمقراطي (رغم تراجع بعض بلدان الساحل).
الاتجاه رقم 2: البلدان ذات النمو السكاني المتسارع تميل إلى مزيد من الأوتوقراطية
يقول التقرير إن “ثمة ارتباطا قويا بين النمو السكاني والأداء الديمقراطي.
وبمقارنة معدل التغير في ‘مؤشر فريدوم’ بين عامي 2010 و 2017 بـ معدلات النمو السكاني بحسب الأمم المتحدة لدول واقعة في أفريقيا جنوب الصحراء، يتضح بشكل عام، أن البلدان ذات النمو السكاني المتسارع تُظهر معدلات أضعف تجاه الحكم الديمقراطي.”
ولوصف الارتباط بطريقة أخرى، تُظهر الخريطة التالية ثمانية بلدان ذات نمو سكاني متسارع الوتيرة في جنوب الصحراء، في مقابل معدلات تلك الدول على مؤشر ‘فريدوم ‘على مدار السنوات السبع الماضية. وجميع هذه البلدان تصنفها ‘مؤسسة فريدوم هاوس’ بأنها غير حُرّة ما عدا النيجر وأوغندا رغم أن البلدين يناضلان من أجل الحفاظ على المعايير الديمقراطية ويتم تصنيفهما على أنهما “حُرّين بشكل جزئي”.
وليس سوى نسبة 11 بالمئة فقط من الأفارقة يعيشون في بلدان تُصنّف على أنها حُرّة، وهي نسبة قد تتراجع أكثر من ذلك إذا لم تعمل الدول ذات النمو السكاني المتسارع الوتيرة على تحسين أدائها الديمقراطي.
الاتجاه رقم 3: الدول التي أضعفت حدود فترات الرئاسة تشهد إغراقا في الشمولية
إن الجهود التي يبذلها رؤساء الدول للبقاء في السلطة عبر تغيير أو تجاهل الحدود الزمنية لفترات الرئاسة أو ما يتعلق بأعمار الرؤساء – هذه الجهود تقوض المعايير الديمقراطية بشكل عام.
ومنذ عام 2015، قام رؤساء في خمسة بلدان في وسط وشرق أفريقيا بالدفع صوب تغييرات دستورية فيما يتعلق بـ سن الرئيس وعدد فترات الرئاسة ومداها الزمني، أو بشكل آخر قام هؤلاء الرؤساء بتجاهل تلك الحدود من أجل الاستمرار في الحكم مدى الحياة. في كل هذه الدول الخمس، سجل مؤشر ‘فريدوم’ تراجعا على مدار السنوات السبع الماضية – لا سيما في بوروندي.
أما جهود المجتمع المدني والشعبي للتصدي لتلك المحاولات الرامية للبقاء في السلطة فقد قوبلت بالتخويف والعنف السياسي والتعذيب والاعتقال. وهذا يلقي بظلالٍ من الشكوك الخطيرة على أحاديث هؤلاء الرؤساء عن تبرير بقائهم في السلطة لضمان الاستقرار والتقدم الديمقراطية.