محمود الحاج يوسف
yousif_474@yahoo.com
خلال فترة الهجوم على الفريق شمس الدين الكباشي، كتبت عضوة في قروب “لكي لا تسرق ثورة الشعب”:
كذاااااااب
اسود واحقد قلب
انتقدتها وانتقدها بعض من الزملاء في القروب، وخاصة أنها درجت علي هذا الاسلوب منذ إنشاء القروب قبل عام، وتسأءلت عن جدوي وجودي في مجموعة بها هذا النوع من العنصرية الصارخة؟
يتساءل المرء أحيانا لماذا بعض هؤلاء بهذا القدر من الكره والحقد؟ لكن عند رجوعنا الي التاريخ نكتشف ان مجموعات كبيرة من الشمال النيلي قد نشأت خلال الحكم التركي والانجليزي بعد زوال مملكة الفونج في سنار في بداية القرن السادس عشر التي كانت تضم كل من منطقة الجزيرة ، بين النيل الأزرق والنيل الأبيض ، والأجزاء الشمالية الشرقية من السودان ، والمنطقة النهرية شمال الخرطوم حتى دنقلا، المجموعات السابقة والحالية لم تعرف انها كانت تنتمي يوما الي مملكة الفونج أو مملكة سنار والتي بدأت منذ عام ١٥٠٤ وامتدت حدودها حتي شمال دنقلا والتي دمرتها الاستعمار التركي عام 1821. بينما سادت مملكة البرنو التي ضمت جزء كبير من غرب السودان وحتي كردفان الحالي في أوج حضارتها التي استمرت ثمانمائة عاما، ونجد أن سلطنة الفور قد ضمت الأجزاء الغربية من السودان من ١٦٠٣ الي ١٩١٦، حيث دمرها الانجليز نتيجة لوقوف السلطان علي دينار مع خليفة المسلمين عبدالحميد الثاني الذي افتي بالتحالف مع الألمان في محاربة الإنجليز في الحرب العالمية الأولى.
لذلك فإن الأجيال التي نشأت خلال الحكم التركي والانجليزي، تم تغذيتها بمفاهيم مغلوطة عملت علي تشويه كل ماهو مرتبط بالعنصر الافريقي وبخاصة اللون الاسود، لقد تم خلق هوية جديدة في الشمال النيلي عملت علي رفض الهوية الافريقية وتقميص الهوية العربية، وبخاصة بعد دخول بعض الجماعات العربية والمماليك والأتراك في شمال السودان وخلقها لموجة معادية للحس الوطني والشعور الافريقانية. لقد قامت هذه المجموعات بتبرير الاسترقاق على أسس دينية وعرقية ، وطورت سلالات زعموا أنها من أصول عربية ، وخلقوا أيديولوجيات حددت من هو حر ومن هو مستعبد، وتحول اللون الأسود الي لون العبيد، أو كما كان سائداً في العلن حتى منتصف الخمسينات، وتحولت هذه الكلمة إلى الاستخدام داخل منازل الكثيرين في الشمال، حتي قامت هذه المرأة بإخراجها للعلن دون مبالاة أو اكثراث لمن معها في القروب، وهكذا دائما العنصريين، أنهم لا يكترثون لأية تدمير في العلاقات الإنسانية ، ينظرون فقط للوضعية الزائفة التي آلت اليهم، وينسون أن السودانيين من ذويي البشرة السوداء هم احفاد ملوك من أمثال ترهاقا وبعانخي وأحفاد الممالك الثلاثة أعلاه وغيرها، وانهم من اسمي من إستوطنوا علي هذه الأرض خلقا وإنسانية، حتي يضرب بهم المثل في التعامل الإنساني منذ الحضارة الكوشية.
مؤخرا كتبت الصحفية زينب محمد صالح وجهة نظر من السودان عن الانتهاكات العرقية المروعة التي يتعرض لها السود في السودان، حيث يطلق على السود اسم العبيد، وما واجهت ريم خوجلي وعصام عبدالرحيم من الإساءة لزواجهما من البعض (١).
اذن فهذه السيدة عندما تكتب عن الكباشي “اسود واحقد قلب” فانها تقصد “عبد واحقد قلب،” وهذه حقيقة واضحة لكل شخص لأن هذه الكلمة قد تحولت إلي مصطلح في السودان، وانها قد تحولت من صفة الي دلالة فجة تخلو من ادني مقومات الاحترام والادب.
في تلك الدوامة، قام دكتور محمد جلال هاشم وبصفته مؤسسا للقروب، بالكتابة عما جري من نقاش، فتناول الآتي:
أولا: ما تعرض له الفريق شمس الدين كباشي في الحتانة بوصفه أحد مكونات مؤسسات حكومة الثورة.
ثانيا: الكلمات العنصرية التي وُجّهت للفريق شمس الدين كباشي، وعن ادانة مقاومة الحتانة لها.
ثالثا: استحقاق الفريق شمس الدين كباشي لأن تُكال عليه اللعنات لمسئوليته في فض الاعتصام، ذلك بحكم أن مسئوليته هي الكبرى.
رابعا: وقوع بعض عضوية القروب في شرك استخدام الألفاظ التي تتعامل مع اللون الأسود على أنه رمز لكل قبيح ومكروه، ثم مع السود بصورة أخص على أنهم أراذلُ الناس ويستحقون درجة العبودية الدنيا لمحض سواد ألوانهم إلخ.
ما يهمني هنا تعليقه في النقطة الرابعة، وهي ما طالبنا ادارة القروب التدخل لابداء وجهة نظر حولها.
ففي النقطة الرابعة: قام بتقسيمها إلى جزئين: (أ) ثم (ب).
فكتب مايلي عن (أ) تتعلق بالذين يقعون في شرك استخدام صفة السواد من باب التعيير انسياقا مع ما جرت به الألسن، ذلك دون وعي أو قصد منهم، وبعضهم قد يكون فاحم السواد، كما يمكن أن يكونوا من مناهضي العنصرية ضد الأفارقة السود. هؤلاء الغُفلاء غير معذورين مهما كانت رهافة درجة غفلتهم. إلا أن التعامل معهم يقتضي احترام غفلتهم نفسها وذلك بدوره يقتضي تنبيههم بلطف، إن لم يكن بمحبة. ويعني هذا ألا ننقضّ عليهم كالنسور من الجو، دامغين لهم بالعنصرية. فهذا قد ينتهي بهم إلى التمترس في موقفهم، ما قد يحول دون تحقق الاستنارة لهم. فهؤلاء في الأصل أناس لم تتشكل لديهم حساسية كافية (وربما ليست لديهم أي حساسية دونما أي موقف مبدئي) تجاه شناعة هذا الإسهال اللغوي الخطابي. ولذلك حتى إذا وقعوا في الشرك مرة أخرى، جرى تنبيههم مرة أخرى أيضا وبلطف ثم بتعاطف، ذلك بموجب درجة انسياقهم مع ما جرت به الألسن. ولكن إذا ثبت أن الأمر غير ذلك، فعندها ننتقل إلى الجزئية (ب). فهؤلاء لا يجوز لهم أن يكونوا بيننا، في هذا القروب على وجه الخصوص. وعندها ينبغي لهيئة إدارة القروب أن تتخذ تجاههم ما تراه مناسبا.
هذا من حيث التنظير! ولكن من حيث معالجة الموضوع قيد المنازعة أعلاه، فإني أراه على النحو التالي:
1. حالة مضادة للعنصرية بوضوح + عدم حساسية (قد تزيد أو تنقص) تجاه الدلالات الخطابية لإحالة كل ما هو سيء للون الأسود (وهذه مجموعة كبيرة وتشمل الكثيرين في هذا القروب)؛
2. حالة مضادة للعنصرية بوضوح + حساسية (قد تزيد أو تنقص) تجاه الدلالات الخطابية لإحالة كل ما هو سيء للون الأسود + zero tolerance للعنصرية بوجه عام ثم بوجه خاص ضد السود واللون الأسود + القدرة على احتمال حالات الغفلة والانسياق مع جرت به الألسن وذلك بإسداء النصح مرة ومرتين ما لم يثبت أن الأمر ليس غفلةً ولا انسياقاً (وهذه المجموعة الكبرى وتشمل الكثيرين في هذا القروب)؛
3. حالة مضادة للعنصرية بوضوح + حساسية عالية تجاه الدلالات الخطابية لإحالة كل ما هو سيء للون الأسود + zero tolerance للعنصرية بوجه عام ثم بوجه خاص ضد السود واللون الأسود – لكن مع نقصان كبير في القدرة على احتمال حالات الغفلة والانسياق مع جرت به الألسن وذلك ْمن قبيل إسداء النصح ولو مرة، دع عنك مرتين، حتى لو ثبت أن الأمر مجرد غفلة وانسياق (وهذه المجموعة ليست كبيرة ولكنها مع ذلك تشمل الكثيرين في هذا القروب).
هذا توصيف نظري وعملي، قطاعي sectoral لمجمل الحالات التي تناولت حادثة ضاحية الحتّانة من زاوية ما تعرض له الفريق شمس الدين كباشي، ذلك دون ذكر أي أسماء. واعتقد أننا جميعا نحتاج لقليل من سعة الصدر والقدرة على، أولا، تحمل أخطاء الآخرين، بل حتى خطاياهم (طالما كانت تلك هي نظرتنا)، ثم ثانيا، امتلاك القدر الكافي من الشجاعة لمراجعة النفس الأمارة بالسوء. وما من بشرٍ إلا وكانت له نفسٌ أمّارةٌ بالسوء، إلا من رحم ربي وهؤلاء قليلٌ، قليل، ودمتم جميعا في حفظ الله، وكل سنة وأنتم طيبون.
كان ذلك تعليق دكتور محمد جلال عما دار من نقاش وحول التعليق اعلاه. ولقد علقت علي ذلك موضحاً الآتي:
“مواقفنا الآن هي التي ستشكل المستقبل”
انه عندما نشرت رواية هارييت بيتشر ستو المناهضة للرق ، “كوخ العم توم”. باعت الرواية 300 ألف نسخة في غضون ثلاثة أشهر ، وتم قراءتها على نطاق واسع لدرجة أنه عندما التقى الرئيس أبراهام لنكولن ستو في عام 1862 ، ورد أنه قال لها: “إذن هذه هي السيدة الصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة.”
سيدة صغيرة في مجتمع لا يرى غضاضة في ممارسات الرق الذي كان سائدا في عصرها، لكنها ارتقت بإنسانيتها فنظرت لما يحدث بمنظور مختلف فساهمت بذلك في الارتقاء بقيم مواطنيها ليتم من خلالها تغيير جوهري في المجتمع ونظرته حول الرق والعنصرية.
راجعت ما كتبته (محمد جلال) عدة مرات فقط لأتأكد انك من كتبته، شعرت انك تحاول إرضاء كل الأطراف في نفس الوقت في قضية تحتاج من المفكرين لموقف مبدئي حاسم لكي يتم إشعال حرب على العنصرية البغيضة، ولقد أدركت لماذا تعشعشت العنصرية في السودان وافرخت، وتحول الكثير من رموز العنصرية من أمثال الزبير باشا رحمة الي أيقونات مجسدة تقتل أحاسيس الرفض في النفوس وتحولها الي قبول مغلف بهزيمة ذاتية وما أكثرها شيوعا في السودان.
كما رأينا في تجربة ستو أعلاه، أنها قفزت فوق مصالحها الشخصية والمجتمعية وبإيمان مطلق بأهمية أحداث التغيير، فكم فقدنا أمثالها في المجتمع السوداني عند السودنة، وفي مجزرة بابنوسا عام ١٩٦٤, وجوبا عام ١٩٦٥, وبعدها واو، وعندما انتهك النميري اتفاقية أديس أبابا. ورغم أننا جميعاً نعلم أن الزبير باشا رحمة كان تاجراً للرقيق لكن لم يكتب احد مطالبا بتغيير اسم الشارع الذي يذكر الناس أن هنالك من يمجدون ممارساته تلك ويريدونها أن تظل هكذا في وجدان ضحاياه إمعانا في اذلالهم والإبقاء على الإذلال المعنوي لاحفاد ضحاياه.
من هذه الخلفية ادركت الدرجة العالية من الشجاعة التي قفز من خلالها كل من دكتور عشاري ودكتور سليمان بلدو ليسطرا مذبحة الضعين وملابسات الرق في تلك المناطق، رغم ادراكهما لما سيكلفهما ذلك من رفض ووظيفة وتشرد، لكن إيمانهما بتلك القيم العليا لم يكن نظريا بل عمليا. وكذلك اعجبت بدكتور احمد سكنجة الذي كتب كتابين “من الرق الي عمال: التحرر والعمل في السودان المستعمر” و”عسكرية الرق وبروز شتات السودانيين الجنوبيين في شمال السودان بين١٨٨٤ – ١٩٥٦.”
عندما يفتقد الحقيقة، تتكرر الأخطاء، ومن تربي او تربت علي الممارسات الخاطئة يظن أو تظن أن ممارساته/ها هي الممارسات الطبيعية، لذلك ينبع أهمية الكتاب والمفكرين الذين يمكنهم تصحيح المفاهيم الخاطئة، لذلك فإن محور ما نحن بصدده، هل هنالك استخدام لتعبير عنصري ام لم يحدث ذلك.
محمود يوسف
قام دكتور محمد جلال بالرد ادناه:
إذن فأنت تعتقد أنني أريد أن أرضى جميع الأطراف؟ وأن هذا هو أحد أسباب بقاء العنصرية؟ عليك إذن أن تحلل ما كتبتُه لتصل إلى هذا الحكم، ليس فقط غير الحكيم، بل الخالي من أي قدر من الاحترام لرجل سخَّر حياته وظل يكتب لما يقرب من أربعين عاما ظل يهاجم فيها العنصرية. فإما أن تثبت تحليليا أنني أسعى إلى إرضاء جميع الأطراف من باب التخفف في محاربة العنصرية، مدعوما بمواقف كلامية وكتابية صادرة مني، أو أن هذا هو الاجتراء والتهجم بلا سند أو تأدب بما يوجب أدب الاختلاف. وعندها أما أن أغادر انا هذا القروب أو تغادره انت. (محمد جلال هاشم)
لان القروب يحتوي علي عدد كبير من اساتذة الجامعات، فلقد توقعت منه الانتظار حتي ابرر موقفي أو وجهة نظري او اعتذر له عما كتبته، لكنه وضعني امام خيار واحد لا غير، بالخروج من القروب وخاصة انه من المؤسسين والإداريين للقروب، كما ذكر، بينما يناقض نفسه بمطالبته إدارة القروب فيما كتبه اعلاه ب “ينبغي لهيئة إدارة القروب أن تتخذ تجاههم ما تراه مناسبا”
فرديت بالتالي:
“احتفظت بما كتبته، وسأقوم بتحليله يوما، حاليا ليس لدي وقت. والي حين ذلك ساغادر القروب، مع احترامي.”
قرأنا ما كتبه دكتور محمد جلال عن هذه الواقعة، وعلي الأخص هذه الكلمات الوقحة من هذه المرأة وقصد بها الفريق شمس الدين كباشي:
كذاااااااب
اسود واحقد قلب
كما أوردنا اعلاه، ومثلما كتبت الصحفية زينب محمد صالح عما يطلق على السود اسم العبيد (١)، وان ذلك ما ذهبت اليها هذه السيدة ولا اظن ان ذلك كان خافيا علي دكتور محمد جلال، وهو الذي كما ذكر قد قضي أربعين عاما مهاجما العنصرية، فهل ما كتبه كان رادعا لهذه السيدة؟ أو منصفا للقلة ممن انتقدوا تلك السيدة أم أن ما ظنه رادعا، إنما انعكاساً لما توارثها ممن درجوا عليها؟
اذن فهذه السيدة عندما تكتب عن الكباشي أنه “اسود واحقد قلب” فانها تقصد “عبد واحقد قلب,” وهذه حقيقة واضحة لكل لبيب في السودان، لانها تحولت من لغة الاشارة الي لغة فجة تخلو من ادني مقومات الادب.
ما كتبته هذه السيدة ترتقي الي درجة الإساءة لكل سوداني وخاصة هؤلاء الذين في كاودا والمناطق المحررة مما يدعي أنه يدافع عنهم، وكلمة اسود نفتخر ونعتز بها ، وكانت حتي الخمسينات يتعفف الكثيرين في الشمال عن قبولها، أن كان لا يعلم هذه الحقائق فهذا جهل فاضح بالثقافة العنصرية التي سادت من حوله وقامت بتقزيم كل من كانت بشرته تميل إلى السواد ، وان كان على علم بكل ذلك، وهو مؤسس القروب فلماذا هذه اللغة الأكاديمية التي نوهت الحقيقة الساطعة، حتي أن هذه المذنبة قامت بعد ذلك بوضع رسالة، وهي غير متأسفة لما جري وكأنها تشمت علي من قاموا بنقدها.
كتب محمد جلال عن مؤسسة الرق فى ورقته التى علق فيها على الدكتور عبد الله على إبراهيم (تحالف الهاربين) :” واليوم لا يجوز التعجب والإستغراب من أن هذه ( يقصد مؤسسة الرق) لا تزال ناشطة فعلياً، ذلك أن الرق والتمييز العرقى لم يفارقا وجدان الثقافة الإسلاعروبية فى المركز حتى الآن! ” (٢)
إذا كان قد كتب للجمهور بمثل هذه الحدة، فلماذا كان متهادنا مع هذه السيدة؟ واضح أنه بتلك الكتابة كان يريد تسويق نفسه لاهل الهامش، حتي يمتطي ذات الجواد الذي برز من خلاله ياسر سعيد عرمان وآخرون، وما يعزز هذه الفرضية، عدم انتظاره لردي حتي يتخذ قراره، بل كان من الحدة والعصبية بحيث أراد نتيجة فورية للتخلص مني، لكن ما يجعلني أكثر استغرابا، هل ان ما قالته هذه السيدة قد ألمته ام ما كتبته انا؟ علمنا المنطق أن رد الفعل الطبيعي والفوري هو ما يصدر عن الاكثر إيلاما، فهو قد صبر علي السيدة يوما أو أكثر ليرد عليها، بينما لم يصبر علي كلماتي أكثر من خمسة دقائق، فهل هذا موقف من يهاجم العنصرية لمدة أربعين عاما؟ الذين يهاجمون العنصرية لن يحتملوا وصف شخص بكلمة عبد لمدة ثانية واحدة، لأن الكلمة في حد ذاتها تجرد المتلقي من أية احساس إيجابي تجاه قائلها، إلا إذا لم يكن لوقعها ذات الأثر في نفسية المتلقي، وهذا ما اتضح جليا في عدم انفعاله الوقتي، وهو المعروف عنه كثرة انفعالاته فيما لا يسوي، فهذا يقودنا مباشرتا الي سؤال مباشر، حول مسرحياته لجماهير الحركة الشعبية لتحرير السودان، فهل هو صادقا حقا فيما يقوم به من ادوار؟
لقد طلب مني الآتي:
1- الرد
2- الاعتذار
3- الخيار بين مغادرته او مغادرتي للقروب
هذه الخيارات الثلاثة وفي ذات الوقت توضح التهور وعدم العقلانية من شخص من المفترض أن يكون اكاديميا وفي مسألة كان بإمكانه الصبر عليها حتي يقرأ ردي، ويحكم بعد ذلك، وما حدا بي الي كتابة موقفي اعلاه، وهكذا يجب أن يكون الاكاديمي. أننا بصدد قضية عنصرية تجاه الفريق شمس الدين كباشي، فكان عليه أن يركز في ذلك، ولكن أن يقوم بتحليل الموقف السياسي للكباشي قبل ما لحق به (وبي وكل من لونه اسود متضمناً صديقه عبدالعزيز آدم الحلو) من كراهية محطة لكرامتنا، بل وزاد من ذلك قائلا “استحقاق الفريق شمس الدين كباشي لأن تُكال عليه اللعنات لمسئوليته في فض الاعتصام، ذلك بحكم أن مسئوليته هي الكبرى” أية مسؤولية كبري كانت للكباشي؟ وهو بذلك قد جرد الكباشي من أية تعاطف مسبق، ومن ثم عندما يقوم بنقد هذه السيدة من هذه الخلفية، ستطغي الكراهيه تجاه الكباشي علي مسئوليته تجاه فض الاعتصام، علي أية تعاطف تجاهه عما لحق به وبنا من إيذاء وإساءة عنصرية.
لكننا نتسائل الم يكن الكباشي مجرد المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري، أية مسئولية ورئيس المجلس العسكري هو البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) هو نائب رئيس المجلس؟ لكن لماذا قام محمد جلال هاشم وعلي الرغم من صغر وظيفة الكباشي في المجلس بتحميله وزر فض الاعتصام؟ الم يكن محمد سعيد الحصاف متحدثا باسم صدام حسين، هل حاسبه احد علي ما حدث في العراق أو ما قاله، وما اكثرها؟ تبقي فقط لون كباشي الاسود، وهو في ذلك قد التقي مع مفاهيم هذه السيدة ان اراد أو ابي، لذلك كان تنمره علي، ام قل لي بماذا نسمي هذا؟ هل هذا تحيز واضح ام عنصرية مبطنة؟
فهذا جوهر ما قام به محمد جلال هاشم، وكان قصده أن نصمت لهذه المسرحية الهزلية ويكون بذلك قد اصطاد عصفورين بحجر، وعندما كشفت زيفه ثارت ثورته تلك العارمة، أليس صديقه العسكوري محقا عندما نزع عنه نقاب الإدعاء والغطرسة والفهلوة والإستهبال (٢)؟ وكان تلفون كوكو أيضا محقاً عندما تساءل عن مبرر إشراك محمد جلال هاشم عضوا في وفد الحركة الشعبية في محادثات السلام؟ ام ما يحدث ما هو إلا جانب من النزوع الي الإلحادية تحت قيادة عبدالعزيز آدم الحلو والذي مثل الخلاف الحاد بيني وبينه منذ ديسمبر ٢٠٠٠, وتجنبت إشراك يوسف كوة في ذلك حتي لا تسبب له هواجس وهو في ايامه الأخيرة معنا في هذه الحياة.
الم يكن من الاوفق أن يستعين عبدالعزيز بمجلس التحرير من أجل وضع خيارات التفاوض واختيار مفاوضين، ام أن حاجته الي ذلك المجلس قد انتفت عندما تم تسليمه مقاليد السلطة؟
للحركة قيادات يمكنها أن تفاوض بإقتدار، منهم تلفون كوكو ورمضان حسن نمر ودكتور احمد عبدالرحمن سعيد، وهنالك قيادات من النيل الازرق مثل عباس والجندي وسيف يمكن إشراكهم والمئات من كوادر الحركة في المهجر، ممن ضحوا بحياتهم ومستقبلهم من اجل الإنسان السوداني، فما هي تضحيات محمد جلال هاشم غير رؤيته الإلحادية؟
اتفق مع عسكري في انه لم تكن فلسفة الحركة الشعبية إحلال نظام استبدادي بآخر كما يتوهم هاشم (٢), أن اطروحات الحركة الشعبية التي أسسها دكتور جون قرنق وعمل يوسف كوة علي تسويقها في شمال السودان، قائمة على تكوين السودان الجديد القائم على القيم الديمقراطية والإنسانية والتي تعترف بالتنوع وتعمل بحيادية علي الارتقاء بالشعب السوداني في كل مجالات الحياة، لخلق ألامة السودانية.
محمود الحاج يوسف
مراجع:
1- العنصرية: لماذا يوصف السود بـ”العبيد” في السودان؟
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-53544206
2- عن كارل ماركس السودان المزور أكتب (1): د. محمد جلال هاشم :الغثاء النشط .. بقلم: على عسكورى التفاصيل نشر بتاريخ: 01 تموز/يوليو 2017
الزيارات: 4281
http://www.sudanile.com/index.php/%D9%85%D9%86%D8%A8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/34-0-6-8-3-1-6-8/100056-%D8%B9%D9%86-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%84-%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B2%D9%88%D8%B1-%D8%A3%D9%83%D8%AA%D8%A8-1-%D8%AF-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%AB%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D8%B7-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D9%88%D8%B1%D9%89#top