من المعلوم أن الحروب التي خاضها الجيش السوداني
بعد خروج المستعمر هي حروب أهلية
حرب الجنوب وحرب دارغور
وحرب جبال النوبة وحرب الانقسنا
وكان التجييش يتم بناءً على الدوافع الدينية والعرقية
عبر حقب ما يسمى بالحكومات الوطنية
وهي ليست بوطنية في واقع الامر
لأنها جيشت كل الشمال المسلم
ضد الجنوب المسيحي
ولا استثني منها حكومة
منذ 1956 الى 2019
الجيش غلبت عليه الجهوية في الرتب العليا
حيث كانت الكلية الحربية حكراً على قبائل بعينها
بعد حرب دارفور تكبد الجيش خسائر فادحة
من قبل قوات المتمردين
والسبب هو عدم وجود الغبينة
وأهلنا قالوا (الدواس بلا غبينة ما ببقى)
لجأ حكام الخرطوم الى الاعتماد على الفرسان
من قبائل جنيد ومجنود وابناء عمومتهم
وافراد هذه القبائل عرفوا بقوة الشكيمة
وشدة البأس عندما يلتقي الجمعان
منذ حروب المهدية
وكذلك استفاد حكام الخرطوم
من ضعف بنية الحركات المتمردة
المتمثلة في غلبة الطابع القبلي لجيشها
وقد أدت هذه القوات الصديقة دورها على أكمل وجه
واصبحت الذراع الطولى للقوات المسلحة السودانية
وضمنت في هيكل الجيش بشرعية الدستور
ومصادقة البرلمان الخرطومي المركزي
وللحقيقة والتاريخ
قد انحازت هذه القوات للشعب
عندما ثار ضد حكام الخرطوم الاسلاميين
الشق المدني الذي وثق فيه الثوار لكي يكون ممثلهم
في المفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي
اظهر فشلاً كبيراً حتى اليوم
ولم يتمكن من التمتع بسلطات حقيقية
مع النفوذ القوي لافراد ذات المجلس العسكري
الذي اصدر بيان اقالة الرئيس
ذلك المجلس العسكري
الذي مثل فيه قائد هذه القوات
الرجل الثاني
الامر الذي اثار حفيظة كثير من المركزيين
تعرض قائد هذه القوات
لهجمات عنصرية بغيضة
وحملات جهوية شرسة
ذلك بعد مناخ الحريات الذي اتت به ثورة السودان
حينها علم أن البلاد تقودها القبضة المركزية المتسلطة
منذ خروج المستعمر
فما كان له الا أن يلجأ لمكونه الجغرافي
فبذل جهداً رائعاً لتقريب وجهات النظر
بين القوات المتمردة التي كان قد قاتلها ذات يوم
والحكومة الانتقالية ذات الرأسين
وسعى سعياً حثيثاً لانجاز مشروع سلام وطني
يدخل المتمردين في سلطة الانتقال
وقد تم التوقيع على الاتفاق
وحضرت الفصائل الى الخرطوم
لكن ما زال التلكؤ هو سيد الموقف
الوضع الان يؤكد على وجود اكثر من جيش
جيش كان متمرداً ووقع على اتفاق السلام
وجيش صديق وشريك للجيش الموروث من الانجليز
وجيوش اخرى لم توقع على اتفاق السلام
معظم هذه الجيوش يحركها الغبن
واصبح عدد كبير منها متمركز في صلب
ومنبع القرارالسياسي والعسكري
اذا لم تتم عملية الترتيبات الامنية بسرعة
سوف تكون سلطة الخرطوم في مهب الريح..
وسوف يسيطر المغبونون
على مقاليد الحكم بكل سهولة
وسوف يبسطون العدالة المفقودة
العدالة العرجاء التي لم تتمكن حتى اليوم
من محاكمة الدكتاتور البائد
المعترف بعظمة لسانه
بقتله لعشرة الاف من مواطنيه
هذه الجيوش لا يجدي معها الاستفزاز
الذي يصدر من قبل بعض الناشطين المركزيين
الذين كانوا ينعمون في رغد العيش
مع النظام البائد ابان ضخ بترول ابو جابرا
عبر ميناء بشاير
الواقع يحتم تكوين جيش وطني
من جميع مكونات هذه الفصائل دون استثناء
والا سوف لن تكون الغلبة
لاصحاب الامتياز التاريخي
في قيادة المؤسسة العسكرية
هذه الرسالة موجهة الى المراهنين
على الاستمرار في حكم السودان
عن طريق اشعال الحروب الداخلية
والتحرش بالجيران
اسماعيل عبد الله
21-01-2021