تصاعدت حالة الرفض و الاحتجاج وسط طلاب الجامعات، بعد أن نفذت السلطات الأمنية حملة واسعة من الاعتقالات وسط طلاب جامعة الخرطوم الذين كانوا قد نظموا حملة للاعتراض على ما حملته التقارير بخصوص تفريغ الجامعة و بيع أصولها، و إمتدت الاحتجاجات لتشمل معظم الجامعات، و إرتفع معدل الاصابات بين الطلاب جراء إستخدام الغاز المسيل للدموع و الرصاص المطاطي، والرصاص الحي مما فاقم حالة التوتر بشكل عام و تعطلت الدراسة في معظم الجامعات، وكذلك تعطلت وسائل المواصلات العامة في العاصمة.
لقد واجهت السلطات الأمنية الاحتجاجات السلمية بتعسف، متجاوزة لمقتضيات الحالة، مما أسفر عن مقتل طالبين بالرصاص هما ابوبكر حسن محمد طه ( جامعة كردفان) و محمد الصادق (الجامعة الاهلية). و أعداد غير محصورة من الجرحى، و المعتقلين إلى غير ذلك من إنتهاكات جسيمة لحقوق الانسان .
إن تدخل سلطات البوليس و الامن والوحدات الجهادية التابعة للحزب الحاكم في الجامعات واستخدامهم للرصاص المطاطي و الذخيرة الحية لقمع احتجاجات الطلاب السلمية المشروعة قد ساهم في نسف استقرار المؤسسات الجامعية، و عرّض أرواح و سلامة الطلاب الى الخطر الجسيم ونشر ثقافة العنف في مؤسسات العلم. إن الوقائع التي شهدتها الجامعات السودانية و ظلت مستمرة طوال شهر أبريل و حتى مايو الجاري تؤكد حقيقة أن التدخل المتعسف للاجهزة الأمنية في المؤسسات الجامعية قد أسهم في كل النتائج المؤسفة التي شهدتها تلك الفترة و التي وصلت الى درجة من المأسوية سُلبت فيها الأرواح، و اصيب من أصيب بالجراج٬ و أُعتقل عدد كبير ٬ ما زال بعضهم قيد الاعتقال لدى الأجهزة الأمنية، و منهم من تم إحالته إلى محاكمات جنائية بتهم خطيرة. كما أدى تفاقم تلك الاوضاع إلى تعطيل الدراسة بصورة غير مسبوقة في كل الجامعات التي شهدت أحداث عنف في الأسابيع السابقة، و كان آخر ذلك أن أعلنت جامعة الخرطوم في يوم 3 مايو عن تعليق الدراسة الى أجلٍ غير مسمى، و فصل سبعة عشر طالب بصورة تعسفية و دون القيام باي اجراءات لتقصي الحقائق.
إن الانتهاكات المتلاحقة و اطلاق يد الأجهزة الأمنية التي تدربت على الاستهانة بالكرامة البشرية لتستبيح المتظاهرين بهذه الطريقة البشعة٬ و انهيار حكم القانون مع انعدام القيادة السياسية الرشيدة سوف لن يقود سوى إلى الكارثة. إن استخدام الأجهزة الأمنية للعنف المفرط يصعد من حدة التوتر ويفاقم الغبن ويساهم في عدم الاستقرار. يجب على السلطات الحكومية أن تتصرف بمسؤولية وأن تراعي مبادي سيادة حكم القانون و إحترام حريات و كرامة المواطنين بما يتفق ومقتضيات الحكم الراشد، و من ضمن ذلك أن تُلزم موظفيها بالالتزام بقواعد القانون و عدم التعسف في استخدام السلطة العامة، و أن تتصدى لمن ينتهك تلك المبادئ بالمحاسبة العادلة، و خلاف ذلك سيسهم في إهدار حقوق الانسان في السودان، و ينتهك القوانين السائدة، و يحبط من جهة أخرى كل الجهود التي تبذلها منظمات المجتمع المدني، لا سيما الكونفيدرالية، في سبيل تحقيق السلام و الحريات العامة و التنمية.
تتقدم كونفيدرالية منظمات المجتمع المدني السودانية بأحر التعازي لأسر الطلاب الشهداء ، و تعلن تضامنها مع كل الطلاب في الجامعات السودانية، لا سيما الجرحى و المعتقلين. إن (الكونفيدرالية) ، إذ تدين الاستخدام المفرط للقوة من قبل المؤسسات الأمنية تجاه الطلاب و النشطاء الحقوقيين، فإنها تطالب أيضاً بالافراج الفوري عن المعتقلين، و التوقف عن ملاحقة الطلاب و الخريجين و الناشطين، كذلك تطالب الكونفيدرالية بالتحقيق في حادثة مقتل الطالبين ابوبكر حسن محمد طه ( جامعة كردفان) و محمد الصادق (الجامعة الاهلية)، وكذا التحقيق في إستخدام الأسلحة النارية و الرصاص المطاطي في مواجهة الطلاب العزل، تحقيقاً مستقلاً و شفافاً و نشر نتائج ذلك التحقيق.
كونفيدرالية منظمات المجتمع المدني السودانية
الخرطوم، الخامس من مايو 2016