واشنطن : صوت الهامش
أصدر مشروع “الحراسة – سينشري” التابع لمنظمة “كفاية” الأمريكية تقريرًا قال فيه أنه على مدى العقد الماضي، اصطفت الحكومات في جميع أنحاء العالم لإضفاء الشرعية على نظام “عمر البشير” في السودان، حتى في الوقت الذي يواصل فيه انتهاكاته لحقوق الإنسان في أنحاء دارفور، وجبال النوبة، وتوفيره الدعم للجماعات المتطرفة، واعتقال وتعذيب المتظاهرين.
وقال كلاً من “جورج كلوني” و”جون برندرغاست” – من مؤسسي سنشري- أنه بدلاً من مواجهة هذه الانتهاكات، سعت كلًا من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والصين وروسيا ودول الخليج العربي جميعها إلى إيجاد سبل لتعزيز العلاقات مع حكومته.
بينما وقفت دائرة واحدة فقط أمام “البشير” وجنرالاته المتحالفة معه، ألا وهي دائرة الشعب السوداني نفسه، فبعد سنوات من المقاومة، حفزت الحركات الاجتماعية المؤيدة للإصلاح في السودان الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، مما أدى إلى انقلاب في القصر يوم الخميس الماضي.
وتم استبدال “البشير” بحليفه ووزير الدفاع “عوض بن عوف” ثم حل محله قائد عسكري آخر هو “عبد الفتاح برهان” حيث يقول التقرير أن تلك السلسلة عبارة عن خطوات مباشرة في كتاب “الاستبداد”، حيث يديم النظام نفسه أطل وقت ممكن من خلال تغيير الوجوه في الأعلى دون تغيير قلب النظام الذي يغذي الفساد، وهو ما لم ينطلي على محتجي السودان.
وقال القائمون على “سينشري” في تقريرهم أن السماح للجيش بالإشراف على الانتقال إلى الديمقراطية، ولو على نطاق محدود، سيكون بمثابة إشراف الثعالب على تزيين الدجاجة، كما يمكن أن يقوض الجهود الرامية إلى القضاء على الفساد والعنف الذي ترعاه الدولة، وهما السمتان التوأم لثلاثة عقود من حكم الجيش في السودان.
وأفاد التقرير بأنه على الرغم من هذه المخاوف، إلا أن إزالة “البشير” يعتبر دليل على حدوث تصدع في أساس النظام المريض، وهو ما خلق أمام المجتمع الدولي الآن فرصة ثانية لتصحيح إخفاقاته السياسية السابقة، ومواكبة مطالب الشعب السوداني.
وحث التقرير زعماء العالم السلطة في السودان السودان على الرد على المحتجين بضبط النفس، بينما تضغطت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأفريقي بشكل غامض على النظام لدعم الانتقال إلى الديمقراطية .
وقال التقرير “إذا كان المجتمع الدولي يحث التغيير فقط دون اتخاذ أي إجراء، فقد يصبح السودان مثل مصر، حيث يظل النظام الفاسد الذي يقوده الجيش قائماً على الرغم من التغييرات في القيادة، حيث يجب على المجتمع الدولي بدلاً من ذلك بناء النفوذ لإقناع الجيش بتسليم السلطة التنفيذية الكاملة إلى حكومة انتقالية بقيادة مدنية.
وأشار التقرير إلى أن جنرالات السودان يعانون من الضعف المالي، حيث تركت السياسات الحكومية الكارثية البلاد في سحق ديون وفي حاجة إلى مساعدات وتخفيف عبء الديون .
وأشارا أن شريان الحياة في السودان من المساعدات القادمة من التبرعات الطارئة القادمة من دول الخليج والمساعدات الأوروبية، والتي تهدف بالأساس إلى الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا، وهي المهمة التي كلف بها النظام بعض الميليشيات الوحشية .
وأوصى التقرير بتعليق جميع المساعدات غير الإنسانية الآن حتي يتم تسليم الحكم للمدنيين وحل الميليشيات.
بالإضافة إلى ذلك، فقد عرقلت كل مساعي النظام البائد للحصول على تخفيف أعباء الديون لأكثر من عقدين من خلال وضعه على قائمة الولايات المتحدة للدول الراعية للإرهاب.
وفي العام الماضي، تقدمت الولايات المتحدة في عملية لإبعاد السودان من تلك القائمة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفتح الباب أمام تخفيف كبير للديون، بينما أعلنت وزارة الخارجية بعد إقالة “البشير” أنها ستعلق هذه العملية مؤقتًا .
وفي هذا الصدد طالب مشروع “سنشري” بأن يتوقف استئناف الخارجية الأمريكية على الانتقال الديمقراطي الحقيقي للسلطة في السودان.
ولفت التقرير أن أكثر أشكال النفوذ قوة تتمثل في متابعة الأصول التي قام بغسلها البشير وحلفاؤه عبر النظام المالي الدولي ، مبيناً أن شبكة البشير العسكرية والتجارية تعمل على الاستغناء عن موارد البلاد لعقود .
وتفيد التقارير بحشو الحسابات المصرفية وشراء العقارات وشركات التأمين في جميع أنحاء العالم. نتيجة للفساد الموثق والافتقار إلى الضوابط الكافية لمكافحة غسل الأموال التي أبرزها الحارس مؤخرًا .
وأكدا أن من المحتمل أن تتوسع نخب النظام في جهودها لإخفاء ثروتهم التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة خارج السودان.
وطالب التقرير من وزارة الخزانة الأمريكية والجهات التنظيمية الأخرى في جميع أنحاء العالم إصدار إرشادات عامة لقطاعها المالي والعقاري تحذر من خطر هروب الأصول من “الأشخاص المكشوفين سياسياً” للنظام السابق إلى ولاياتهم القضائية.
كما طالب الولايات المتحدة استخدام عقوبات قانون غلوبال ماغينتيسي ضد المسؤولين عن الفساد الجماعي وانتهاكات الحقوق.
واختتم التقرير قائلا “يحتاج المحتجون السودانيون الشجعان إلى أكثر من مجرد كلمات: إنهم بحاجة إلى عمل دولي قوي من أجل إحداث تغيير حقيقي”.