ما فتئت حواء السودان تكفف دموعها المنهمرة علي فقد بنيها جراء غرق سفينة في عرض البحر المتوسط والتي اودت بحياة 460 شخصاً أكثرهم من أفريقيا والسودان مطلع الشهر الماضي ، وتلتها مذابح هيبان وارزني ، حتي اخترقت مسامعها نبأ انقلاب سفينة أخري أمس الأول بذات البحر والتي تحوي المئات من المهاجرين الهاربين من صواعق وامطار الانتنوف ، حيث تناقلت الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مقاطع فيديو وصورا تفيد بحدوث إنقلاب سفينة بالمتوسط اودت بحياة700 مهاجر غرقاً ، ولم ينج منها الا ذو حظ عظيم .
يأتي ذلك في ظل صمت مطبق من قبل أجهزة الدولة الرسمية ، وكأن اتفاقية ما وبرعاية دولية قد أبرمت بين العصبة الحاكمة بالسودان وحيتان المتوسط ، اذ أن الأول يرغم الشعب لولوج مياه البحر الأبيض المتوسط ليغدو عشاء طازجا للثاني .
مما يجدر ذكره أن هذه الحادثة لم تكن الأولى ، اذ تغذت وحوش المتوسط قبلها بآلاف من المهاجرين السودانيين وغير السودانيين ، سيما في شهور مايو-يونيو -يوليو – أغسطس-والنصف الأول من شهر سبتمبر من كل عام ، ولن تكن الأخيرة طالما ثمة حكومة يتسنمها نظام إسمه المؤتمر الوطني ، وطالما ثمة تقاعص دولي في تكملة اجراءآت من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين لطالبي اللجوء عبر نوافذها ، اذ غالباً ما يطعي طالبوا اللجوء موعداً يقل عن الثلاث سنوات او يزيد لتحديد أوضاعهم رفضاً كان او قبولاً ، ليليها انتظار مماثل لعملية إعادة التوطين حسب هوي الدول المعنية .
كثيرا ما قابلت شباباً حديثي القدوم من سوداننا الجريح ممن أرغمتهم وحشية حكومة الإسلاموامنيه لسلوك خيار الهروب إلي ما وراء البحار عبر الهجرة غير الشرعية ، والمحزن حقاً أن جلهم من الخريجين الجدد من ابناء الهامش السوداني ، ولكل منهم أهدافه ومراميه ، إلا ان ما يجمعهم إجابتهم الصريحة بأن أحشاء حيتان المتوسط أهون من سعير سودان يحكمه المؤتمر الوطني .
فإلى متي هذا الرحيل الجماعي المهول ؟؟؟!