لــ( محمد ابكر موسى،،،)
وهل يا عِيدٌ بقيَ من (الإعتياد) ما يسمى بك عِيدا!
ماذا تبقي لنا من حواسٍ
لنشعرُ أننا للفرحِ وللسعادةِ أوفياءً نحنُ حقا!
وهل حقاً أيها العيدٌ
تُرى ثمة ما علينا الإحتفاءُ بك عِيدا..!
أيها العيدٌ كفى زيفاً..وخبثاً..وهُراءً;
فإذ لم تعد تعنينا شيئاً مطلقا
وﻷجل ماذا لن نكن كذَلك تُرى..؟
ماذا تبقىَ لنا من جوارحنُا عند الحرب الأخيرة
ما يجعلنا إليك
نغدو سعداً.. وإحتفالا!
أسألُك يا عِّيدٌ أحقاً نعدُ نستحقك ننحن..
وتعد تستحقنُا أنت عِيدا؟
وبكل هذه الجثث الهامدة
على مدى البقاع عالماً..فكونا
بكل هذه الدماء الراكدة
على سيلان الأبحر الطِوال..البيداءُ آفاقا
بكل هذه الوجوه المشوهة:
كهولةً..ووجوماً..وتجاعيدا
أظنُك أرحل أنَّا بعيداً بلا رجعةٍ
فإذ لم نعد غير للحزن صديقاً وفيّا
أهَّل أيها الناس
نحن بهذا العِّيد إعداداً..وإستقبالا؟!
دعوا عنا النفاق..والعبث بالذي ليس لنا..
ولن نعد له يوماً مخلصا!
كيف بالعيدِ ولم تكفي جيوبنا طعماً لنا..
ليتجمّل الأطفال باللبسِ والنعل الجديدا؟
وكيف لنا به سعداً؟..ولم تعد مواسيرُنا تروي رمقاً..
ليذق الصغار الشوكولا والحلوى
لك العذرُ يا عِيدٌ..فالفرح رحل عن العمق..
وما على السهول غير هياكل الموتى..!
إستميحنا أسفاً يا ما يسمونك “عيدٌ” ..
فالنغس لم تعد تدرك سوى
فجائع الذبح وصدح الرصاص..
وعن جرائم الإغتصاب بالسلوى!
يا عيدٌ معذرةً..
فقد هجرتنا مواسم الأعياد إلي الأبد..
مع حرق الصغار والملجى
أحقاً أنت يا عيدٌ لنا..وإلينا..وبنا.. وعنا..
وبك علينا مُرحِباً وترحابا
طيب! أين ملائكة الرياض..؟
وما للحرب بهم غير تعذيباً ونسفا..!
وأين مراجيح اللهو لهمُ..؟
وأين ضحكاتهمُ إلي عنان السماء غِناءً وطربا!
وأين عنادهمُ البرئ.. وأصرارهمُ الفاتن..؟
وأين إبتساماتهمُ الجُمال..
والتي تملأ الأسوار حياةً وسعدا
فهكذا يا عيدٌ سَطحَ العمق..
وماتت الجذور..وذبلت الأفنان..
بكل بساطةٍ وسهلا
وأين مفاتيح الأبواب والكل لها موصدةً;
عن عراء النفس والبيت..
أو عن فراغ الديوان ونتانته..
أو عن الإغتيال خوفا ورُعبا!
وأين شغف الأطفال في تهنئتهم للجيران..
وكذا الغرباء في الشارع وهمُ تبسماً وحماسا
وأين ضجيج أصواتهم لحظة الترحاب..
وصخبهم عند تناول الخبز.. الحلوى..والبلحا
تبأاً للذي لا يفرق بين من يَعِّيِد (العِّيدُ) إعتياداً..
ومن له(الإعتياد) فرحاً ..وعِيدا
ولعناً إلي من لا يقارب بين (الموت) فرحاً لحظة العيد..و(العيد) حين الموت تهكماً..وحزنا..!
المآذن تعلوها(الله أكبر…) ولكن أين ذلك الإله بالإنسان..ﻷجل الأنسان إنسانا
والأرض هكذا واسعةً..ولكن أين الوطن..وإين وحدة الشعب..وأين النواب والشورى؟
وكيف أيا شعبٌ بالعفوِ والتصالح عيداً..
ولم تسكت إلي الآن فوهة الزناد عن القتل..الجهاد..والإقتتالا!
كيف تُرى…وبالثورةِ سلباً وخيانةً حيناً..
وبالأحرارِ إلي بيوت الإشباح غير الإعتقالا
وكيف لنا بعِيدٍ
ولم نحتفلُ بعد بميلادِ وطناً يحتوي الكل..
وبلاداً تسع الأصيلا والوافدا
أليس العِّيدَ تحت كل هذه ليس أكثر من مجرد بلادةٍ..وهراءً..وعبثا
كيف بالعيدِ؟ وأين تُرى لوازم العيدَ:
لبساً ونعلاً جديدان..
حناءً يفوح كالمسكَ..
خبائزاً وحلوى..وعطراً لنا وللآتين ذكيا
وبمسلسل التطهير..!
أين البيت الكبير الذي يضم الأوصال..
والنُطف وبالأحفادِ إحتواءا؟
وأين يدُ الوالد الحانية..
وأين حراك الأم بالبيتِ ترتبياً وتنسيقاً..
وبالجميع رضاءً..وتقبيلا
ومَن شقاواة الأرض تهواهم:
أين رفاق الصبا وقوتهم..
وأين صبايا المراهقة وإليهن لهفة الركض..
وفيهن غزلاً عفيفاً
وأين الحبيب وليلاه..
والسهر بالقمرِ لعباً وخبثا..
وعصراً رمال الوديان تختمرُ أحضاناً..وإمتلاءا
وأين وعود بزغ اليوم الأول:
عند الدكان للمرسال..
أو بعد الصلاة خلسةً..
أو حيثما يخلو البيت من الوالدةَ والأخوانا
هكذا يا عيدُ عُذراً..
فالمُهج بأكوامِ الحزن مقبرةً..
وما للصدرِ مساحاتٍ غير للآلمِ فراغاً..وإتساعا
أين اللاتي نعانقهن بحرارةِ حمم البراكين..
وأولئك الذين نصاحفهم بحماسة النصر..
ونهنئهم بمدى الدهرِ عُتباً..وولها
عفواً أيها العيدُ;
فالأفئدة لم تعد تدري غير كلمات الضيم..
وتتلوّن بالسواد..وبالعذابِ أدغالاً..وآفاقا
ومعتذرةً عنك فرحاً;
فأين تُرى الأعين التي تحفظ الأسرار..
وريثما تعلنها صبابةً..فهماً..وإعتذارا
وأين الدموع التي نزرفها
حين اللقاء حنيناً..شوقاً..وإشتياقا
وحين الأنس ضحكاً..شغفاً..وتجمُلاً
وحين الفراق توديعاً..لوماً..وتوّسلا
أين يا عيدٌ بنا وطناً..
فنحن هكذا نتمذقُ الأرواح..
ونتشظى الحواس..
ونتقطعُ الجوارح حبيباتاً..فأشلاءا
وكيف تأتي إلينا..
ونحن هكذا نموت من الحرب حيناً..
ومن ظلم الوطن كل حين..
وكل عقدٍ وزمانا
وإلي كم نتعذبُ من الآلهة مذ الأزل..
وقبل الثانية هذه وتوّا
وأين الإنسان الجميل..
ونحن نبكي على صدره الدافئ
شكواً..أرقاً..وألما
ويمسح بأناملهِ النائمة
أدمعنا السخينة معانأةً..وسُهاداً..وغدرا
هكذا أتيت يا عيدٌ..
وأين أهدافنا في الأمس..
وأين أحلامنا للغد..
أو حتى تلك المؤجلة للأمل الأخير
عن الحين المستقبلا
أيها العيدٌ الذي بنا فرحاً..
ونحن بك حزناً..
لك كامل العذر..الأسف..وخالص الأعتذارا
فنحن هكذا قطعاً لسنا بك سعداً..وتفاعلا..
أو حتى بك تهنئةً..ترحاباً..وحضورا
فعُد إلي حيث جئت..
فنحن إليك يا (عيدٌ)كُرهاً..
ولن نمنحك إبتسامتُنا الضحوكة هذه..
وما دامت البلاد
لنا ظُلماً..وإلينا شقاءً..وعلينا قهرا..!.
ليلة ٢٠/٨/٢٠١٨
mabakarm28@gmil.com