بقلم علي هرون نرجس
ونحن نعيش هذه الايام علي واقع اعلان نتيجه الشهادة السودانيه نبارك علي ابنائنا الذين نجحو في هذه الامتحانات ونتمني لهما مزيداً من التوفيق مع تمنياتنا للذين لم يحالفهم الحظ في ان يتوفقوا في مرة القادمة ، وكغيره من السنوات يستوقفني نقطه جوهريه في الشهادة السودانيه في عامل النجاح والرسوب حيث ان كثير من أبناءنا في مختلف الأقاليم قد تضررو في امتحانات الشهاده السودانيه بفعل بعض الطرق المتبعه في تحديد النجاح وخاصه القانون الذي ينزعك من نسبتك عندما تسقط في اللغه العربيه حتي ان احرزت نسبه كامله في بقيه المواد .
هذا القانون الجائر قد شهدت عدد من اصدقائي وعلي مر سنوات وهم يعيدون الامتحان مرات ومرات دون جدوي وفِي الاخير تركو التعليم طالما العائق أمامهم يستحيل تجاوزها بأي شكل من الأشكال طالما هي مرتبط باللغه ومستوي استيعابها والإبحار فيها ،لا شك هذه الماده يعطي امتيازات كثيره لبعض الطلاب ويحطم حلم الآخرين في دخول الجامعه مما يجعلها تمييز علني بين الطلاب ممتحني الشهاده السودانيه هذه الوضعيه يجعلني اتساءل عدة اسئله :
-ما هي السبب التي يجعل اللغه العربيه هي محدد نجاحك من عدمه ؟
-لماذا يحطم هذه الماده احلام كثير من الطلاب ويمنعهم من دخول الجامعه ويضع نهايه لمستقبلهم التعليمي ؟
قد يجد البعض مبررات يجدها هو منطقيه في هذه المعادله ولكن لدي ايضاً مبررات من ان هذا الامر يميز الطلاب بطريقه غير مهنيه دون مراعات بعض النقاط المهمه :
١-اللغه العربيه كلغه يتحدث بها اغلب الشعب السوداني ولكن مازال عدد مقدر من الشعب السوداني لا يستوعبون جيداً هذه اللغه بإعتبارها ليست لغتهم الام
٢-استيعاب اللغه العربيه كتابه وقراءه يتفاوت بين السودانيين رأسياً كلما اقتربت نحو المركز اي من المدينه للقريه ما يجعل التمييز في النتيجه افضل بالنسبه لهذه الماده كلما اتجهنا نحو المدن
٣-نوعيه ومستوي اللغه العربيه في الشهاده السودانيه المتمثله في البلاغه والنحو يجعلها صعبه للغايه ان لم يكن شبه مستحيله للبعض كيف لا وان الكلام يصعب عليهم ان يستوعبو التوريه ومعني القريب ومعني البعيد
٤-النقاط اعلاه وأخريات يجعل من عمليه جعل النجاح مرتبط بهذه المادة يوقع الظلم علي بعض شرائح المجتمع
هذه الوضعيه التاريخيه غير حياة كثير من الطلاب ومستقبلهم ولكن المحزن في الامر ان طيله تاريخ الشهاده السودانيه لن نجد اي محاوله لمناقشه هذا الامر و تبعياتها علي حياة السودانيين وخاصه للقائمين علي امر المعهد العالي للبحث العلمي المرتبط بصياغه المناهج ووضع قراءات مستقبليه لبناء الأجيال القادمه وتناسو او اهملوا سهواً او عمداً هذه المفارقه الكبيره التي أدي الي صناعه مستقبل سئ للبعض ، هذه القراءه لا يعني ان ينزع حق المادة في ان يلعب دوره في تحديد نتيجه الفرد ولكن يجب ان لا يأخذ حقه في حرمان الذين يجدون الصعوبه في تخطيه من ان يكون لهم مكان حتي وان كانت في شكل دبلوم نعم يجب ان يكون مثله مثل بقيه المواد التي يعطي حق ان تدرس دبلومات معينه وان كنت ساقط في احد المواد بدل من ان ينزعك ماده اللغه العربيه كل درجاته في مواد الأخري .
قد يندهش البعض من هذه القراءه ويستغرب اخرين في إنهم لم يلاحظو هذا المستوي من الفارق الذي يحدثه وهذا طبيعي للشخص الذي يعتقد ان جميع السودانيين يجيدون اللغه العربيه بمستوي عالي ولكن في المقابل يجد الاخر الذي عايش واقع مغاير انه ليس من العدل هذه الوضعيه نعم لم أكن شخصي أعاني من قبل مشاكل كبيره في استيعاب اللغه العربيه ولكن عايشت واقع وشاهدت أشخاص لم يستوعبو حتي لغتي العربيه المتواضعه الممزوجة بلغات اخري وقد تجد اليوم في جغرافيا السودان شخص قد يضاربك لسوء فهمه لحديثك معه نسبه للفوارق اللغويه الكبيره .
ومن النقاط العلميه التي تصنع وتشكل هذه المعدله ايضاً ان كثير من اصحاب اللغات غير العربيه وكم هي كثيره لم يحزو بمراحل مهمه في سلم التعليمي الحالي وهي مرحله “رياض الاطفال” والتي هي مرحله أساسيه ومهمه في وضع اساسيات وأبجديات اللغه لدي الاطفال فنجد كثير من الأقاليم يفتقدون حتي المدارس او الفصول البدائية وان وجد تجدهم بين فئات عمريه كثيره يصعب عمليه التعليميه ويعقد نشأه الاوليه للتلميذ ، كما ان الكادر التعليمي ايضاً يلعب دور في هذه المرحله و في هذه الماده مما يجعل مستوي التفوق يعتمد ايضاً عليه عامل التي يفتقده كثير من أقاليم السودان وبناءاً علي هذا السرد يجب علي جهات ذات الصله ان يضعو هذه الفوارق في عين الاعتبار و يعيدو قراءه دور ماده اللغه العربيه في تحديد النجاح حتي لا يستمر هذا التمييز الفاضح في سلم التعليمي السوداني واهمال هذه الفوارق في تركيبه الشعب السوداني المتعدد اللغات .