بقلم : مصعب عبدالكريم
الي متي ستستمر اتفاقيات الحبر علي الورق التي تنقضها النظام دائما بعدم الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات و احيانا حتي قبل عودة وفدها الي الخرطوم من منبر التفاوض!؟
قراءات ومراجعات حول اتفاقية برلين / ديسمبر 2018
ارجو أن أكون خاطئا في التقييم لهذه الخطوة و علي الأقل من التجارب السابقة حول زات القضايا وليس تشاؤما .
اذا كان كما يلي هي المرجعيات التاريخية فكيف لها أن تكون هذه الاتفاقية ولو فاتحة خير لتهيئة المناخ لحوار آمن مستدام لحل الازمات!؟
*اتفاقية أبوجا ولدت حية و ماتت بالمماطلة من النظام و المجتمع الدولي.
*اتفاقية سرت كان مجرد تسويق من قبل حكومة الليبية آنذاك للقضية الدارفورية و ربما كان أنفاسها الأخيرة علي يدي النظام .
*اتفاقية الدوحة ولدت ميتة من رحم دويلة قطر التي لا تعرف حجمها الحقيقي غير ان تروج لنفسها مكانة عالمية في المحافل عبر بوابه دارفور و هي فشلت تماما كما أنها ولدت ميتة .
*ولا نسال اين موقع الاتفاق الاطاري ( اتفاقية نافع / عقار) مما وصلت ايها الأوضاع في المنطقتين ( جبال النوبة والنيل الأزرق)
*ولا ندري تحت كم درج من ادراج النظام تم رمي اتفاقية خارطة الطريق الأفريقية الذي وقعها قوي نداء السودان مع النظام قبل شهور ووكم من غبار و أتربة نقض العهود والمواثيق غطاها .
واخيرا وليس اخرا
اليوم الموافق السادس من ديسمبر حركتي العدل والمساواة السودانية و تحرير السودان بقيادة مناوي توقعات علي اتفاقية ما قبل التفاوض في برلين مع الحكومة السودانية بوساطة بعثةالمشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة و دويلة قطر وفرنسا و والولايات المتحدة الأمريكية .
والتنازلات طفيفة من من كل الأطراف لعبت دورا تمهيديا للوصول إلي الاتفاقية و لكنها غير مجدية لحل الأزمة طالما أحد أطراف الحوار هو نظام البشير الذي يغير مواقفه كتغيرات الحرباء لألوان جلدها مع الأزمات !!
اولا : الوسيط الافريقي
كان دور الوسيط الافريقي المنحاز للنظام واضحا في الآونة الأخيرة علي الأقل موقفها من المطالبة من مجلس الأمن لفرض عقوبات علي أحد قيادات الحركات المسلحة الرفيق عبدالواحد محمد نور. ايضا موقفها من الحوار المزعوم بالحوار الوطني إلا أن الوسيط ضبطت مواقفها بالرجوع الي القرارات الإقليمية زات الصلة من مجلس الأمن والسلم الافريقي و مفوضية الاتحاد الافريقي و لعبت دورا وسيط محايد لتضمين مقترحات كل الأطراف في اتفاقية برلين .
ثانيا : تنازلات النظام .
تنازلت النظام عن محاولتها المستمرة لتوكير الحركات المسلحة في مناطقيات ضيقة و تجزئة القضايا التي قامت من أجلها الي قضايا مناطقية لا تتجاوز متطلبات شخصية و مناطقية ومناطق النزاع للتحجيم عليها و استصغارها وتحرير من صفة القومية …! ليكن بنود التفاوض قومية وشاملة لكل القضايا السودانية من الالف الي الياء وبوضع خصوصية لمناطق المتأثرة بالحرب.
ايضا تنازلت النظام علي كنكنشها و موقفها بتقديس وثيقة الدوحة كالقران الكريم / الانجيل بعدم قبول أي تعديل أو إعادة التفاوض حولها الي موقف مارن قليلا بشكلا ما نحو قبول تعديلات لوثيقة الدوحة و باعتبارها فقط كمرجعية للتفاوض حولها مثل بقية الاتفاقيات السابقة المذكورة أعلاها وليس الا .
بالمقابل
ثالثا : تنازلات الحركتين …!
تنازلت الحركتين الموقعتين علي برلين من موقفها الرافض بقبول الدوحة لحل الأزمة السودانية في دارفور و تمسكت بمراجعيتها للتفاوض حولها بتكوين آليات تنفيذ جديدة للاتفاقية بعد رفضها لأكثر من سبعة سنوات باستمرار والعشرات المعارك مع النظام و المئات الشهداء والجرحى والاسري و المعاقين والمفقودين .
رابعا : تنازلا دويلة !!
اذا كان هنالك طرفا يعتبر هو الخاسر الأكبر حول الموضوع اكيد هي دويلة قطر لأنها أنفقت المليارات الدولارات و دعمت نظام الخرطوم لتأسيس مليشيات جنجويدية المعروفة بالدعم السريع لغرض حسم الحركات المسلحة و القضاء عليها عسكريا ليكرهن الي التوقيع علي وثيقة الدوحة اجباريا دون كشط او شرط بعد أن رفضت هذه الحركات القبول بالدوحة منذا ميلادها في 2009 لأنها مجرد تركيع لثورة و ليس تحقيق مطالب ثورية . ومنها واختارت لنفسها لان تكون في مكانة دويلة مساهمة للأزمة بدلا من وسيط لحل القضية و تآمرت في اغتيال رئيس حركة العدل والمساواة السودانية الشهيد خليل ابراهيم و باعت زمم ضعاف النفوس من الانتهازية الي النظام روجت الجزيرة القطرية للعالم بأن الدوحة حققت السلام في دارفور و لا وجود أي تمرد بدارفور حسب زعمها ..و دعمت المستوطنين الجدد في حواكير النازحيين بمشاريع قري نموزجية لإعادة ترسيم ديمغرافية جديدة في دارفور .كما سوقت بهذه القضية في المحافل الدولية باسطوانة دولة عظمى و بموجبها وجدت لنفسها مقعدا في مجلس الأمن الدولي في الدورة السابقة لاول و اخر مرة في تاريخها . بالنتيجة الا أنها فشلت فشلا ذريعا في هذه الخطة . في القضاء علي الحركات المسلحة و التاريخ أفشلت مخطاطها و اضطرت لتغيير موقفها من القضية . واعفي امير الدويلة السيد / عبدالله بن ال الثاني نائب رئيس الوزراء السابق من منصبه كوسيط القطري لأزمة السودانية في دارفور و عين بدلا منه السيد / قحطاني ليكون أكثر مرنا مع الحركات المسلحة و ليعترف هو زات المندوب القطري بوجود الحركات المسلحة من جديد والاعتراف بعد أن انكرو أي وجود لحركات المسلحة في دارفور لمدة أكثر من خمسة سنوات. و غيرت دويلة قطر من موقفها بعدم حل وثيقة الدوحة لتحريرها و تعديلها الي اعتبارها كمرجعية للتفاوض حولها .
والخلاصة من موقف دويلة قطر…!
هنالك عوامل جيوسياسية لعبت دورا في هذا …!
اولها الحصار الخليجي المصري المستحق من الدول الثلاث + مصر لدويلة قطر لاكثر سنة ونيف لتأديبها عن أعمالها الداعمة للارهاب في المنطقة كما تدعم مليشيات الدعم السريع السودان و حكومتها الإرهابية بقيادة البشير .
الا ان بعد الحصار قد تنفست دويلة قطر السعداء و تكسرت الحجم الكرتوني الهائل التي صورها لنفسها فوق حجمها الطبيعي في المحافل الدولية والإقليمية بأنها دولة غنية و تمتلك كل شي و تستطيع فعل اي شي ولعب اي دور و لكن ذاب الثلج وبأن المرج .
هنا قد ضاق سياسية المثلث البارز ( بن سلمان + بن زايد + السيسي) الأوضاع ذرعا بهذه الدويلة و جعلتها لتعرف حجمها الطبيعي بين الدول انها دويلة اصغر من (ساحة بيتنا في كبكابية) و الأموال الطائلة ليست كل شي .و لا تستطيع حتي توفير الغذاء الكامل لشعبها بعد الحصار حتي تستنجد باردوغان و حسن روحاني للإغاثة التركية و الإيرانية واتمني أن تستمر التشديد لحبل الخناق الثلاثي علي عنق القطري حتي تتراجع هذه الدويلة الي حجمها الطبيعي اكثر ويأتي اليوم التي حيث لا نسمع فيه اي تدخل لهذه الدويلة الطائشة في القضايا السودانية و دعم نظام أسلافهم الإخوان المسلمين في السودان وأفريقيا .
لذا تراجعت لحجمها الطبيعي و اختارت لنفسها تلعب دور الوسيط في الأزمة والاعتراف بوجود الحركات المسلحة في دارفور والقبول بشروط الحركات المسلحة في احل و تضمين مقترحاتها .وبدورها ضغط علي نظام الكمبارس الذي تدعمه في القبول بقبول التعديلات و مقترحات الحركات المسلحة و ما علي النظام التي رئيسه دائما يغير مواقفه علي وصايا خارجية الي القبول بوصايا القطرية و التوقيع لهذا الاتفاقية التي سميت باتفاقية ( برلين ) ما قبل التفاوض .
ولكن يبقي السؤال!!
هل سيفي النظام بعهده و لو مرة واحدة في تاريخه الملئ بنقض العهود والمواثيق!!؟ والي متي ستستمر اتفاقيات الحبر علي الورق التي تنقصها النظام دائما بعدم تنفيذ الاتفاقيات و احيانا حتي قبل عودة وفدها الي الخرطوم من منبر التفاوض!؟