تقرير: حسن اسحق
أثار قانون مكافحة جرائم المعلوماتية المعدل لعام 2020 غضب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتبرون هذه الخطوة قد تقود إلى تحجيم الحريات في البلاد، وقد يساء استخدامها ضد منتقدي حكومة الفترة الانتقالية، بالرغم من الناشطين، هم من ساعدوا في إسقاط النظام السابق، عبر نشر الفيديوهات (اللايف) والتسجيلات الصوتية التي تصل إلي الملايين من المستمعين والمشاهدين.
يهدف قانون مكافحة جرائم المعلوماتية لهذا العام‘‘ إلى تنظيم عمل وسائل التواصل الاجتماعي، اضافة الى تخصيص شرطة ونيابة ومحكمة لهذا النوع من الجرائم، والتي لها علاقة مباشرة بالشبكة العنكبوتية‘‘، المح هذا القانون المعدل، ان تنفيذ القانون السابق كان ضعيفا من ناحية تنفيذ القانون، حسب البلاغات التي قدمت خلال الفترة الماضية، من ضمنها تهم، على سبيل المثال، تشويه السمعة.
مهتمون وناشطون يعتقدون أن هذا القانون يعرقل عملية التحول الديمقراطي في البلاد، بعد سنوات من الكبت والقمع الذي مارسه النظام السابق، يشيرون ان حكومة الفترة الانتقالية لست جادة في عملية التحول الديمقراطي التي كانت تنادي بها، ابان فترة النظام السابق، تعتبر الديمقراطية والحديث عنها مجرد شعارات لتعبئة الشارع، لكن عند المحك العملي، تلجأ هذه الحكومة إلى نفس الأساليب التي كانت تستخدم في الفترة السابقة.
اعتقلت السلطات الامنية الناشط الاعلامي احمد الضي بشارة، يوم 12 من شهر أكتوبر الماضي، بعد نشر فيديوهات على صفحته في الفيس بوك، ينتقد فيه قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس المجلس الانتقالي، محمد حمدان دقلو حميدتي، يواجه تهم الجرائم الموجهة ضد الدولة، والتحريض التمرد والعصيان، وتشويه السمعة، أما في شهر يوليو الماضي اعتقلت الشرطة الناشط الاعلامي ابراهيم عبدالرحيم شوتايم، واقتيد إلى شرطة العمارات شارع 51، حيث تم تحريك 4 بلاغات ضده، وقضى عدة أشهر في سجن ام درمان، قبل إطلاق سراحه شهر نوفمبر الحالي، وقبلها سجن وغرم محمد يحي محمد (دسيس مان) مغني الثورة ذائع الصيت، بعد بلاغات تقدمت به الشرطة، وجهت له تهمة الإساءة إلى موظف عام.
جدو محمد ناشط وباحث اجتماعي، تخوف حكومة الفترة الانتقالية من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، انها اتبنت على تجارب سابقة من ضمنها التجربة المصرية، نجحت في إسقاط ديكتاتورية الرئيس الأسبق حسني مبارك، الثورة السودانية اتأثرت بالتجربة المصرية، طالما ثورة ديسمبر قامت على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تجمع المهنيين والمواكب والتجمعات، كان على أساس، بناء علي التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن قانون جرائم المعلوماتية، السلوك الذي تمارسه حكومة الفترة الانتقالية أنها تتخوف من هذه المواقع بناء على تجربة ثورة ديسمبر، والثورة المصرية، تسعى إلى ضبط الجماهير او قمع الحريات بشكل واضح، هذه المواقع أصبحت مهدد بالنسبة لها، لانها أنتجت ثورة عظيمة، حكومة قحت تريد تأسيس ديكتاتورية جديدة، لذا سنت قانون جرائم المعلوماتية في يوليو الماضي، قامت حكومة الفترة الانتقالية، بناء علي ذلك اعتقلت قوات الدعم السريع ناشط مجتمعي مصطفي خميس من محلية كلبس، يعتقد ان عدد المعتقلين لدى هذه القوات 200 من مناطق مختلفة بغرب دارفور، في ظل حكومة انتقالية اتت بها ثورة ديسمبر، يؤكد أنها تكرس نظام ديكتاتوري جديد، بغض النظر عن الحقوق الأساسية.
مواقع التواصل الاجتماعي لها دور كبير جدا، هي تتيح بعض الحريات، هي المساحة الوحيدة التي يجب أن تستغل بشكل جيد، وواعي نحقق عبرها، كل مطامح الشعب السوداني، دورها إيجابي، ببساطة لأنها أنتجت ثورة ديسمبر.
كسر القوى الثورية
يضيف الصحفي محمد البشير، الاعتقالات بعد سقوط البشير اصلاً لم تتوقف يمكن أن نقول خفة درجاتها لكنها لم تتوقف بعد الثورة، وتتباين طبيعتها، جزء منها يأخذ فترة طويلة دون تقديم شكوى أو محاكمة مثل حالة موسى هلال وأتباعه في مجلس الصحوة الثوري، والتي كانت قبل سقوط النظام، كان يتوقع أن يطلق سراحهم أو يقدمو لمحاكمة عادلة، يؤكد محمد هناك اعتقالات استهدفت الثوار، ولا تزال، الهدف منها كسر القوى الثورية حتى لا تشكل ضغط ثوري، ويكشف عن عملية استدراج للناشطين، مثلما حدث ل شوتايم ودسيس مان ثم فتح بلاغات انتقامية، أو استهداف ناشطي مجموعة فيد للفنون بقيادة حجوج، تهدف إلى كسر شوكة لجان المقاومة والثوار، يشير إلى حدوث تراجع في إطار الحريات، خاصة ما كشفه موقع (مونتي كارو) حول قبو في منطقة المنشية الذي يتبع للدعم السريع.
يؤكد محمد إلى أن حكومة الفترة الانتقالية تتخوف من مواقع التواصل الاجتماعى، لأنه كان المنبر الإعلامي الذي قاد الثورة في تنظيم المواكب، ورفع الروح المعنوية للثوار، عبر نقل فيديوهات انتصارات الثوار، التخوف ينبني من تحرك ثوري يغير الواقع الراهن خاصة بعد الفشل في تنفيذ أهداف الثورة.
أهمية المواقع في التغيير
تضيف نجدة منصور ادم بشير ناشطة سياسية، ’’ كانت احلامنا تبلورت حول التوجه الذي ساعد في تحقيق كل ثورات الربيع العربي، هي وسائل التواصل الاجتماعي‘‘، هي بالفعل وظفت في صالح ثورة من 2013 وصلت ذروتها في الاعتصام، توضح نجدة ان الثورة السودانية زاوجت بين العمل الميداني والعمل في مواقع التواصل الاجتماعي، تذكر أهمية وسائل التواصل الالكترونية والتطبيقات مثل الواتساب، باعتبارها ساهمت كثيرا في تسيير الاجتماعات السرية، و ساعدت في تأمين العمل السري في جميع مراحل الثورة، ’’ نعلم أن الحكومة الانتقالية واقعة في حرج كبير، بسبب الشراكة مع العسكر، وما أفرزته من تناقضات ، وعدم انسجام في القرارات‘‘، تؤكد عن وجود صراعات داخلية داخل الائتلاف الحاكم، انعكس بالضرورة على أوضاع النشاط السياسي الذي لا يعاني من التضييق، كما كان في السابق، تشير نجدة أيضا لا يمكن تجاهل الحالات التي يتعرض لها بعض النشطاء السياسيين، بالاخص في مناطق دارفور حتي الان.
مواقع التواصل والدور المحوري
يوضح الباحث في علم الاجتماع، حسان الناصر، من المعلوم أن هذه الثورة هي امتداد لثورات الربيع العربي، من حيث الشكلية، والالية التعبير والمشاركة، يقول حسان لهذا لعبت وسائل التواصل دورا محوريا، وهذا الدور نما بعد حراك سبتمبر 2013، وبدأ في الاتساع و الانفتاح، حيث تكونت مجموعات شبابية عملت على خلق ترابط اسفيري، يعتبره نموذج موجود في السودان من خلال المواقع مثل (سودانيز اون لاين) و (الراكوبة) وغيرها، لذلك هذه الوسائل، والصفحات وغيرها تحمل أجنة، واجندة الثورة، باعتبارها الفضاء الذي سمح للأفكار بالتبادل والتشارك و غيرها.
يؤكد حسان سوف يكون هناك هاجس لاي نظام سلطة سواء يمثل الثورة او لا يمثلها، لان وسائل التواصل الاجتماعي في النهاية، لانها اداة سوف تخلق ضغط اضافي على كاهل الدولة باعتبارها اداة عنف، كان يمكن للحكومة، ان تستوعب هذه المواقع، ربما قد تمثل أداة رقاب، وتقييم، وكذلك يمكن الاستفادة منها في تحريك الفئات الشبابية للتعاون على إيجاد حلول للمشاكل.
يحذر حسان من هذه المواقع، قد تصبح اداة قد تستخدم في نشر الاشاعات، تغبيش الرأي العام، و تحجيم الوعي، وفي ذات الوقت قد يستفاد منها علي نحو مختلف من حيث التشبيك و نشر المعلومات، بالإضافة إلى مراقبة الأجهزة الحكومية، وكشف ملفات الفساد وغيرها، ان الذي يخافه الناشطون من هذا القانون، أنه قد يحد من الحريات، ويكبتها.
في الختام اسئلة يجب ان تطرح، هل الشعارات التي طرحت قبل الثورة وأثناء الثورة وبعد أن نجحت، هل كانت عبارة عن شعارات زائفة؟، هل هذا التحالف يريد أن يؤسس لديكتاتورية جديدة، حتي ان تجف شعارات الحرية والسلام والعدالة؟، نكرر هل هذه التساؤلات والمخاوف مشروعة أم هل مجرد فقاعات لا تبقي ولا تذر؟، يبدو أن هذا القانون سوف يحاكم نشطاء كثر علي مواقع التواصل، اولئك الذين ينتقدون بقسوة فشل الائتلاف الحاكم، الممثل في مجلس الوزراء والمجلس السيادي، في ظل هذا الواقع الذي يواجه امثال احمد الضي بشارة تهم عديدة تصل عقوبتها الاعدام او السجن المؤبد، قد يتوقع منتقدو هذه الحكومة نفس مصيره، والذين سبقوه. ام الهدف من قانون جرائم المعلوماتية حماية الأفراد من الابتزاز وتشويه السمعة، وغيرها من جرائم الكراهية والعنصرية التي انشرت بصورة مريعة جدا.