الفاشر – مُبارك موسى أبوسن
تعرضت مقار البعثة الأممية التي إنتهى تفويضها في دارفور “يوناميد” لعمليات نهب وتخريب واسع، منذ إعلان البعثة خروجها من الإقليم بدايات العام الماضي، وأصبحت المقار التي أخلتها وسلمت للحكومة السودانية بغرض الإستفادة منها، أصبحت هدفا مشروع لمجموعات سكانية وقوى عسكرية تتهم بالتورط في نهب الأصول المتحركة والإعتداء على الأصول الثابتة، وأثارت حادثة الإعتداء على مقار “يوناميد” غضب واسع ورفض من قبل منظمات دولية إستنكرت ما تعرضت له البعثة، وإعتبرته إحدى مظاهر وسلبيات تأخير تنفيذ برتكول الترتيبات الأمنية التي نصت عليه إتفاقية “جوبا”.
الحادثة المأساوية
لم تجد المواقع التي أخليت وتعرضت للنهب في عدد من الولايات الإهتمام اللازم، مثلما وجدته حادثة نهب المقر الرئيسي للبعثة في مدينة “الفاشر” حاضرة ولاية شمال دارفور، والتي يعتبرها البعض بأنها الأكثر فداحة، لما للمقر أهمية قصوى وإمتلاكها لأصول تقدر بملايين الجنيهات، وفي لمح البصر فقدت أصول بملايين الجنيهات، ودمر مستشفى مجهز بأحدث المُعدات، عقب تلك الحادثة وجهت إتهامات لجهات عديدة إتهمت بالوقوف وراء الحادثة بما في ذلك القوى العسكرية التي تتولى مسؤلية تأمين المقر وهي تشمل ” القوات النظامية، وقوات الكفاح المسلح” الموقعة على إتفاق “جوبا” للسلام.
الهجوم المتكرر
نهب المقر الرئيسي لبعثة “يوناميد” بمدينة الفاشر للمرة الثانية في أقل من شهر وضع الأجهزة الأمنية والعسكرية المتواجدة بولاية شمال دارفور في قفص الإتهام وتحميلها مسؤولية ما الت إليه الأوضاع الأمنية من تدهور مريع ساعد في إقتحام المقر ونهبه وبل ذهب البعض بما فيهم الصحفي المهتم بالشأن الدارفوري عبدالرحمن ادم في تعليق لـ”صوت الهامش” ذهب لإتهام القوى التي تتولى تأمين الموقع مسؤولية نهبه وتحويل الأصول لمصالحهم الذاتية ويشير أن تلك القوى تشمل الحركات المسلحة والقوات النظامية.
وأضاف أن عودة عميات النهب مجددا لمقرات البعثة الأممية بالفاشر بواسطة مختلف التشكيلات المسلحة خلف استياء واسع لدى سكان الفاشر الذين يعيشون أوضاع مقلقة بعد أن فرض عليهم حظر التجوال مما حد من حركة السكان.
وتابع “يبدو ان قرار حظر التجوال الذي فرضه الوالي بغية السيطرة على الأوضاع لم ينجح في انهاء السرقات والنهب لمقرات البعثة مما حدا بسكان الفاشر المطالبة برفعها” وأكد عبدالرحمن أن الجميع بات بمافيهم السلطات على قناعة تامة ان من اوكل لهم مهمة حراسة المنشآت هم من يقوموا بعملية السرقة ويثبت ذلك ما يشاهد في شوارع مدينة الفاشر سيارات الأمم المتحدة المسروقة برفقة المسلحون الملثمون ورفقتهم الكثير من الأغراض التي تتبع للبعثة.
مبيناً أن السيارات التي نهبت سبق أن وقعت البعثة إتفاقاً ما شركة “نيسان باترول” في العام 2005 قضى بتزويدها على مراحل بمئات السيارات التي صممت خصيصا كي تلائم أجواء مثل هذه المناطق من افريقيا وتبلغ تكلفة هذا النوع من السيارات الباهظة الآلاف من الدولارات للسيارة الواحدة.
من هم المتهمين؟
عقب وقوع الحادثة الأولى سارع حاكم إقليم دارفور، لإتهام مجموعات عسكرية وحملها مسؤلية فقدان أصول “يوناميد” هذا الإتهام عضضه والي شمال دارفور، نمر محمد عبدالرحمن، رغم هذه الاتهامات تساءل البعض عن من هم الحركات المسلحة المتواجدة في الأماكن التي تعرضت للسرقة .
مصادر ذهبت في حديث لـ”صوت الهامش” أن الحركات المتواجدة في الأماكن التي نهبت هي ” العدل والمساواة، التحالف السُوداني، وحركة تحرير السودان – المجلس الإنتقالي” بينما تتواجد قوات حركة تحرير السودان قيادة مناوي في موقع خصص لحاكم الإقليم ينتظر أن يكون مقراً لحكومة الإقليم.
تواجد هذه الحركات الأربعة المتواجدة في الأماكن التي تعرضت للسرقة جعلها في موضع الإتهام، غير أن الناطق الرسمي بإسم تجمع قوى تحرير السُودان فتحي عثمان نفي في حديث لـ”صوت الهامش” أي علاقة لهم بنهب أصول “يوناميد” كما يُشاع،وأكد بأن قواتهم بريئة ولكن اذا ثبتت في مواجهتهم أي تهمة فأنهم سيخضعون المتهمين للمحاكمة، وحمل جهات لم يسميها مسؤلية شيطنة قواتهم وإعتبر في حديثه أن ما جرى نتيجة لغياب الترتيبات الأمنية التي تعطي حق التدخل لمنع وقوع هكذا أحداث.
تفاصيل ما حدث
في الرابع والعشرون من ديسمبر الماضي، تفاجأ سكان مدينة الفاشر، بتعرض مقر بعثة ” يوناميد” لهجوم مباغت من قبل سكان محليين، ولكن سرعان ما تطور الأمر لتشارك قوات مسلحة في الحادثة وإستولت بقوة السلاح على اليات ومعدات ثمينة كانت موجودة في مقر البعثة.
وعقب الحادثة الأولى سارعت حكومة إقليم دارفور لتوزيع ما تبقى من الأصول لبقية الولايات بغرض الإستفادة منها ولكن قبل أن تكتمل عمليات تسليم ما تبقى من الأصول من قبل لجنة شكلت لهذا الغرض، تعرضت البعثة مجدداً لهجوم هذه المرة نهبت السيارات وأشياء أخرى ثمينة.
تشكيل لجنة
اللجنة التي شكلت لتسليم ما تبقى من اصول “يوناميد” هي الأخرى وجهت إليها إتهامات بالتقصير، غير أن عضو في اللجنة فضل حجب إسمه لـ”صوت الهامش” كشف عن معلومات دقيقة عن عملهم والإعتراضات التي وجدوها من قبل والي شمال دارفور وأمين حكومته.
ويقول عند السرقة الاولى للمقر ؛ ابلغ والي ولاية شمال دارفور نمر ولاة ولايات دارفور الاخري بإرسال مناديبهم بأسرع وقت ممكن لإستلام حصصهم من أصول يوناميد وتم تشكيل لجنة من رؤساء مفوضيات العون الإنساني ووصلا قبل نهب المقر بعشرة ايام للفاشر.
وأضاف “جئنا قبل عشرة ايام وبمجرد وصلونا نوينا الالتقاء بامين الحكومة ورفض مقابلتنا ، وحاولنا مع الوالي كذلك ولم نجده.
وتابع ” بعد صعوبات تمكنا من مقابلة أمين الحكومة برفقتنا ممثل حاكم إقليم دارفور وسمح لنا ان نذهب للمقر لإستلام حصصنا لكن اشترط لنا ان نعطى جزء منها للقوة الحارسة المقر بمعني اي ولاية تعطي القوة 3عربية ، و3 بابور ، و3حاوية رفضنا الفكرة وقلنا بأن هذه القوة هم موظفين في الدولة مثلنا ومن حقهم حماية المقر وهذا من صميم إختصاصهم”.
مشيراً إلى أنهم اجتمعوا مع امين حكومة ولاية شمال دارفور، وأتصلو بحاكم اقليم دارفور المكلف واخطروه برفضهم لتسليم القوة الحارسة المقر وقال “تضجر امين حكومة وقام بطردنا من الإجتماع وقال بالحرف هذا ليس اختصاصي انما اختصاص الوالي والحاكم”.
مبيناً أنه أخبروهم أن ما تم هو إتفاق سابق بين قادة القوات الحارسة المقر والوالي، وزاد” بعد مشاوارات ووافقنا اي ولاية تمنح ثلاثة سيارات للقوة الحارسة بلغت جملتها 18 سيارة”، وحول نصيب الولايات من تركة “يوناميد” أكد أن اي ولاية اخذت نصيبها نحو 40 مركبة فيها جرارات وغيرها وكذا الحال لحاكم إقليم دارفور منح 40 مركبة.
صعوبات ومتاريس
ويواصل عضو اللجنة في سرد الحقائق حول ما جرى مضيفاً أنهم ذهبو لمقر يوناميد لبدءِ الإجراءات العملية لتسليم ما تبقى من الأصول وقال”قابلنا قائد القوة الموجودة لواء واستأذنا منه وهو كان مغادر المكان جمعنا بضابط برتبة عميد لبدء معه اجراءات قال لنا لدينا مشاكل لم تحسم وذهبنا وابلغنا نائب حاكم جاء معنا حاكم الاقليم المكلف واجتمع بنا وبقادة الوحدات العسكرية كلها في اجتماع مشترك الجميع تحدثوا واتفقوا العساكر يأخذوا نصيبهم والولايات تاخذوا نصيبه والامر انتهى ورجعنا”.
يوم الحادثة
وحول ما جرى يوم الحادثة يجيب المصدر “جاء الوالي ولجنته الأمنية ووحاكم الاقليم كل ولاية استلمت حصتها وانتهى وبدأنا نخرج نصيبنا وعند حلول الساعة الثالثة بدأت تظهر ظواهر سالبة وفي حوالي الساعة 3:30 جاء ضابط برتبة نقيب قام بنزع بطارية عربة ولستك اسبير وبعدها خرجو 3 عربية امام كل السلطات ولا احد تحدث معهم نحن ابلغنا القوات لكن قالو بطريقة باردة حترجع ودخلنا اجتماع لساعات طويلة منها بدأت بوادر السرقة”.
إتهام الوالي
والي شمال دارفور نمر عبدالرحمن وجهت إليه إتهامات بتورط حركته في حادثة السرقة، كما وجهت إليه إتهامات بتواطوء لجنته الأمنية في حسم الظواهر السالبة التي بدأت تظر قبل وقوع الحادثة حاولت “صوت الهامش” مراراً الإتصال بوالي شمال دارفور غير أنه لم يستجيب لإتصالات الصحيفة حتى تاريخ نشر التحقيق.
غير أن عضو لجنة تسليم للولايات عاد وقال لـ”صوت الهامش” أن الوالي ليس متورط في الحادثة الا أن هناك هناك مؤامرة من القوة التي تتولى عملية حراسة المقر.
وقال” ربما فخ مرسوم للوالي نفسه لان عدد القوات الموجودة كافية للحماية” مشيراً أن تفاصيل القوة الموجودة في المقر موزعة بنحو 150 عربة تتبع للدعم السلام قوات درع السلام بقيادة اللواء النور قبة، والجيش لديه قوة بقيادة عميد وجهاز الأمن والمخابرات كذلك ، وقوات مسار دارفور كلها تقدر ماِ بين 350_400 مقاتل.
وأشار أن الحركات الموجودة في المقر جزء اصيل ومشاركة لعميلة النهب التي تمت اذا لم تكن مشاركة لكان تصدت للسرقة”.
مضيفاً أن المواطنين أبرياء من ما حدث، وأكد أن ما حدث ليس من الفاشر انما مرسوم ومدبر من الخرطوم وتابع “وهناك جهة ما تريد اما افشال اتفاقية جوبا او تريد افشال الوالي نمر وكله وارد ، والذي التمسته خلال عملي في اللجنة ان هذه القوات ليس هناك تعاون فيما بينهم وبين الوالي لان الوالي بقول لينا كلام والقوات بقولوا كلام”.