يقول غاندي أن التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة. وهذه حقيقة لا ينكرها عاقل . وهذا المصطلح المشحون تحول إلى محور النقاش السياسي في السودان خلال الست سنوات التي مضت. ورغم تفاوت درجات التغيير التي يرغب أو يطمح فيها مختلف القوى السياسية والشعبية، الا ان هناك حقيقة أساسية، وهي أن صناعة هذا التغيير تبقى في النهاية في أيدي أصحاب الإرادة والعزم والقدرة على تحمل التبعات. فالتغيير لا يحدث بالدعوة له ولا بالتمني، انه عمل له ما قبله وله ثمنه.
ما يحدث داخل الحركة الشعبية (ش) خلال هذه الأيام لا يمكن النظر إليه خارج دائرة صيرورة وسنة الحياة الطبيعية المرتبطة بحتمية التغيير. وإرادة التغيير التي مكنت من فرض واقع جديد على الأرض بغض النظر عن تفاصيل هذا الواقع هو أمر لا بد من النظر له بإيجابية في ظل السكون السياسي الجاثم على الساحة السودانية.
ومن يقدمون على أي خطوات تصنع تغييرات بحجم ما يحدث الآن في الحركة لابد وأنهم لديهم الشجاعة على الأقل في التعامل مع تبعات التغيير اي كانت. ولكن في الجانب الآخر يظل من لا يزالون يعبرون عن أنفسهم بأنهم دعاة تغيير يجبنون عن التقدم بالاعتراف بمشروعية وحق اي مجموعة سياسية في أحداث تغييرات جذرية مهما كان مصدرها أو نتائجها.
والتهبت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات ملؤها العنصرية والتهديد بأن ما يجري الآن في الحركة سيدفع إلى مزيد من تمزق البلاد. ويعجب المرء من هذا الخطاب القديم للغاية والذي لا يريد اصحابه استيعاب دروس الماضي ولا يريدون (تغيير) ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم من حال. فهذا الخطاب الذي يتهم قوي الهامش عامة بالعنصرية إذا ما تكتلت مع بعضها أو طالبت بحقوقها هو ذات الخطاب الذي استخدمته النخب في المركز منذ مطالبة الجنوبيين بالفدرالية قبل الاستقلال، وهو ذات الخطاب الذي استخدم ضد نواب الشعب من جبال النوبة والشرق ودارفور والجنوب بعد ثورة 1964 الذين رفضوا مشروع الدستور الإسلامي. هذا الوصم للآخر بالعنصرية لمجرد تحركه لحماية حقوقه وخصوصيته هو الذي لم يتغير وهو الذي يجعل الكثير من دعاة التغيير هم في جوهرهم لا يريدون التغيير لأنهم هم أنفسهم يحملون ذات العقلية التي لم تتغير منذ نصف قرن.
تلك العقلية التي أشعلت حرب الجنوب في الوقت الذي كان يمكن تفاديها وتلك العقلية التي رفضت إتفاق قرنق الميرغني الذي كان يمكن أن يجنب البلاد خطر انقلاب الإنقاذ ويجنب الشعب ملايين الأرواح التي ازهقها هذا النظام المجرم، هي ذات العقلية التي لا ترى العنصرية الا عند الآخر حين يطالب بأن تنتهي (العنصرية الحقيقية) التي تمارس ضد شعوب الهامش منذ قرون. ان عدم القدرة على تخيل السودان بشكل يختلف عن ما كان عليه منذ عهد مملكة سنار، اي السودان المتمركز السلطة في دائرة الوسط والشمال، ورفض اللاوعي لإمكانية تغيير هذه المركزية السلطوية إلى لا مركزية للسلطة وتكسير الاحتكار لمصير البلد من بين أيدي مجموعات معينة هو أمر يبدو أنه لا يزال مرعب للغاية للكثيرين في وعيهم وفي البعض في وعيهم الباطن الذي يظهر في مثل هذه اللحظات التي يصطدم فيها الواقع بتغييرات تضرب مسلمات لا يستطيع البعض تخيل العيش دونها.
وحتى يصبح دعاة التغيير صناعا للتغيير فإن الخطوة الاولى يجب أن تبدأ من تغييرهم لعقلياتهم . فبعض دعاة التغيير لديهم تلك العقليات التي أن اعترفوا بها أم لا فهي لا زالت تنتمي لعقليات السودان القديم، مهما ادعوا انتمائهم لمشاريع تطمح لصناعة سودان جديد. ولذلك فإن التغيير الذي يرفضه بعض دعاة التغيير لا يعبر سوى عن انهم هم أنفسهم من يحتاجون إلى تغيير عميق في أنفسهم وفي عقلياتهم.
نتمنى للوطن السودان الكبير وأهلنا الصامدين خاصة في مناطق الحرب أن تنتهي ايام صبرهم التي طالت على فجر تغيير جذري يتساوي مع تضحياتهم الجسام.
مكي إبراهيم مكي
الجمعة 30 يونيو 2017
تعليق واحد
You know the arrival of the temporarily appointed SPLM/A – N Chairman by the two Liberation Councils in the Two Regions and the declaration of the arrival on 30th June – 2017, has turned the history from upside down to straight forward. Because the revolution of democracy and good leadership is not at all from the beginning belonging to the thieves of democracy who could call themselves “Alingath of 30th June – 1989” Kauda and Yanbous have declared the Restoration of New Democracy Reign from their spots as it has appeared today as 30th June – 2017. If the junta in Khartoum felt so angry and attempting to revenge then they are committing double suicide actions against themselves, especially in these periods of which they are undergoing so conflicting of interests times in their history, either to support terrorism in clear face or to decline and lose all the privileges which they gained and gaining from that suspicious but true followed up links, in particular recently. So the track to the revivals is from this New Restored Democracy Path and from these two regions at all. Whether people believe in it or not since their suspects started from the day one of this new revolution but they gave up because it has become the reality now and onward.