–
فى صيف عام 2015 خاطب الرئيس عمر البشير الهيئة التشريعية السودانية وذكر ان احتياطى السودان من الذهب يزيد عن 8000 طن . ولو تم استخراج عشر هذا الاحتياطى فان ذلك سيكون كفيلا بتوفير احتياجات البلاد من الادوية ومدخلات الانتاج الزراعى. ولان الارقام المنشورة تشير الى ان هذا البلد الافريقى يعد من اكبر دول العالم فى انتاج الذهب, فان الراجح ان الرقم الذى ذكره البشير فى خطابه يقترب من الصحة. والسؤال المشروع هو اين تذهب عائدات الذهب؟
بخلاف الذهب فان ارض السودان غنية بالمعادن والبترول, هذا ما تذكره الارقام الرسمية, فالبلاد بها كميات كبيرة من اليورانيوم والفضة والحديد والنحاس والمنجنيز والتنجستين والمايكا والكروم والزنك والرصاص والصوديوم والصلصال والرخام والجبص والتلك والاملاح. وفى كردفان ودارفور فى غرب البلاد يوجد احتياطى من النحاس فى منطقة حفرة النحاس يقدر ب 8.5 مليون طن كذلك يوجد الحديد فى صوفايا واليورانيوم فى حفرة النحاس وفى الحدود بيت السودان وكل من افريقيا الوسطة وتشاد, والذهب يوجد فى شمال كردفان وفى جبل عامر فى دارفور. اما منطقة جنوب كردفان – جبال النوبة فهى غنية باليورانيم والذهب والبترول. وفى شرق السودان يوجد الذهب والفضة والزنك والحديد واليورانيوم والجبص فى جبال البحر الاحمر وفى جبيت وبورتسودان يوجد ذهب وملح وجبص. وفى الجنوب الشرقى يوجد يوجد الذهب والكروم فى جبال الانقسنا وفى الحدود بين السودان واثيوبيا. وفى شمال السودان خاصة فى مربع 14 يوجد الذهب بكميات كبيرة كذلك اليورانيوم والبترول. هذا رصد مغتضب عن المعادن الموجدودة فى السودان وهو رصد ايدته المعلومات المنشورة عن الانتاج
حسب الارقام الحكومية الرسمية وتلك التى نشرتها الصحف ووكالات الانباء العالمية فان انتاج السودان من الذهب فى عام 2016 قد بلغ 80 طن. واذا صدقت هذه التوقعات فان صادرات السودان ستكون قد تضاعفت فى سنة 2016 لتبلغ 3.4 مليار دولار امريكى. ولان الحكومة لا تنشر من المعلومات الا لماما فان هذا البحث يحاول تقصى الحقائق المنشورة حتى يضع صورة توضيحية لانتاج الذهب فى السودان واين تذهب العائدات
هنالك شركة تعمل فى شمال شرق السودان تساهم فيها الحكومة بنسبة 56 %, هذه الشركة انتجت فى عام 2013 ما يقدر ب 4800 كيلوجرام من الذهب. والشركة وضعت خطط لزيادة الانتاج للعام الماضى وسابقه وخططت كذلك لاستخراج معادن اخرى
فى مربع 14 والذى يغطى مساحة واسعة من شمال السودان قدر الانتاج من قبل احد الشركات الغربية بان يزيد قليلا عن مليونى اوقية ذهب, وذلك فى منطقتى وادى دوم وجلات صفار الغربية. وقد استخرجت تلك الشركة كذلك 3.9 مليون اوقية من الماغنسيوم من مناجم شمال شرق ابو حمد. وفى الربع الاول من العام الماضى بدات تلك الشركة بتحقيق ارباح بلغت 156 مليون دولار امريكى. هذا المربع غنى كذلك بالنفط واليورانيوم
هنالك شركة شرق اوسطية ظلت تضاعف انتاجها من الذهب بوتيرة ثابتة منذ عام 2013 وهى توقعت ان يبلغ انتاج العام الماضى 100 الف اوقية. هذه الشركة تعمل فى منطقة ابو سارى القريبة من دلقو فى شمال السودان
هنالك شركة متعددة الجنسيات تساهم فيها الحكومة السودانية استخرجت عام 2012 ذهبا يقدر ب 3.2 مليون اوقية من منطقة حصاء فى شرق السودان. كذلك تستخرج الذهب من جبيت
الشركة الحكومية التى تعمل فى الانقسنا فى جنوب شرق السودان تنتج 10 الف طن ذهب فى السنة بالاضافة الى المنجنيز والمايكا. اما الكروم فانتاجه تناقص ليستقر فى 5 الف طن سنويا فى عهد حكومة البشير
الشركات المذكورة فى الفقرات السابقة هى شركات طموحة وتتحلى بالمسؤولية لذلك تنشر المعلومات عن الانتاج وعمليات التنقيب وتملك الحقائق للجمهور. وهى شركات تساهم فعلا فى نهضة السودان بما تضخه فى خزينة السودان من اموال
الحكومة السودانية تقول ان هنالك 80 شركة مسجلة تعمل فى التنقيب عن الذهب. والواقع يقول ان هنالك المئات من الشركات العاملة فى هذا المجال. والارقام الحقيقية لا تملك للمواطن. والحكومة تحتاج للذهب من اجل الحصول على العملات الصعبة. ومدير البنك المركزى يذهب الى السوق العربى فى الخرطوم لكى يشترى الذهب من التجار بسعر السوق الاسود ثم يقوم بتصديره للحصول على العملات الصعبة وهو يعلم ان هؤلاء التجار يذهبون الى مناطق التنقيب لكى يشتروا الذهب من الشركات الصغيرة التى لا تقدر على التسويق. والمعلوم ان المتنفذين من قيادات حزب المؤتمر الوطنى الحاكم هم من يتاجرون فى الذهب فى السوق الاسود. وبعض هؤلاء يذهبون الى مناطق التنقيب لكى يشتروا الشركات الناجحة من صغار المستثمرين. ومن لم ينجح منهم فى اتمام الصفقة بالطرق المشروعة فانه يلجأ الى البلطجة او الى اى وسيلة اخرى حتى يحصل على ما يريد. ومدير بنك السودان يعرف السبب لكنه يجهد نفسه لكى تظهر على وجهه علامات العجب
البرلمان السودانى اعضاؤه ينامون اثناء الجلسات لكن فى بعض الاحيان يظهر لهم من يفسد عليهم سباتهم. وقد ناقش البرلمان مسالة تهريب الذهب اكثر من مرة واستجوب المسؤوليين لكنه لم يهتدى الى حل. ولن يقدر البرلمان على فعل شئ حيال المشكلة لان الامر بيد البشير واصحاب النفوذ من حزبه
البشير اتى بميليشيات الجنجويد سيئة السمعة من صحراء شمال دارفور واضافها الى جهاز الامن والمخابرات والهدف هو توفير الحماية له وللمقربين منه. وقد قلد فى ذلك نائبه السابق على عثمان ومدير جهاز امن الدولة السابق نافع على نافع, وكل من الرجلين يمتلك ميليشيات من البلطجية وقطاع الطرق. ولكى يضمن مصادر مالية كافية للمليشيات سمح البشير للجنجويد بان تستولى على مناجم الذهب فى جبل عامر فى دارفور وان تمارس البلطجة مع المنقبين مثل ما يفعل متنفذى المؤتمر الوطنى. والنتيجة ان الجنجويد اصبحت تعمل فى تهريب الذهب الى دول فى الخليج العربى واسيا. واصبح حميدتى لص الحمير السابق قائدا عسكريا يامر وينهى وينشر الاعلانات فى الصحف طالبا من الشباب الانضمام الى عصابته. والبشير يلوذ بالصمت لان هذا اللص لا يكلفه مالا يذكر وفوق ذلك يوفر له ولحاشيته الحماية من اعداء حقيقيين او متوهمين
حزب البشير دفع الجنوبيين الى الانفصال ففقدت الحكومة السواد الاعظم من عائدات البترول نتيجة للحرب المشتعلة فى شمال وجنوب السودان ونتيجة للتوتر فى الحدود بين الدولتين. وتقع اغلب حقول البترول فى مناطق الحرب. والحكومة تعلم ان تجار حزب المؤتمر الوطنى الحاكم هم من اكبر مهربى الذهب لكنها تسد اذانها بالطين والعجين كما يقول المثل السودانى. والزيادات التى اعلنت اخيرا على الاسعار لا مبرر لها اما رفع الدعم عن الدواء فهو قرار يحتقر الشعب السودانى. فكيف تسمح الحكومة لتجارها بتهريب ذهب قيمته مليارات من الدولارات وتدعى انها عاجزة عن توفير ادوية تبلغ قيمتها 300 مليون دولار على اكثر تقدير؟