بقلم عثمان نواى
كان ولازال دوما للنساء فى السودان مكانة تاريخية نابعة من الدولة النوبية التى كانت تتبع نظم النسب الأموية، اى النسب بالام. حيث كانت الملكات نساء والوراثة للملك تتم عبر النسب الاموى وليس الابوى فقط. لذلك فإن النظام الذكورى هناك نظام سودانى أصيل يختلف عنه . على كل فإن السودانيون يبدو انهم يسترجعون مع هذه الثورة، وربما عبر عقلهم الباطن وليس الواعى تماما، يسترجعون هذا التاريخ والإرث القديم. حيث ان حضارات الشعوب لا تموت ولكنها قد تضمحل او يتم التغطية عليها بالمراحل التاريخية اللاحقة لكن تظل الثقافة الجمعية محمولة عبر الجينات، وهذا أصبح من الأمور المؤكدة علميا الان. ان الجينات البشرية لا تحمل فقط ذاكرة التفاصيل الفيزيولوجية. ولكنها تحمل الذاكرة الثقافية والتجارب العاطفية والنفسية عبر الاجيال.
ان موكب اليوم ااذى خصص للاحتفاء بالمرأة السودانية هو لا يشبه اى احتفاء من قبل. ويستحق التركيز على فرادة المبادرة، حيث ان كل رجال السودان ونسائه يحتفلون بنساء السودان الصامدات. ان هذا المشهد اليوم هو مشهد فريد عالميا وليس فقط محليا او إقليميا وأنه موقف تستحقه نساء السودان وخاصة الشابات اليافعات. هن اللائى حولن مقولة صوت المرأة ثورة الى فعل حقيقي على ارض الواقع. ورغم محاولات الكيزان عبر ٣٠ عاما كبت صوت النساء وفرض ان المرأة كلها عورة وليس صوتها فقط، الا ان نساء السودان صدحن بالزغاريد معلنات بداية المواكب للثورة وتشجيعا لاستمرارها عبر اكثر من ٣ أشهر. حتى أصبحت هذه ثورة نساء بامتياز. ولما لا ونساء السودان هن الدافع الأول لثمن بقاء هذا النظام. من اغتصاب اكثر من ٣٠٠ الف امرأة في دارفور، الى تشريد الملايين عبر الحروب، حيث ان مسؤولية العيش فى النزوح اغلبها تقع على عاتق النساء. هذا ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية الخانقة التى أجبرت ملايين النساء فى كل أنحاء السودان لامتهان بيع الشاى والاطعمة والمشروبات، حتى يصبحن هن العائلات لنسب كبيرة من الأسر السودانية. بينما يواجهن وحيدات صلف السلطة الباطشة عبر قوانين النظام العام. ان سلمية الثورة أيضا امرأة حيث ان سلاح الاعتصام والتظاهر هو الية القتال ضد النظام التى ناسبت ظروف كثيرات، ولذلك لم يتوانين فى الخروج الى الشوارع رغم المخاطر والتعنت من الأسر. سجل رجال السودان وخاصة شباب السودان اليافعين أيضا صورة ناصعة فى احترام الفضاء العام الذى يجب ان يكون مشتركا بين الجنسين من خلال عدم تسجيل حالة تحرش واحدة بالمتظاهرات من قبل المتظاهرين. وبهذا كان الفارق واضحا بين رجال السودان وبين الامنجية والكيزان المتحرشين بالنساء. ان ملحمة اليوم هى خطوة أخرى فى تسجيل فرادة الثورة السودانية التى تتقدم نحو الانتصار كل يوم. التحية لكل نساء السودان الثائرات. ونخص بها النساء الصامدات فى مناطق الحروب وكل المعتقلات.
nawayosman@gmail.com