منذ أن طلت في سماءنا هذه العصابة المجرمة، عبر وصولها للسلطة بطريقة غير مشروعة، حل في دنيانا الخراب والضياع.. ضاع الوطن، وضاعت معه القيم والمكاسب والانجازات التي حققها الشعب عبر مسيرة نضاله الطويل. منذ ان حلت في حياتنا الانقاذ، بقوة السلاح، غاب الأمن والامان، وأصبحت الفوضى هي سيدة الموقف، لا دستور، لا قانون، لا ضمير ، لا منطق، لا عقل . . كل شيء اصبح في يد القدر، والغدر والخيانة . . لذا ضاعت كرامة الانسان التي ميزه المولى عز وجل بها عن سائر المخلوقات. .!
منذ ان جاءت الانقاذ، فقد الوطن قراره واستقلاله، ومقوِّمات بقاءه مستقراً وموحداً تحت خيمة الوحدة الوطنية النابضة بالعدل والمساواة والحريّة وإحترام حقوق الانسان.
منذ حلت هذه الطغمة الفاسدة الحاقدة المريضة، المصابة بكل عاهات التاريخ، فقد الوطن نضارته وجسارته وعزته وكرامته ، فقد الوطن رموزه في الخدمة المدنية والمؤسسة العسكرية، وفي مؤسسات الفكر والثقافة والفن، فقد الوطن نجومه ومثقفيه ومبدعيه، ونعق في تلك المؤسسات أشباه المثقفين والانتهازيين ..!
في عهد هؤلاء الغرباء، اصبح الملايين من أبناء الشعب السوداني، تحت خط الفقر. بسبب وصولهم الى السلطة بطريقة غير مشروعة، التي مكنتهم من السيطرة على القرار السياسي للبلاد دون تفويض من الشعب، لذلك مارسوا الفوضى والعبث السياسي في كل شيء، اصدروا قوانين الطؤاري، ومنعوا النشاط السياسي، واعتقلوا كل من ظنوا انه كان يشكل خطراً عليهم، وفي الوقت ذاته اصدروا القرارات العشوائية التي بموجبها صفوا مؤسسات الخدمة المدنية من الكفاءات غير المسجلة في قوائم تنظيمهم، وهكذا المؤسسة العسكرية ، وعادوا وملؤا تلك المواقع بانصارهم ومؤيديهم، واقاربهم ..!
وفي الاقتصاد انتهجوا سياسة الخصخصة لسرقة أموال الدولة، من خلال بيعهم املاك الدولة للمحسوبين عليهم، ومن ثم تقاسم المكاسب والأرباح . . ! ان سياسة الخصخصة اللعينة، التي انتهجوها في إطار برنامج الانفتاح الاقتصادي المشوه، فتحت الباب واسعاً لكل الانتهازيين والفاسدين للالتحاق بهم من خلال نشرهم لثقافة الفساد، تحت لافتة الاستثمار، استغلالًا للسلطة من اجل المنفعة الخاصة، استغلوا أموال البترول دون حسيب او رقيب. .! من اجل مصالحهم الخاصة لذلك بنوا باموال الفساد العمارات وفتحوا الحسابات الزاخرة بالملايين من الدولارات في بنوك الأجنبية.
الانقاذ مشروع دمار وخراب بامتياز. . لذا وطنت لثقافة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص، عبر الابتزاز للحصول على الرشوة التي بموجبها يتم تسهيل العطاءات وإبرام العقود وفرص الاستثمار لاصحاب رؤوس الأموال بغرض تحقيق المكاسب والأرباح خارج إطار القانون . . !
الانقاذ كما قلنا: مشروع خراب ودمار ، كامل الدسم. . فليس غريبا البتة ان تقود سياساتها التي انتهجتها طوال السبعة وعشرين عاماً الماضية الى إفقار الغالبية من الشعب، الذي تشتت أبناءه بين غارق في اوحال الفقر، وتائه في أتون الغربة ونازح ولاجيء وقتيل . . في عهد هؤلاء المجرمين فقد الوطن حلمه في ان يصبح السودان دولة رائدة في مجال الغذاء والدواء والكساء، فقد الوطن حلمه في ان يكون دولة مستقرة مزدهرة قادرة على البقاء..! فالانقاذ المجرمة لا يقف معها الا الفاسدين سواء كانوا من الخرطوم، او الجزيرة او الشرق او الشمال او دارفور او كردفان..! وإذا اخذنا الامر من جانب الوظائف، فلا يقف معها الا الانتهازيين من اصحاب المال، والقلم والضمير. . ! منذ ان حلت الانقاذ، عاد السودان سنوات للوراء. . ومازال يواصل رحلة التدحرج والسقوط في الهاوية..!
إن الانقاذ هي مشروع دمار وَخَراب، لذلك كلما مرت الأيام وهي قابضة على الانفاس تتعمق الآلام وتتسع الماساة وتتضخم مشاعر اليأس باتساع مساحة الفقر وحياة البؤس التي يحياها الناس في هذا الزمن التعيس..! الانقاذ مشروع مناقض لمنطق الحياة ومسارها الصحيح، لذا ليس غريباً ان نرى الهبة الشعبية التي تصدرتها الحركة الطلابية، بدءا من جامعة الخرطوم التي اعتصمت في وجه سياسة بيعها في وضح النهار وعلى رؤوس طلابها وأساتذتها. . ! وهكذا تواصلت مسيرة التحدي والشموخ الذي سطره الطلاب والشباب السوداني هذه الأيام.
فشهدنا وقفة طلاب جامعة كردفان في أعقاب مقتل الطالب الشّهيد ابوبكر حسن محمد طه. وأخيراً إنطلاق الهبة الشعبيّة انطلقت في أعقاب مقتل الطالب الشهيد، محمد الصادق، الذي اثار غضب الجميع لاسيما الطلاب، فإنتفضت اغلب جامعات السودان مطالبة برحيل هؤلاء القتله الاوغاد.. !
لذا نقولها وبالصوت العالي والشعور الوطني الصادق مع الملايين التي خرجت للشوارع فلتذهب الانقاذ وكل المجرمين والفاسدين الى الجحيم. ويبقى السودان، وطناً عامراً بالامن والسلام والعدالة للجميع.
الرحمة والمغفرة لأرواح الشهداء الذين سقطوا برصاص الغدر والخيانة، والتحية للشباب والطلاب السودانيين الذين انتفضوا في وجه الظلم وجابهوا الطغاة بصدور عارية. وأشاعوا روح التمرد والثورة في نفوس الجميع لاسيما الفقراء والمسحوقين الذين اكتووا بنيران الغلاء وحياة الفقر والبؤس التي تطحنهم صباح ومساء . . التحية للشباب الذين أعطوا الشعب الأمل بأن هناك طريقاً آخر وهو طريق الثورة، طريق العزة والمنعة والقوة والبطولة والرجولة والكرامة التي لن تتحقق للشعب الا اذا أنجزت الثورة التي تتيح للشعب فرصة صياغة حياة جديدة، حياة خالية من القهر والظلم والفساد والفقر والجوع والمعاناة، حياة فيها الامل فيها المحبة فيها السلام والخير والعدالة والمساواة، حياة فيها الإخلاص فيها الصدق فيها التفاني، فيها التعليم والصحة والعافية، فيها الدستور والقانون، الذي يوقر قيمة الانسان، فيها السعادة والرفاه. لذا فلتذهب الانقاذ، وكل المرتبطين بها الى الجحيم. . ويبقى الوطن للجميع عامراً بقيم الحرية والديمقراطية والنزاهة ومخافة رب العالمين.
الطيب الزين