عبد المنعم سليمان
ولأن (السيئ بالسيئ) يُذْكر، تذكرتُ مقطع فيديو إلتقطته كاميرات الجيش الأمريكي بافغانستان ، كنت قد شاهدته على (يوتيوب) ، ويُظهر ثلاثة من أفراد جماعة (طالبان) المتطرفة وهم يتناوبون ممارسة شاذة مع (تيس) ، وأظهر الفيديو بوضوح ، إندماج أفراد الجماعة الإسلامية مع ممارستهم (الحيوانية) الشاذة لدرجة أنني لم أتبين لحية (التيس) المسكين من لحى (القائمين عليه) من أفراد الجماعة التي تطالب بإقامة الدولة الإسلامية – اللهم أحفظ “فروجنا” و”فروج” مخلوقاتك الضعيفة من أنصار “أمة الاسلام” يا الله ..آمين.
حمدت الله كثيراً على ان تلك المشاهد القبيحة فارقت ذاكرتي بنهاية العام الماضي ، ولكن خبراً أوردته صحف الخرطوم – مرفق – جعلني أتذكر معركة أولئك (المجاهدين) والتيس ، وإستدعى ذلك الفيديو (من قاع الذاكرة) ، عسى ان أحصل على بعض التوازن النفسي الشكلي ، فربما ذلك يجعلني أشعر ولو للحظة أننا ما زلنا بخير ، وأن المشير لم (يثب) بنا نحو القاع بعد ، طالما أن (طالبان) لا تزال تأتي خلفنا – ويا بختنا !
ما جعلني أنبش تلك المشاهد المأساوية ، هو اعتراف والي ولاية “كسلا” لصحيفة “اليوم التالي” ، أمس ، بان بعض “الرجال” في ولايته يُعاملون في الوظيفة كـ “مرضعات ” ! وقد أعاد تصريح الوالي الكارثي للذاكرة الخبر الذي أوردته صحيفة (السوداني) العام الماضي ، والذي جاء فيه : أن (22) (رجلاً) يعملون موظفين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية في وظائف (مُرضعات) أطفال ، بدار الأطفال مجهولي السند المعروفة بـ (المايقوما).
وهنا يجدر بي التوقف للتنويه بأن إدارة (يوتيوب) المحترمة سحبت مقطع الفيديو الخاص بـ(معركة) أنصار (المُلا عمر) مع “التيس” وصنفته على أنه جريمة غير لائقة للعرض ، بينما لا يزال (المُرضعين) المُتمكنين من أنصار (عمر الآخر) طلقاء ، يُرّضِعون مجهولي السند زوراً ، ويرضعون من ثديي خزينة الشعب حليباً وعسلاً وسمناً .
حقيقة لم يصدمني هذا الخبر بقدر ما صدمني وأقلقني التواطؤ بهذا الصمت المطبق من كافة أفراد المجتمع إزاء هذه الجريمة النكراء والفاضحة ، جريمة تغتال الطفولة والأخلاق ! فما الذي حدث لنا يا ترى ؟ هل تمكن المشير “الخائب” منا إلى هذه الدرجة ، درجة أن يقتل فينا حتى حس الإدانة ؟ أم ان الضرورة المرحلية تتطلب ان نتحول من (زواحف) إلى (ثديات)؟!
المُحزن المُبكي في الخبر ان الموظفين (المُرضعين) كانوا وقعوا اقراراً يلتزمون فيه بالبقاء فى هذه الوظائف ! – يا للمصيبة – فهل تتطلب مثل هذه الوظيفة حتى لو كانت شاغلتها امرأة (كما يُفترض) ، هل تتطلب اقراراً بعدم تركها ؟ وماذا عن الظروف البيولوجية كبلوغ (سن اليأس) ؟ وماذا لو أن أحد إخواننا (المُرضعين) من الرجال هؤلاء، قرر أن يطلب غداً من ديوان شؤون الخدمة إحالته إلى التقاعد وجلب ما يثبت أنه قد يأس من (المُحيض) أو من “المحيط” ! فهل يا ترى سيتم تعديل وضع وظيفته القانوني من (مُرضع) إلى (عجفاء) أم يصنف ضمن فئة القواعد من النساء ؟ وكيف يا ترى ستكون الفتوى حينها ؟ وهل سيستعصى توفيق (أوضاعهم / أوضاعهن) على ذمة المُشرِّع الإنقاذي عديم الذمة ؟
يبدو أن أحلامنا وطموحاتنا قد بلغت حدودها الدنيا حتى أصبحنا نرى ماهو شاذ كأمر عادي ، يجب قبوله والتعايش معه ، فبتنا ننتظر المشاهد الفرجوية العبثية وفواصل الاستعراض البذيئة التي يقدمها لنا مسرح الرجل الواحد ، ونترقب القادم منه ونحن صاغرون مكتوفي الأيدي ، نضحك ببلاهة ثم نترقب العرض القادم عسى أن يحمل إلينا مفاجأة سعيدة ، لقد أصبح حالنا كحال من يشاهد عرض تعري ( إستربتيز) تقتضي شروط اللعبة فيه النظر إلى العورة دون المساس باليد .
مقولة قديمة حكيمة لا أزهد في ترديدها منسوبة للإمام علي رضي الله عنه تقول : ( لو كان الفقر رجلاً لقتلته)، و بدوري وتأسياً بمقولة إمام المتقين ، أقول : لو كان عمر البشير كذلك لطالبت بقتله.