المجموعة السودانية للديمقراطية اولا
يعتبر مستشفى المناقل التعليمي من أكبر المستشفيات بمنطقة غرب الجزيرة، فهو المستشفى المرجعي الوحيد بالمنطقة، إذ تغطي خدماته الطبية محليتي المناقل و 24 القرشي وبعض المناطق الطرفية من ولايتي النيل الأبيض وسنار، ويستفيد منها أكثر من مليون مواطن و مواطنة. وبالرغم من أهمية هذا المستشفى، إلا أنه يشهد تردياً مروعاً في تقديم خدماته التشخيصية و العلاجية، وتدهوراً ملحوظاً في بيئته، وفشلاً إدارياً أنتجته الصراعات الإدارية المتراكمة التي شهدتها محلية المناقل في الأعوام السابقة.
تشهد البيئة الصحية بالمستشفى تدهورا مريعا مما جعلها غير موائمة لمعايير التعقيم و النظافة التي يجب توفرها في المرافق الصحية؛ إذ تتكدس الأوساخ داخل العنابر وفي فناء المستشفى الذي تحول إلى ساحة لانتشار الأمراض بدلاً عن معالجتها، كما يشكو المرضى من الطفح المتكرر للمراحيض و أحواض التخمير (سبتك تنك)، و سوء الصرف الصحي . و قد تحولت أحواض التخمير بالسمشفى إلى مكامن جاذبة للجرذان التي أصبحت أعدادها تفوق أعداد المرضى، و قد سبق أن قامت بمهاجمة المريض (قائد مساعد) الذي كان في حالة غيبوبة سكري، عندما أفاق ليجد أن الجرذان قد التهمت جزءاً من قدمه !! و قد تناولت عدد من الصحف هذا الحادث قبل أعوام، كما أنها كانت مثار اهتمام أهالي المناقل لفترة ليست بالقصيرة . و رغم ذلك لم تحرك تلك الحادثة السلطات بالمحلية او الولائية لإتخاذ الخطوات الضرورية لمعالجنة هذا الأمر.
إن جملة الأوضاع السالبة التى مازالت سائدة بمستشفى المناقل ، ساهمت في إيجاد العديد من الوضعيات الإفسادية. إحدى هذه الوضعيات تمثّل فى تزوير تذاكر دخول المستشفى ، عبر إفساد التدابير الخاصة بإجراءات الدخول فى بيئة تتسم بإنعدام الشفافية و غياب المعلومات.
يعتمد مستشفى المناقل لحد كبير على إيرادات بيع تذاكر الدخول ، لتغطية كلفة تسييره ، على حسب ما أفاد به السيد/معاوية إبراهيم المدير الإدراي للمستشفى لصحيفة الانتباهة (العدد2491ـ10 فبراير 2013م ). ولضبط هذه الإيرادات ، تقوم وزارة الصحة الولائية بطباعة و توزيع تذاكر دخول الزوار لكل المستشفيات بالولاية . إلا أن (ع.ك) الموظف بمستشفى المناقل ، و منذ عالم 2013 ، ابتدع طريقة للتكسب الغير قانونى و ذلك من خلال طباعة تذاكر مشابه للتذاكر الرسمية و المعتمدة من وزارة الصحة الولائية و ببيعها جنباً إلى جنب مع التذاكر الرسمية . وفي نهاية كل يوم عمل يتم حصر التذاكر الصحيحة المباعة وتوريد قيمتها، و اقتسام باقي الأموال المحصلة من التذاكر المزورة بين شركاء هذه الوضعية الافسادية ، الذين هيئوا له مسرح الجريمة و تعاونوا فى تنفيذها.
ان تذاكر الدخول تعتبر مورداً مالياً مهماً للمستشفى، وبحسب إفادات السيد معاوية إبراهيم، المدير الإداري للمستشفى، المشار إليها سابقاً، فان وزارة الصحة الولائية تستحوز على (20%)، من إيرادات بيع تذاكر الدخول، بينما يتحصل المستشفى على (80%) من تلك الإيرادات. لذلك فان عملية تزوير التذاكر و بيعها لمنفعة بعض الفاسدين ، يفقد المستشفى أموالاً مقدره ، ينعكس أثرها السلبى على العديد من النشاطات داخل المستشفى.
و بالرغم من الثراء التى ظهرت معالمه على من شاركوا فى هذه الجريمة و التى اصبحت مثار حديث و تهكم أهالى مدينة المناقل وكذلك توفر كل القرائن والأدلة التي تثبت وقوع الفساد في مستشفى المناقل، إلا أن كل هؤلاء المفسدين مازالوا يعملون بنفس المستشفى و فى نفس مناصبهم التى تمكنوا من خلالها من تخطيط و تنفيذ حلالت الفساد آنفة الذكر . إلا أن يد العدالة لم تطل هؤلاء حتى الآن مما يكشفالحماية التى تسبغ على هؤلاء من قبل السلطات ، مضافآ للمجهود الذى يبذل لتزييف الحقائق وتزوير الوقائع و وعرقلة الجهود الساعية لكشف الحقائق و فضح التدبير الفسيد. و مما يزيد الأمر سؤآ ، أن التحقيقات و المراجعة التى إبتدرتها سلطات المحلية قد خلصت الى عدم وجود أى حالات فساد، حسب ما أفاد به المدير الإدارى للمستشفى.
إن الخطط و المشاريع التى تطرحها حكومة ولاية الجزيرة لتأهيل المستشفى و تطوير الخدمات الصحية عبر النفير الشعبى بمدينة المناقل ، تنقصها الجدية و الإرادة السياسية لمخاطبة المشاكل الجذرية التى أدت لتدهور الخدمات مثل قضايا الفساد فى المستشفيات ، و تقديم مرتكبيها للمحاسبة.
مقاومة الفساد
لمواجهة هذه الوضعية الافسادية قام عدد من الصحفيين بإجراء بعض التحقيقات الصحفية حول التردى الصحى و البيئى بمسنشفى المناقل ، كما تم أيضآ إبراز خبر المواطن الذى تعرض لهجوم من جرذان المستشفى . هذا إضافة الى أن الأطباء العاملون بالمستشفى قد نفذوا إضرابآ عن العمل فى عام 2013 ، احتجاجاً على تردي بيئة العمل فى المستشفى و كذلك تردى أوضاعهم الوظيفية . إلا أن هذه التحركات مازالت بعيدة عن تناول قضية الوضعيات الإفسادية المهيمنة على مفاصل المستشفى. فمدينة المناقل لا توجد بها حركة قوية لمناهضة الفساد في كافة القطاعات، ولاشك إن غياب هذا النوع من المقاومة يساعد على إستمرار الفساد واستفحال وضعياته. لذلك يجب استنفار جهود االقوى السياسية و منظمات المجتمع المدنى للتصدى لمثل هذه الممارسات و لضمان نجاح هذه الجهود وفاعليتها يجب اتخاذ التدابير الآتية :
إعادة فتح ملفات الفساد في مستشفي المناقل، وفضح الجهات المتواطئة في قضية تزوير التذاكر والتلاعب في إيرادات تذاكر دخول المستشفى .
وضع إستراتيجية واضحة من قبل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني و مجموعات الناشطين/ات، لتعرية وفضح ممارسات المفسدين، بما في ذلك ابتكار أساليب جديدة للمقاومة الشعبية واستهداف معامير الفساد و تهديمها.