بوركينا فاسو (أرض النزهاء الطاهرين) الاسم الذي اطلقه عليها رئيسها توماس سنكارا ,هذه الدولة الفقيرة شهدت تغييرات دراماتيكية على المستوى السياسي والاقتصادي عندما وصل سنكارا ورفاقه الى السلطة بعملية انقلاب لتصحيح المسار العام للدولة وعلاقتها الخارجية ومصالحها الداخلية, ففي عهده استطاعت بوركينا فاسوا بفضل تطلعات رجال الدولة والاصلاحات الاقتصادية التي إعتمدوها وصلت الى الاكتفاء الذاتي من المواد الاولية المنتجة والمصنعة محليا , حتى وصلوا مرحلة ان يكون هنالك فائضاً في الغذاء خلال سنتين فقط , حيث أمر سنكارا أبناء شعبه بالاعتماد على الذات والقدرات الوطنية في التصنيع والانتاج , وعدم الاعتماد على المواد المستوردة من الخارج , وفي ظرف قصير جداً وصلت بوركينا فاسو الدولة الفقيرة الى نموذج يحتذى به في عموم اقطار افريقيا جنوب الصحراء , وكان شعار سنكارا في هذا النهج هو من لم يملك قوته لا يملك قراره , وخوفا من هذا الشعار ونجاحاته على ارض الواقع والاصلاحات التي قام بتفيذها سنكارا في السياسة والاقتصاد قامت المخابرات الفرنسية وعدو افريقيا السيد/ فيليكس بوايني وبحجة فرنسا افريقيا بدعم التمرد من ساحل العاج وكر فيليكس فتم اغتيال الرجل العظيم سنكارا في /15 أكتوبر/ 1987 في انقلاب دموي على يد رفيق دربه الخائن الدكتاتور بليز كومباوري الذي اطاح به الشعب في 2014 , بعد حكم دام سبعة وعشرون سنة, حينما خرج المواطنون الى شوارع العاصمة والمدن الكبيرة والقرى والارياف بثورة شعبية رافعين صور الزعيم الافريقي الأوحد سنكارا , كان الشعب يريد أن يقول صمتنا لم يكن رضاً عما اقترفته في حقنا وحق بلادنا بقتلك المخلص سنكارا, لقد ازلته من الوجود والحياة ولكنه في الوجدان باقي , فر كومباوري هاربا الى أبيجا عاصمة كود ديفوار , التي استولى عليها حسن وتارا بالتعاون مع المخابرات الفرنسية ودول اقليمية اخرى, وحسب ما يتداول اليوم بانه سوف يصبح مستشارا في حكومة وتارا أو وزيرا , وسوف يأتي الخبر اليقين في الايام القادمة. قامت فرنسا بعد الاطاحة بالرئيس السابق بغاغبو والقاء القبض عليه في ظرف مهين للوطن والسيادة وتسليمه الى محكمة الجنايات الدولية بلاهاي في 29/11/2011, واتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية, ما لبثت فرنسا ساعة بعد تنصيب حسن وتارا حتى سارعت بالزام ساحل العاج بدفع جميع ما خسرته الشركات الفرنسية والمواطنون الفرنسيون في كود ديفوار جراء الحرب الاهلية التي اشتعلت بالبلاد عام 2010 من قبل فرنسا نفسها, فضلا عن تكلفة الحرب والتدخل الفرنسي هنا. فرنسافريك( FrancAfric) إتباع السياسة الفرنسية في المحافل الدولية: الزمت جميع الدول الافريقية جنوب الصحراء باتباع السياسة الفرنسية في العلاقات الدولية ومحافل الامم المتحدة في نيوروك , وغير مسموح لها البت في اتخاذ سياسات منفردة عن سياسة فرنسا, وأما في العلاقات الداخلية على الدول الافريقية إعطاء الاولوية الإقتصادية والسياسية لفرنسا قبل غيرها, كأن تمنح الشركات الفرنسية حق اكتشاف الموارد الطبيعية واستخراجها و بيعها لفرنسا اولا , وفي حال ابدت فرنسا او شركاتها عدم الرغبة يحق للدول الافريقية البحث عن شركاء اخرين , ففي عهد الرئيس التشادي انكرتا تمبلبي الذي طلب من فرنسا اكتشاف ما في باطن ارض تشاد من المعادن كالبترول والغاز, حيث قامت الشركات الفرنسية بعد عمليات الاستكشاف بالاعلان بان لاوجود لاي موارد طبيعية في باطن الاض التشادية , الامر الذي ازعج تمبلباي فطلب المساعدة من الشركات الامريكية فجاءت النتيجة مدوية ومخالفة لما صرحت به فرنسا , فكانت الحقيقة بان تشاد تعوم على بحر من البترول والغاز واليورانيوم, هذه الاكتشافات افرحت التشاديين والافارقة عموماً , الا أن هذه الفرحة لم تدم طويلا فجاءت قاصمة ظهر البعير , قيام حركة فرولينا المتمردة ضد الحكم في المركز بحجة محاربة دعوة الرئيس ليندو(هي طقوس دينية إفريقية تقام في جنوب تشاد و الوسط واقليم قيرا كل سنة لتطهير النفوس من الرجس والاثام وذلك بذبح الابقار والاغنام بعد الاعتكاف لايام في الغابات والوديان وعلى الجبال وتقديم القرابين للآلهة وطهورة الصبية الذين بلغوا سن الحلم والرشد) وهي إدعاءات كاذبة لا اساس لها من الصحة , حيث قامت به فرنسا لتقويض نظام الحكم في أنجمينا أو فرلامي مانت تسمى, ثم جاء الانقلاب على انجرتا تمبلباي ( الذي كان يرفض أن يسمى فرنسوا لانه اسم غير وطني ثم جاء ليغير اسمه الى تمبلباي وهو من الاسماء التي تسمى به المواليد في جنوب تشاد )لانه تجاوز الخطوط الحمراء لفرنسا ومصالحها القومية في افريقيا, حيث انه وبحسب وصاية فرنسا على مستعمراتها في افريقيا لا يحق للدول الافريقية تقديم مناقصات المشاريع العامة للدولة لاي جهة كانت حتى وإن كانت وطنية ما لم تتنازل الشركات الفرنسية عنها او تبدي عدم الرغبة فيها , ونتيجة لذلك تم إرغام الحكومات الافريقية بتقديم مشاريع هزيلة بعطاءات ضخمة تحصل عليها الشركات الفرنسية بطريقة صورية دون منافسة تذكر. فرنسافريك(francafric) تدريب الادرايين والضباط في مراكز فرنسية: لا يقتصر دور فرنسافريك على ما سبق من الوقائع فحسب بل يمتد الى الزام الدول الافريقية على أن يتم تدريب كوادر الدولة العليا والادارات الحساسة من الامن وضباط الجيش والشرطة ورجال القضاء والمدعين العامين ووكلاء الوزارات ومدراء المكاتب العليا في الدولة وتمثيلياتها الخارجيه في فرنسا , أو تتم عملية التدريب هذه في المؤسسات التابعة لها, وهذا يعني الكثير في عالم السياسة والمخابرات والمصالح , كما تقوم فرنسا بتعيين بعض المستشارين كما تسميهم في دوائر الدولة والشركات الخاصة بالدول الافريقية جنوب الصحراء , فعندما تتجول في مؤسسات هذه الدول ودوائرها ترى الأمر واضحا أمام عينيك بجلوس رجل أو إمراة بيضاء في مكاتب مؤسسات الدولة تنقصها الخبرة والمعرفة الادارية , بل تجد ان ليس لها علاقة البتة بعمل المؤسسة أو الدائرة التي تتواجد فيها لا من قريب أو من بعيد , تمضي يومها في جمع المعلومات عن المؤسسة التي كان من المفترض أن تقدم لها خدمات إستشارية في مجال تخصص المؤسسة لرفع كفاءتها وإنتاجيتها. لفرنسافريك (francafric) حق عقد اذعان لفرنسا وشركاتها: على جميع الدول الافريقية توريد المعدات الامنية والعسكرية من الشركات الصناعية العسكرية الفرنسية ولا يجوز توريدها من جهات اخرى دون موافقة فرنسية , وفي الاصل العقد شرعية المتعادقين, وتوافق الايجاب بالقبول , ولكن هذا المبدأ مختل هنا مع فرنسا , كما أن عقد الإذعان تطرح شروطه المؤسسة صاحبة المشروع , ولكن في علاقة فرنسا مع افريقيا الوضع مختلف , فمنفذ المشروع هو من يضع شروط العقد وعلى صاحب المشروع أن يقبل به , و لا يتمكن من التعاقد مع جهة أخرى بل سيعاقب عليه إن فعل. وتقول بعض معلومات المؤكدة بأن(سيرفر- مركز حفظ المعلومات ) السجلات المدنية وغيرها لبعض الدول الافريقية الفرنكفونية إن لم أقل كلها يوجد في فرنسا, أو تحت اشراف إدارة فرنسية , وذلك لاهميته لفرنسا, السؤال الذي يراودني لماذا والتساهل بحياة الناس وأمن المجتمع؟ أليس من حق هذه البلدان في كرامة وطنية, ألا يمنع بعض رؤساء من القاء خطاب لبني جنسهم في بعض الدول الاوروبية اعتزازا بكرامتهم وارادة المستلقة ورفضا للوصايا, حقيقة نحن نتفق مع هذا الموقف, لكن ألس من حقنا نحن أيضا أن تكون لنا استقلال في الارادة والكرامة,هذا إن دل على شيء وإنما يدل على مدى سيطرة فرنسا على حياة الناس وأمنهم ومقدراتهم ومدى الاستسلام التام للدول الافريقية أمام لفرنسا.
[email protected]