بقلم: أحمد محمود كانِم
ثماني عشرة عاماً مضت.. والأرواح تتطاير وتتصاعد إلي الجحيم أو الجنات بأعداد أعجزت العآدِّين حصرها.
ثماني عشرة عاماً مضت ..ومعسكرات النزوح والذل والجوع ما برحت تستقبل الفارين زرافات ووحدانا لينغلقوا في أٌتون الخوف والبطالة والعيش المهين ، دون أن تلوح أمامهم أدني بارقة أمل تشير إلى قرب نهاية هذا العذاب الأليم .
ثماني عشرة عاماً مضت.. و الأطراف المتحاربة تحشد وتستقطب السواعد القتالية من أبناء الشعب السوداني لخوض معارك ضروسة ضد بني وطنهم وكل طرف يتوَهّم إمكانية القضاء على الآخر .
ثماني عشرة عاماً مضت.. ودموع الأمهات الثكالى تتدفق مدراراً كلما تساقطت قطرات دم أحدِهم .
ثماني عشرة عاماً مضت.. والشعب السوداني في مناطق النزاع يٌمَنِّي نفسَه كل لحظة بنهاية هذه الحرب اللعينة .
ثماني عشرة عاماً مضت و الحرب الحمقاء تأخذ ثلاثة أرباع ميزانية الدولة ليٌستَجلب بها بدل القمح دانات الانتينوف والسخوي ووقود الابابيل و بوت العسكر و سراويلهم .
* لا شك أن المرحلة المقبلة ستكون حبلى بالكثير من الصِّعاب والعقبات ، لكَون البلاد تعيش واقعاً جديداً لم يألفه الشعب السوداني المبرمج على ثقافة الحرب وكراهية الآخر ، كنتيجة حتمية لتراكمات السياسات الإقصائية والعنصرية التى دأبت الأنظمة السابقة على انتهاجها ، لدرجة جعلت البعض يستصعب تصور إمكانية مشاركة الهامش في رأس هرم صنع القرار .. وهذه المرحلة هي التى ستحدد ما إذا كان السودان قابل للصعود نحو قِمّة الدول الرائدة أو إلى قاع الدول البائدة .
* وحتى لا يتهاوى السودان إلى الخيار الثاني ، يجب على الحكومة الانتقالية تذكٌّر ان ما تصرفه الدولة على السلام وبسط العدالة الاجتماعية والمظالم التنموية التى رٌفِع من أجلها السلاح ، لا تتجاوز ربع ما تنفقها على الحرب والدمار .
بل ان حضور قادة الكفاح المسلح إلى الداخل عبر بوابة اتفاقية سلام جوبا وحده سيوفر للسودان أرباحاً ضخمة من الأموال والأنفس كانت ستحترق وتتبخر في ميادين المعارك العبثية اللعينة ، مما ستفضي إلي تتضيق حالة المواطن المعيشية فوق ما هي عليها .
إذ لا رفاهية بلا تنمية ، ولا تنمية بلا استقرار ، ولا استقرار بلا سلام .
فأهلاً وسهلاً بجحافل فرسان السلام .. وجيـــداً جــــيتو.. أبقـــــو قـــــــدام.