أحمد محمود كانم
كان يا ما كان..في قديم الزمان بدولة السودان قبل مجيئ حكومة الكيزان ، مناسبة إسمها “العيد ” يتبادل فيها الأسر وغير الأسر والأصدقاء وغير الأصدقاء والجيران وغير الجيران والمعارف وغير المعارف التهاني والتبريكات والتحيات الزاكيات وجميل الزكريات والضحكات والكلمات والأكلات الطيبات ، فتذوب فيها
-إن وجدت- أتلال الضغائن والمرارات .
يتقاطر الجميع كل عام مرتين أو ثلاث إلي (الحوش الكبير) أفواجا ، وهو مكان يعد خصيصاً لمثل هذه المناسبات ، والذي غالبا ما يكون مجاوراً أو بمنزل أحد أعيان العشيرة أو الحي أو ما شابه ، فيقضي الجميع أوقاتا من المرح والسعادة قبل أن ينفض سامرهم ليلتقوا مجددا ً في مساء ذات اليوم لإستعراض إبداعاتهم التراثية احتفالا واحتفاءاً بالعيد ، فتكتظ الميادين والساحات عن جنباتها بكل شرائح المجتمع في منظر رائع يعكس مدي الإنسجام والهناء التي يعيشها ذلك الشعب وإرادته التي لا تقهرها نوائب الحياة وشوائبها .
إلى أن قدمت اللصوص الملتحون المتمسحون كذبا بالدين (المؤتمر الوطني) فعاثوا بالبلاد فساداً وأهلكوا الحرث والنسل، وسرقوا بإسم الدين كل شيئ ، الأرض ، العرض ، النفس ، المال ، العقل ، الدين ، السلام ، الاستقرار ، الفرحة ، الحياة ، الكرامة ، الحرية ، العدالة ،الرجولة ،
حتي -دال- ( العيد ) صارت في عهدهم
-طاء- لتصبح (عيط ) وعويل ونحيب ولطم للخدود ، وأبدلوا مكان كل مسروقة نقضيها .
فأضحت أفراد الأسرة والمجتمعات المحيطة تلتقي في كل عيد ليجدوا أن العيد قد نبش وفتح لهم قبور أقاربهم الذين هم بالضرورة ضحايا مجازر نظام المؤتمر الوطني المستذئب ،
فما إن تري الأم الثكلي المتبقيين من بنيها حتي ينغرس بقلبها خنجر ذكريات المفقودين منهم والمقتولين فتبكيهم بحرقة ، ليعم أركان البيت والبيوت المجاورة بكاء وعياط ، وذات الأحاسيس يعيشها الأيتام والأرامل ومشردو الحروب بمعسكرات النزوح واللجوء والمتسولون بأرصفة المدن والمعاقون والمغتصبات والمغتصبون والمعتقلون وكل ضحايا العنف والتعذيب ، فينقلب العيد عيطا ، و الأفراح أحزانا ، والتهاني تعازيا ، فضلاً عن الوبائيات التي تستفحل دائماً بإنكار وتعمد تجاهل المسؤولين إضافة إلي الجرائم الدموية المنظمة التي عادة ما تأتي متزامنا مع
اقتراب مواعيد الأعياد ، وما عملية حمام الدم بداخلية -غوانتانامو- بأمدرمان ضد طلاب دارفور ومحاولة اغتيال مصطفى تمبور بزالنجي منكم ببعيد ، لتصبح الأعياد مجرد بانوراما لإعادة اجترار أليم الذكريات .
ونحن نستشرف الذكري الخامسة لمذبحة هبة سبتمبر المجيدة ، فهلا أشعل شعب السودان نيران غضبته بأركان نظام المؤتمر الوطني الفاسد حتي تحترق حكومتهم بما فيها ومن فيها وفاءً لأولئك الأرواح التي لطالما حاولت أن تضع حدا لعبث زبانية البشير وزبالته .