أحمد المهدي
الفاشر أبو زكريا منتصف الشهر الأول من العام الجديد.. المدينة لم تخرج بعد من وطأة
تدابير الجائحة والضغط الاقتصادى الخانق . وآثاره المؤلمة البائنة على شحوب وجوه
قاطنيها.
التيار الكهربائي مقطوع عن جميع أحيائها و سيارات البوكو تجوب شوارع المدينة من غير
هدى..
مرتادو سوق حجر قدو ما زالوا كما عهدهم القديم وعبق أحيائها القديمة يثير في النفس
الكثير من الشجن والحنين والزكريات..
وصلها الدكتور / جمال عبد الحليم النور ورفاقه منذ مطلع الشهر ممثلين لوفد مقدمة
الجبهة الثورية السودانية وحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي للتبشير بالسلام
ووضع التجهيزات لإستقبال الوفد الرئاسي القادم في خلال أيام معدودة.
عقب وصولهم إلى الولاية انخرطوا فوراً في لقاءات مكثفة مع مكونات المجتمع المختلفة
بالمدينة و عن طريق لقاءات عبر التلفزيون والإذاعة المحلية لشرح النقاط المبهمة من بنود
الاتفاق وزف البشرى إلى مواطني الولاية بقرب زيارة بطل السلام وقائد أسطولها مع رفاقه
من قيادات الجبهة الثورية السودانية وحركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي إلى
المدينة.
سرعان ما انتشر الخبر في المدينة ومحلياتها كأنتشار النار في الهشيم ومعها بدت بوادر
اضطراب أمني متعمد تمثلت في بعض الاعتداءات والانتهاكات على مواطنين عزل في بعض
المحليات اقساها كانت أحداث وحدة كورما الإدارية ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى نصابها
مع قدوم رجال الجنرال العظيم عبد الرازق قروب سايد من مناطق الارتكاز ورؤية الجميع لهم
وهم يجوبون شوارع المدينة و انفراج اسارير السابلة على الطرقات ابتهاجا بمقدمهم تشيعهم
زغاريد الميارم ودعوات الرجال الصادقات في مشهد لم ترى له المدينة مثيلاً قبل ولا
يضاحيها عظمة سوى لحظة خروج الأجداد وسط هتافات الميارم لمواجهة الغزاة في معركة سيلي.
المشهد المهيب لجيش حركة/ جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي وهو يجوب شوارع
المدينة ومشاهدة الجميع له كانت كفيلة بارجاع الأفاعي التي أطلت برؤوسها إلى داخل
جحورها مرة أخرى وتنتهي التجاوزات والتفلتات التي بدت من غير رجعة.
ظل الناس في حالة إنتظار وترقب وصار الجميع يتابعون موكب رئيس الجبهة الثورية السودانية
ورئيس حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي بداية من خروجه من الخرطوم ومروره عبر
الولايات، يتابعون أدق تفاصيله و وأماكن توقفه ، والرفاق الاشاوس من مكتب الحركة بمدينة
الفاشر انخرطوا في عمل دؤوب لتهيئة الوضع لمراسم الإستقبال وإخراجها في أبهى صورة تليق
بعظمة الرفاق.
يوم السبت الموافق 16 يناير كان اليوم الموعود.
توافدت الجموع منذ فجره الباكر إلى ميدان النقعة وظلوا في الإنتظار لساعات طوال غير
مبالين بشمس الظهيرة الحارقة تدفعهم اللهفة والترقب لقدوم الأبطال.
ورويداً رويداً بدأ موكب الرئيس بالاقتراب، استدل الجميع عليه عبر سماعهم لصافرة سارينة
النجدة المميزة، وكلما دنت افترابها أكثر كانت تخفق معها قلوب الآلاف من المواطنين
الذين تجمعوا في الميدان ينتظرون عودة قائدهم..
ومع وصول الدكتور الهادي إدريس يحى رئيس الجبهة الثورية السودانية إلى ميدان النقعة
واطلالته عليهم من المقصورة الرئيسية، مثلت تلك اللحظة لهم البداية لفصل جديد من تاريخ
إقليم دارفور والنهاية لسبعة وستون عاماً من الظلم والتهميش والاضطهاد..
عاد الدكتور / الهادي إدريس يحى وبمعيته أعظم إتفاق تم توقيعه في تاريخ البلاد..
عاد ومعه اتفاق جوبا لتمليكه لهم باعتبارهم أصحابها الحقيقين
وكم كان اللقاء عظيماً.. لحظة التحام جموع الشعب مع القائد العظيم وهتافاتهم الداوية
وهم يرددون من خلفه ( السلام سمح)، يا له من موقف عظيم كان.
كان صباح اليوم الثاني مختلفاً عن بقية الأيام ، حينما شاهد الناس سيارات الوفد
الرئاسي وهو يشق طريقه عبر الأزقة والدروب الوعرة إلى داخل معسكر ابوشوك للنازحين ،
تستقبلهم هتافات الصبية وزغاريد الميارم وهتافات تأيد الرجال..
الدكتور الهادي إدريس يحى رئيس الجبهة الثورية السودانية ورئيس حركة جيش تحرير السودان
المجلس الانتقالي يلتقي بأسرته المقيمة بمعسكر ابوشوك طاويا بذلك أثنان وعشرون عاماً من
الغياب ، وكم كانت عظيمة هي لحظة اللقاء..
أثنان وعشرون عاماً من الغياب جرت فيها الكثير من الأمور وتبدلت فيه العديد من الاشياء
ورحل خلالها الكثير من الأحبة والأقارب والرفاق.
واصل الوفد تحواله بالمعسكرات عبر الأزقة والطرقات الضيقة تلاحقهم أيضاً هتافات الصبية
الفرحين وزغاريد الميارم على امتداد الطرقات، يواصلون الأسر اسرة بعد اسرة حتى وصولهم
إلى أحد البيوت المتواضعة بقلب المعسكر وهناك أيضاً كانت أعظم اللحظات واروعها مشهداً
على الإطلاق، لحظة اقشعرت لها الابدان واختلجت فيه الأحاسيس والأشواق..
كان هناك العم عبد السلام آدم والد الشهيد محمد عبد السلام طرادة وهو برفقة إبنة
الأبطال بعد أن أنجزوا مهمتهم على أكمل وجه..
جلس على يمناه ويساراه الرفيقان الدكتور الهادي إدريس يحى رئيس الجبهة الثورية
السودانية ورئيس حركة جيش تحرير السودان المجلس والجنرال والقائد العظيم نمر محمد عبد
الرحمن عضو هيئة القيادة العليا وكبير مفاوضي الحركة بعد تقديم واجب العزاء على روح
الشهيد ولسانه يلهج بالشكر والثناء و الدعوات الصادقات وتمنيات التوفيق والنجاح..
وبمعسكر أبوجا كان هناك أيضاً لقاء من نوع آخر، حيث تجمعن حفيدات الميرم تاجة من أرامل
الشهداء و زوجات الرفاق والرفيقات بمنزل الميرم فاطمة موسى أرملة الشهيد محمد عبد
السلام طرادة وهن يستقبلن أعضاء الوفد بالهتاف العالي بأعظم العبارات واروعها (
شهدائنا ما ماتوا،، عايشين مع الثوار)
لحظتها انتابت الجميع مشاعر متباينة تمتزج فيها الفرح و نشوة الإنتصار..
تقدم إليهن ابطالهن وهم يحملون لهن عزتهن وكرامتهن وكبريائهن واحترامهن الذي انتزعوه
عنوة واقتدار من براثن ديكتاتور حقود. والجنرال العظيم نمر محمد عبد الرحمن يواسيهن
بجميل الكلم وأروع العبارات واعينهن تشع بالرضا والعظمة والكبرياء.
لقد كان الليل طويلاً جداً وثقيلا ولكن إرادة هؤلاء الاشاوس وايمانهم اللا محدود بطلوع
الفجر، فجر الحرية والعدل والسلام والديمقراطية. كانت بمثابة إعادة الروح إلى هذه
الأمة..
التحية لكل الرفاق اعضاء حركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي وهنيئا لكم محبة
الناس لكم