محمد أبكر
من المعلوم أن الناس تشرع في عمل (مصالحات، وعقد اتفاقيات وقف العدائيات) في حالة وقوع حرب بين طرفين كلاهما خاسر بأي مستوى وشكل، أو في حالة قيام طرفين أو أكثر باعمال حرب متكافئة في الخسائر أو العتاد أو القوة أو المستوى الاجتماعي أو غيره أو غير متكافئة، ولكن أن يهجم طرف بعينه على طرف آخر، فيقتله، ويشرده، وينزحه من دياره، ويدمر كل موارده، وينهب ممتلكاته، ويخطف أبنائه، بل يقوم بكل أشكال الانتهاكات الفجيعة، ثم يأتي في لمح البصر ليعقد (صلح وقف عدائيات) فإنه الواقعة الأغرب، والأشد نكايةً، والأكثر استفزازاً، والأكثر… وهذا الأمر يحيلنا إلى طرح هذه الاستفهامات:
1. كيف يُقعد صلح وقف عدائيات وليس هناك في (الأساس) حالة حرب بين الطرفين؟
2. أليس هذا (العقد المزيف) اعتراف واضح وجلي على أن الطرف الذي يسعى إلى عمل هذا العقد متوّرطٌ ومجرمٌ وهو من اعتدى على الطرف مع أنه نفي في أكثر من مناسبة عدم توّرط قواته وبعض من قبيلته في شن الهجوم البربري على الطرف الآخر؟
3. كيف يحدث صلح وهناك طرف واحد هو المعتدي والمهاجم والمجرم والقاتل والآخر هو ضحية لا حول له ولا قوة؟
4. كيف يحدث صلح والآن يعيش المئات من النازحين واللاجئين والمشردين حالة إنسانية وحقوقية وحياتية غير عادلة، بل ظالمة وعدوانية وعنفية بكل المقاييس؟
5. كيف يحدث صلح وهناك مفقودين ومخطوفين ومصابين وجرحى ومتأثرين… ويرون يومياً المجرم والقاتل هارب ويعيش حياته في عاديته دون محاسبة أو عقاب أو أي محاكمة؟
6. أي صلح هذا والقتل والهجوم والاعتداء جاء من طرف واحد فقط؟
7. أي صلح هذا وثمة ضحية من طرف واحد فقط، وهو المتضرر الوحيد، والمظلوم الأوحد بالهجوم والاعتداء؟
8. أي صلح وما يزال المجرمين والمعتدين هاربون من العقاب والمحاكمة إزاء انتهاكاتهم الفجيعة؟
9. أي صلح هذا ويعاني الضحية من كل ويلات الحرب والانتهاك والتعدي على كل حقوقه وأملاكه وموارده وممتلكاته، وبل كرامته وإنسانيته مستباحة؟
10. أي صلح هذا وبهذه العجالة وما يزال الضحايا الأبرياء يعانون من الموت المجاني، والحصار والاعتداء المتكرر، والانتهاك بكل اشكاله؟
11. أي صلح هذا وسط بكائية الضحية والمجرم هارب عن القانون وعن العقاب والمحاكمة؟
12. أي صلح هذا والوضع في صالح المجرم والقاتل؟
انها المهزلة جملةً وتفصيلا.. مهزلة تاريخية رخيصة!