أ/ دكتور عشاري احمد محمود خليل الكضاب، وتختصر:
قام الدكتور عشاري بترجمة شخصية للنسخة الاصلية من اعلان المبادئ الموقع بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة السودان ونشر الترجمة في كتابه. تختلف ترجمته عن الترجمة الرسمية للوثيقة، الا انه استخدم ترجمته الخاصة في الاحتيال الذي يرمي به الاخرين! خفة كلاسيكية. وفي هذا الجزء من المقال سنقبض عليه في شر احتياله، ثم نناقش لماذا عمد ان يلفق على الحركة الشعبية مواقف من بنات خياله، ثم ونفكك تحيزه اللاأخلاقي المبني علىالتنميط العنصري والتاريخي فيما سياتي من مقالات. سنعتمد الترجمة الرسمية لإعلان المبادئ لا النسخة التي زورها بترجمته الخاصة به.
الدكتور عشاري احمد محمود خليل يكن العداء لثورة السودان الجديد، وكتابه محاولات لتشويهها ليس بالحق، انما بالباطل، وعلى التلفيق اسس الدكتور عشاري احمد محمود خليل كتابه (اعلان المبادئ وسراب العلمانية) برمته، اسسه على تضليل واكاذيب وسيستمر القبض عليه متلبسا في هذه السلسلة من المقالات!
الكذبة الاولي:
يقول عشاري تحت عنوان (ما يكشفه اعلان المبادئ وما يخفيه) ان هناك مكونات مدفونة، مخفية كليا او جزئيا في اعلان المبادئ الذي وقعته الحركة الشعبية مع حكومة السودان، منها:
(الغاء امكانية دسترة الدولة بتحويل الوثيقة الدستورية لتكون هي الدستور الدائم للبلاد)!
فهو يقول ان الحركة الشعبية لا تريد دسترة البلاد من ناحية، ومن الناحية الأخرى يقول ان الحركة الشعبية اتفقت مع حكومة السودان في اعلان المبادئ على ان تتحول الوثيقة الدستورية لتكون هي الدستور الدائم للبلاد!! وفوق ان التناقض واضح الا ان الدكتور يتجاهل ان الحركة الشعبية لا تعتد بالوثيقة الدستورية اصلا، ولم توقع عليها، فكيف تتفق مع أيا كان على ان تتحول وثيقة لم ترتقي الي سقف طموحاتها الي دستور دائم للبلاد؟
وفي عدد من فقرات كتابه، يردد عشاري المقولة ادناه:
(ان الحركة الشعبية قد اتفقت علي الغاء امكانية دسترة البلاد، وان تتحول الوثيقة الدستورية لتكون هي الدستور الدائم في البلاد).
واسس عشاري على هذا الافتراض عدة صفحات!
والفقرة الاصلية في اعلان المبادئ بين الحكومة الانتقالية وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال تقول الاتي:
(ما يتفق عليه بين الطرفين سيتم اعتباره في عملية تطوير الوثيقة الدستورية، لتكون هذه الوثيقة المطورة دستورا دائما بنهاية الفترة الانتقالية.)
واضح التلفيق من قبل عشاري.
فأولا، الحركة الشعبية لم تتفق مع حكومة السودان على اي شيء بعد. لايزال مناضلي الحركة الشعبية في مناطق سيطرة الحكومة بكل قطاعاتهم من قياداتهم الي قواعدهم وعلي راسهم الشباب الكنداكات، لايزالوا ينظمون، ويقودون ويشاركون في التظاهر والاعتصام السلمي وتتريس الشوارع مثل كل دعاة التغيير للحرية والعدالة والمساواة والسلام في السودان، كما لايزال مناضلي الحركة الشعبية في المناطق التي حرروها بدماء الشباب وعرق كل قطاعات المجتمعات، لايزالوا يعزقون الارض ويبنون ويسنون القوانين التي تعبر المضامين الاجتماعية/الثقافية والاقتصادية والسياسية لوطن يعدل ويساوي بين الجميع ويحترم انسانية الجميع.
ولم ولن تتفق الحركة الشعبية على الغاء امكانية دسترة البلاد. لن تفعل، فالحركة الشعبية لأتريد الغاء دسترة البلاد كما لفق دكتور عشاري الكضاب، بل العكس، الحركة الشعبية تناضل لأجل وطن يكون القانون الأعلى فيه دستور دائم يعبر عن جميع المواطنين، وتناضل لان يستصحب الدستور مبادي فوق دستورية اساسها الحقوق الاساسية والقوانين والمعاهدات الدولية، ثم وهل يمكن ان توجد دولة حديثة بدون دستور اصلا؟!
ثانيا، في الاعلان الذي وقعت علية الحركة الشعبية تصور لعملية (process)، تكون نتائجها معتبرة ضمن عملية تطوير الوثيقة الدستورية. اي هنالك تصور وطرح لمراحل متعددة وعمليات متقاطعة. والنخب التي قادت كل اوجه الحياة في سودان مابعد الاستعمارعجزت عن ادراك هذه التقاطعات، ولم تلبي الاحتياجات المادية والثقافية للسودانيين ففشلت في صناعة دستور يعبر عن التعدد في السودان.
الحركة الشعبية لم ترتجل موقفها التفاوضي، ولم تصيغ رؤيتها لإيجاد دستور دائم للسودان عشوائيا، بل اسست رؤيتها علي تاريخ الدولة السودانية وبنيتها المعطوبة، وعلي تجربة سيرورة المظالم التاريخية التي تعيق بناء دولة حديثة من ناحية، ومن الناحية الأخرى استصحبت الحركة الشعبية تاريخ الدساتير السودانية، مع مقاربات عميقة لدساتير دول اخري في عدد من اصداراتها وفي عشرات المحاضرات التعليمية واللقاءات التعريفية والورش الاستشارية، وقد ورد هذا في أحد اهم وثائقها المبذولة للجميع، وثيقة (المبادئ فوق الدستورية) حيث يستحيل الحديث عن تبلور الموقف التفاوضي للحركة الشعبية بناء علي ما طرحته في جولات التفاوض المختلفة مع الحكومات السودانية دون الاعتماد علي وثائقها المجازة من مؤسساتها الديمقراطية التي عالجت قضية الدستور، ودون اصدارات مراكز الدراسات التي تبلور رؤاها ومن اهم هذه الوثائق، وثيقة المبادئ فوق الدستورية.
فاليات صناعة الدستور كما تراها الحركة الشعبية هما: 1/ المنبر التفاوضى 2/ مفوضية كتابة الدستور يتم الإتفاق عليها فى المنبر التفاوضى 3/ الإستفتاءالشعبى).
فبالإضافة للآليات الفنية، عرف تاريخ السودان الحديث اقرار واعتماد منابر التفاوض مع الحركات المسلحة كجزء من اليات صناعة الدستور كما جاء في وثيقة المبادئ فوق الدستورية وعدد من الاصدارات، وهي:
أ/ دستور السودان الانتقالي لسنة 1973، وأحدي آليات صناعته هو منبر مُحادثات السلام بإديس أبابا بين الحكومة السودانية وأنانيا (2) بقيادة جوزيف لاقو.
ب/ دستور جمهورية السودان لسنة 1998، و أحدي آليات صناعته هو منبر مُحادثات السلام بين حكومة جمهورية السودان والحركة الشعبية لإستقلالجنوب السودان بقيادة د/ رياك مشار و د. لام اكول، وفيما بعد الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة بقيادة محمد هارون كافي ويونس دومي كالو.
ج/ دستور جمهورية السودان الإنتقالي لسنة 2005، واحدي الياته منبر مُحادثات السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان
اما بخصوص المفوضية فقد ورد في وثيقة المبادئ فوق الدستورية الاتي:
(أننا نرى أن المفوضية الدستورية يجب أن يُتَّفق عليها شكلاً وموضوعاً (التكوين، والمهام) في المنبر التفاوضي ومن ثم تقوم بصياغة وتضمين نصوص الإتفاق في الإعلان الدستوري الذي سيحكم الفترة الإنتقالية التي سيتَّفق عليها في المنبر التفاوضي، و على أن يُشكِّل هذا الدستور الإنتقالي مشروع الدستور الدائم، وتقوم المفوضية بتصميم برامج وفق القانون لإنزال هذا الدستور للشعوب السودانية ومن ثم عرضه عليهم في إستفتاء شعبي بعد إنفاذ برامج العودة الطوعية والإحصاء السكاني وغيره من التدابير ذات الصلة و قبل نهاية الفترة الإنتقالية و إجراء أي إنتخابات .)
موقف الحركة الشعبية في هذه القضية مؤسس ايضا على التجربة العملية في الاراضي المحررة التي يسود فيها اليوم دستور ديمقراطي فاعل ومجاز من اعلي مؤسسة تشريعية، مجلس التحرير القومي.
فدكتورعشاري الكضاب النصاب والمحتال، يترك كل هذا ويكتب (ان الحركة الشعبية قد اتفقت علي الغاء امكانية دسترة البلاد، وان تتحول الوثيقة الدستورية لتكون هي الدستور الدائم في البلاد)!
اما الأسئلة: اين، وكيف ومتي ولماذا؟
وماهي ادلته المادية؟
الدكتور لا يدري. فهو يزيف، ويفترض من عنده ويبني علي ما افترض والسلام– تزييف وعي الناس وتسطيحهم وخداعهم يتم بسلطة زائفة توفرها التراتيبيةالاجتماعية والدرجة الاكاديمية والتي في السودان للأسف تنتج مثل اكاذيب هذا المحتال !
ما جاء في كتاب (اعلان المبادئ وسراب العلمانية)، واضح ان الدكتور عشاري احمد محمود خليل مرتبك، مشوش الرؤية والبوصلة الاخلاقية والمهنية/الاكاديميةمعا. فهو في حالة استصحاب دون حياء لحالة (كرام المواطنين 1924) المادية والاخلاقية، اؤلائك الذين دبجوا المذكرات الي المستعمر البريطاني احتجاجا علي تحريم ممارسة النخاسة في ابناء وبنات وطنهم، متحججين بان حرية الناس تفسدهم. عشاري يواصل هذا التقليد، ومثلهم لا يري في انسان الهامش سوي (مأمور) ودائما في حالة احتياج الي منقذ. النخاس الصغير حول هذا الاسقاط الي خطاب كره وعداء واستهداف بعنصرية تجاه شعوب الهامش عموما والنوبة تحديدا.
في كتاب اعلان المبادئ، عشاري عاجز عن هضم واقع وحقيقة ان النوبة يمكنهم ان يفكروا مثلهم مثل الاخرين ويبادروا بما هو أصل مفيد لهم ولأبناء وبنات السودان العريض. عشاري وامثاله كثر، لا يطيقوا رؤية نجاح يتجاوز سقف ماتعودوا عليه من فشل تاريخي تجاه معالجة قضايا البناء الوطني منذ الاستقلال، خاصة ان كان هذا النجاح تحقق من غير قيادة من مجتمع امثالهم من النخب او الأكاديميين الفشنك (وسنعالج عقدة عشاري من مناضلين مثل د. محمد يوسف احمد المصطفي ود. محمد جلال هاشم في سياق اخر). النخاس الصغير عشاري احمد محمود خليل يعادي سبق وتفوق الحركة الشعبية وما حققته من نجاح في تبني وتفعيل بنية دستورية وقانونية صلبة تسعي القوي الثورية في غير المناطق المحررة الي الوصول اليها.
في المقال القادم ستتناول (الكذبة الثانية) وهي ان الحركة الشعبية قد اتفقت في اعلان المبادئ علي (تثبيت الشريعة الاسلامية في الدولة) !
خالد كودي،
بوسطن 26/1/2022