الفاشر – صوت الهامش
عبدالله أبكر بشر، هو أحد أيقونات النضال، ومقاومة الأنظمة القمعية والدكتاتورية في السودان، أسس مع اخرون أول نواة لتنظيم مُسلح لمحاربة نظام المؤتمر الوطني، فكانت حركة/ جيش تحرير السُّودان، صال وجال في ميادين القتال، كأول قائد عام لحركة جيش تحرير السودان، إلى أن إستشهد في ميدان القتال في العام 2004، لتطوي صفحة مليئة بالإنجازات لقائد امن ووهب نفسه الثورة، مقاوما للظلم والأنظمة الدكتاتورية.
عبدالله… سيرة ومسيرة
ولد الشهيد عبدالله ابكر، في العام .1974 م بقرية بجورباء ضواحى شمال مدينة كرنوى على مسافة 10 كيلو متر، نشأ وترعرع وسط أسرة بسيطة تمتهن الرعي والزراعة، درس عبدالله حتى المرحلة المتوسطة درس فى مدرسة كرنوى الابتدائية ثم المتوسطة فى نفس المدينة وذلك فى الفترة من 1982 وحتى 1988.
الحياة العسكرية
عند إندلاع الثورة تخصص فى مجال المدفعية، ويعتبر من الذين اسسوا حركة/جيش تحرير السودان من مرحلة الصفر وكان قائدها العام حتى تاريخ استشهاده فى 1/5/2004 م، ومن اخطر المعارك التى خطط لها ونفذها بقيادته المباشرة هى معركة دخول مدينة الفاشر المشهورة حيث تم تدمير كل الطائرات الحربية الجاثمة على ارض المطار، ومن المعارك المشهورة والكبيرة التى قادها ايضا معركة ابو قمرة التي إستشهد فيها ومعركة عين سيرو و معركة كتم.
الإيمان بالثورة
وفقاً لمقربون منه فإن الشهيد عبد الله أبكر، امن منذ وقت مبكر بالثورة المسلحة، وكان يعتبر بأنها الفرصة الأخيرة لأهل دارفور، في مقاومة الظلم الذي حاق بهم، كان يخطط لان يشارك كل اهل دارفور في دعم الثورة حتى تحقيق كافة مطالبهم المشروعة في الثروة والسلطة والتنمية، دافع عن تلك المبادئ حتى أستشهد وهو ممسكا بسلاحه دفاعاً عن قضيته العادلة.
الصمود في وجه القصف
عمّد نظام المؤتمر الوطني على إنهاء الثورة في دارفور، قبل تمددها لتشمل كل الاقليم والسودان أجمع، الا أن الشهيد عبد الله أبكر، ورفاقه كان لهم رأي اخر، وهي أن الثورة ماضية في تحقيق مطالبها، فرغم القصف الجوي المكثف الذي استهدف اماكن تجمعاتهم الا أنهم اثرو الصمود، في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، وظل أبكر متمسكا بالثورة إلى اخر نفس معتمدا على مقولته الشهيرة التي أطلقها في مؤتمر “قار سلبا” “الثورة كاللحية لا يمكن القضاء عليها بالحلاقة”.
تفاصيل إستشهاده
طوال مسيرته في الثورة المسلحة، قاد وأشرف أبكر على عدد كبير من المعارك العسكرية، حقق انتصارات عديدة، إلى أن أستشهد في معركة “أبوقمرة” ويروى حرسه الشخصي “طاهر ابكر جارالنبي ” تفاصيل دقيقة عن المعركة التي إستشهد فيها عبدالله أبكر، ويقول ل”صوت الهامش” أنهم تعرضو للقصف في منطقة “كلبس”، ضمن معاركهم المتتالية ضد الحكومة أنذاك، مشيرا إلى أنهم اتو لمنطقة “ماعون” شمال غرب ابوقمرة بمحلية “كرنوي” ونصبو مخيما إرتكزو فيه لمدة اسبوع، وأضاف طاهر ” كنا في إنتظار امين عام الحركة انذاك مني اركو منّاوي ” حتى وصل إلينا ومكث معنا ليلتان وذهب ، حينها طلب الأمين العام للحركة ان يرافقه الشهيد الا انه رفض بحجة أن هناك تفلتات بدائرة ابوقمرة يجب حسمها، حسب قوله.
الكمين الأول
ويواصل طاهر جار النبي في سرد تفاصيل دقيقة قبل إستشهاد عبدالله أبكر، مشيراً أنه عقب مغادرة الأمين العام للحركة، مني أركو مناوي، في صبيحة اليوم التالي ارسل المرحوم عبدالجبار مهاجر لمهمة إستخباراتية مع عدد من الشباب يمتطعون الجمال والحصين الى ابوقمرة الا ان الجنجويد قاموا بنصب كمين للهجانة الذين ارسلهم عبدالله ابكر وقتلو منهم نفراً عزيزاً ؛ وأكد أن ذلك أثار غضب القائد العام واصدر توجيهاته بتحرّك كل القوة إلى “ابوقمرة ” وتابع “اثناء كنا نتحرك اعطاني هاتفه الثريا وهو كان يقود سيارته بنفسه واوصاني لو شاء الأقدار واستشهدت اياكم ان تتركوا جثتي “للعدو “.
المعركة الفاصلة
ويقول الحرس الشخصي طاهر أبكر جار النبي “دخلنا المعركة مع الحكومة وإستمرت ساعتان واكثر وكانت الحكومة أتت بسيارات مدججة بالسلاح وطيران الابابيل تقصف من فوق” ويضيف “اغلب رفاقنا ماتوا وحرقت عربة المتابعة التابعة للقائد العام وانسحبنا من المعركة ووقفنا نحو 2 كيلو من ابوقمرة بالقُرب من تل صغير لإنتظار باقي العربات وما زالت الحكومة تطاردنا وهُناك تعطّلت عربة الشهيد ، واتي إلينا منصور اسحق كرسي مهرولاً بعربة لتقلنا في اثناء ذلك جاء اثنين هليكوبتر وانزلت علينا بوابلاً من المدافع واصيب الشهيد اصابة بالغة كلنا اصيبنا”.
وأكد أنه اثناء ما كانو يعانو من ألم والجميع ينزف دماً أتى إليهم جمعة محمد حقار، القائد العام للحركة الان مسرعاً بعربة لإنقاذهم ، وأضاف” اسرعنا لنقل الشهيد حتى اوصلناه لمنطقة عد الخير بمنزل جمعة حقار في “حي ضابي” تم إسعافة اسعاف جزئي من احد الممرضين فاتصل مناوي وأمر بجلبه فوراً الي كرنوي وكانت كرنوي حينها محاصرة ويصعب الوصول إليها مع الوضع الأمني، فوصلنا لمنطقة “قاسمبا” قُرب المحلية وطلب الشهيد ان يوصلوه لمنزلهم وكان يتحدث رغم الألم والوجع ومبتسماً ، جاء مناوي واجرى إتصالات عديدة لإسعافة لأقرب دولة”.
جهود لانقاذه
وفقا لطاهر جار النبي أن الحركة بذلت جهود كبيرة لانقاذ حياة قائدها العام، مشيراً إلى أن صهر الشهيد ويسمى “جَروةَّ جَقا”، قادماً من إحدى الدول في إطار جهود لانقاذ حياة الشهيد عبدالله ابكر، مبينا أنهم قصدو مدينة الطينة رغم صعوبة الوصول إليها، وأضاف ” بعد صعوبات تمكنا من دخول الطينة قطعنا الوادي بإتجاه اخر واثناء طريقنا ساءت الحالة الصحية حتى ووصلنا الطينة التشادية تحديداً (مبروكة ) منزل شقيقته فمجرد وصولنا توفاه فارق الحياة متأثرا بجراحه.
وأضاف أن الذي كان يقود السيارة اللواء فيصل صالح رئيس الأركان الحالي، أبلغ الأمين العام للحركة مني أركو مناوي، بوفاة عبدالله ابكر، وطلب منهم ارجاعه لمسقط رأسه ، وتابع “هُناك اختلفت الاراء بين اسرة الشهيد والحركة ما بين ان يدفن هناك بالطينة ومسقط رأسه اصر مناوي ان يدفن بداره لأن ذلك احد وصاياه وتم دفنه بعقر داره”.
نصب تذكاري
وضمن إحتفالات حركة جيش تحرير السودان بالذكرى السنوية للشهداء، أقامت الحركة نصب تذكاري للشهيد عبدالله أبكر في مدينة “كرنوي” بولاية شمال دارفور، نصب التمثال الذي يجسد شخصية عبدالله بغرض التذكير بالتضحيات الكبيرة التي بذلها الشهيد في مسيرته النضالية.
مقبرة “عبدالله”
زار وفد كبير قاده رئيس حركة جيش تحرير السودان، حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي لمقبرة الشهيد عبدالله ابكر بغرض الترحم عليه، وقال مناوي ان الالاف من الذين قدموا أرواحهم من أجل قضية دارفور، من بينهم عبدالله أبكر، خليل ابراهيم، عبدالسلام طرادة وغيرهم من الشهداء حتى جلاء نظام المؤتمر الوطني الظالم، وأكد أن عبد الله أبكر، إستشهد عقب جرحه في معركة “أبو قمرة” وجرح معه الاف من جنود وضباط حركة جيش تحرير السودان، وأضاف أنه عقب اصابة عبدالله ابكر حضر إليه، بغرض بحث اوجه طرق لنقله لتلقي العلاج، مشيرا إلى أنه تم نقله لمدينة الطينة الا أن تم اخبارهم بانتقاله الى الرفيق الأعلى مبيناً ، أنه جرى نقله لهذا الموقف لدفنه بالقرب من منزل والدته بناءً على وصيته.
قائد شجاع
بدوره قال القائد العام لحركة جيش تحرير السودان، أحد جرحى معركة “أبو قمرة” التي أستشهد فيها عبدالله ابكر، أن عبدالله أبكر رجل شجاع وصاحب مواقف، ضحى بروحه من اجل الوطن والقضية التي امن بها، مشيراً إلى أنهم سائرون في درب الشهيد، رغم المرارات التي عاشوها وقهر الحياة الصعبة.
رمز للثورة التحررية
فيما قال رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة في شرق السودان؛ الأمين داؤود الذي زار رفقة وفد حاكم إقليم دارفور لمقبرة الشهيد عبد الله أبكر، قال بأنه رمز لشهداء الثورة التحررية في السودان، التي ثارت ضد الظلم والقهر وتابع “اتينا إلى نتفقد اهلنا ، وأحبابنا وشهدائنا الذين كانوا في درب النضال هم لا يمثلون دارفور فقط يمثلون كل السودان” وأكد أن عبدالله أبكر رمز لمشروع السودان الجديد، مبينا أنهم مع السلام الذي يحتاج لصبر وليس انتقام.
وطالب داؤود من أهل دارفور، تبصير كل السودانيين ما معنى الحرب، وما معنى السلام لجهة أنهم عاشو مرارات الحرب لسنوات طويلة وعانوا من النزوح وتابع “الحرب ليست نزهة”.