[quote]اللاجئيين الجنوبيين … محن الفارين من الحرب والمجاعة[/quote]
[quote](140) الف لاجئ بولاية النيل الابيض يعانون من نقص حاد في الغذاء[/quote]
صوت الهامش : حدود جنوب السودان
أكثر من (140) الف لاجئ جنوب سوداني يعيشون ظروفا إنسانيا صعبه بولاية النيل الابيض جنوبي السودان ،اللاجئيين أجبرتهم ظروف الحرب والمجاعة التي ضربت مناطق واسعة من الدولة الوليدة ، لم يجد مواطنيها سوي الفرار منها والدخول الي السودان.
ظروف وأوضاع
هنا في معسكر (العلاقية) بمحلية الجبلين الذي يأوي نحو (4) الف لاجئ وصولوا من مناطق (النوير) بانتيو،ودكونه،الناصر،ادوك،حيث لا حياة هناك … بحسب وصفهم ولا مناظر للحياة سوي رائحة الموت والبارود وصور الجثث المنتشرة في الطرقات،والقتل بلا رحمة علي أساس عرقي ،حيث أنه بحسب (ميادينق اكور)،التي قالت بأنهم عايشو لحظات عصيبة،ومعاناة حقيقية في بدايات الصراع المسلح، ولفتت بصوت تغلب عليه الحسرة والاسي بقولها(كانت الحياة اكثر من عادية،استقرار نوعي بعد الإنفصال،لكن في العام ٢٠١٣ بداءت الحرب والقتل، ناس جيش بتاع كير كانو بجو في بيوت بتاعنا وبسالو هل انتو نوير،إذا تبينو ملامح وجه من قابلوه وعرفو انو نويراي طوالي يقتل)، تلك هي مختطفات من حديث ناجية من الحرب الأهلية، فقدت زوجها وإثنين من ابنائها قتلوا ذبحا أمام أعينها ولم تسلم هي الأخري فتعرضت للاغتصاب وكسر في يدها،إستطاعت بحسب قولها بمساعدة من الاخرين الفرار من (بانتيو) بمعية ثلاثة من أطفالها الذين تبقوا لها بعد ان فقدت زوجها،وهي الان تعيش في معسكر (العلقاية) بمحلية الجبلين ،وقالت (ياهو تراه إنتو براكم شايفين حالنا وظروفنا،نحنا ناس مساكين عندي ثلاثة اطفال بدونا المعونات مرات بتكفينا لشهر ومرات بتقصر لكن الحمد لله)،وحول سؤالنا لها هل تفضل ان يكون لهم دولة قائمة بذاتها كما هو الحال ام تريد ان يعود السودان إلي وضعيته القديمة موحدا؟ صمتت لبرهة من الزمن قبل ان تجيب بقولها (دولة بتاعنا،إنتهي من ما نحنا انفصلنا الوضع ما إتصلح حرب في حرب واتجهجهنا فقدنا اولادنا وازواجنا وممتلكاتنا،فاذا كان دولة بهذه الصورة الافضل لنا ان نعود كما كنا زمان دولة واحدة ،مافي حاجة بمنع هسي ياهو شماليين استقبلونا تمام ووفرو لينا محل سكن وطعام وشراب الوجدان ما زال واحد والانفصال كان سياسي حتي انو الحدود زاتو ياهو مفتوح)،ميادنيق تمني نفسها ان يعيش السودان في وضعيته القديمة موحدا .. ميانديق تحلم بأن يبدأ السودان من حلفا شمالا وينتهي في نمولي جنوبا وتحلم كذلك ان يكون السودان بلد المليون ميل مربع كما كان يردد علي مر التاريخ ولكن قبل أن نكمل معها حوارنا إنسحبت بصورة مفاجئة علها في طريقها للوصول إلي اماكن توزيع الإغاثة للحصول علي حصتها هي وأطفالها اليتامي حيث لا يمكن التفريط في الحصه شقت طريقها الي حيث المكان وتركتنا نتساءل إلي أين تمضي الأمور في الدولة الوليدة؟.
حال نازحة
مأساءة (ميانديق) لا تنفصل بأي حال من الاحوال من ماساءة السيدة روجيس ياسين عبدالله إبنة مدينة (ملكال)،والتي تحولت إلي مدينة (أشباح) بحسب وصفها،تسيطر عليها المليشيات القبلية المسلحة ،وجنود الجيش الشعبي المدججين بالسلاح المعمرون لبنادقهم الجاهزة (للتنشين) تحت أي لحظة لتحصد ما تحصد من أرواح بريئة لا علاقة لهم البته بالصراع المسلح،سوي ان القدر رمي بهم في دولة إسمها (جنوب السودان)،روجويس ذات الخمسه وعشرين ربيعا هي الأخري فقدت زوجها الذي قالته بأنه قتل أمامها داخل المدينة فتركها لها إثنين من الأطفال التوأم،تكابد الحياة من أجل تربيتهم،حكت ل(صوت الهامش) تفاصيل خروجها من الجنوب حتي الوصول إلي ولاية النيل الابيض في الحدود وقال في حديثها (مررنا بطرق وعرة سيرا علي الاقدام لأيام طويلة،لم يكن لدينا من الطعام ما يكفي سوي اننا نطعم من ثمار الاشجار وأحيانا اوراقها،وقليل من المياه حتي وصلنا للحدود) وذادت في حديثها ان الوصول لولاية النيل الابيض قادما من جنوب السودان ليس سهلا فهو عملية شاقة تحتاج إلي صبر وعزيمة وبينت أن كثير من الأطفال والعجزة كبار السن فارقو الحياة بسبب العطش والجوع والإرهاق،واضافت في حديثها وهي تذرف الدموع( العساكر ما بقبلو لينا نطلع عشان نجي في الشمال في ناس كتار رجعوهم وفي واحدين دخلوهم الجيش عشان يقاتلوا في الجيش)،وحول أماكن تواجد والدها وبقية اخوانها اجابت روجويس (ابوي ما بعرف مكانوا وين لي شهور طويلة ما سمعت منو خبر هو مات ولا حياة ما بعرف،نفس هذا الشى مع إتنين من اخواني برضو ما بعرف ليهم مكان لكن اتمني ان يحفظهم الرب وينجيهم من البلاد)،وعن امانيها وما الذي تريد تحقيقه مستقبلا قالت بأنها تريد ان تربي اطفالها التوأم أحسن تربية،بجانب انها ستكافح من أجل تعليمهم،من اجل إنتشال دولتها من الجهل والمرض والحرب بحسب قولها.
الحريق الشامل
(امي كبيرة في السن عندما بدأ الحرب عساكر ولعو النار في القطية القاعده فيها فماتت حرقا) تلك هي مختطف من إفادة اللاجئة (اشوير دينق) بمعسكر (العلقاية) تلخص واقع الحال في دولته والطريقة التي يقتل بها الإنسان في الصراع المسلح هنا،اشوير لم تجد طريقا غير الفرار الي السودان هي وزوجها وثلاثة من ابنائها الان يستقرون في المعسكر،وقالت اشوير ل(صوت الهامش) (الحرب ما كويسة،جنا يموت راجل يموت بيوت يحرقو ونسوان يغتصبون)، وذادت وهي وهي تمسح دمعه من عينها (ام بتاعي انا مرة كبيرة في السن ما يقدر يجري مع الناس لمن ضربونا في ملكال ناس بتاع الجيش ولعو النار جوة قطية بتاعو لمن ماتت وانا لمن قلت ماشي نطلع أمي صربوني بالبندقية في كراعي ياهو شوف إصابتي) هي تشير لمكان أصابتها بطلقة نارية أثناء هجوم الجيش علي اماكن سكنهم،وحول اسباب إستهدافهم وحرق منازلهم أجابت اشوير( مافي حاجة تخليهم يضربوننا كنا نسمع منهم إنو بقول هنا في ناس تابعين لمعارضه) وأردفت أن هجمات الجيش كانت تستهدف الرجال ويقتلوا علي اساس عرقي ولم يسلم منها حتي الاطفال الصغار الذين ذبحو بجانب ان النساء تعرضو للإغتصاب وحول اوضاعها وظروفها في المعسكر اجابت بقولها (ياهو قعدين الناس ما مقصرين معانا بدونا الإغاثة عيش وعدس) وذادت (يومي ناكل عدس لكن دايرين دايرين بطاطس عشان نغيير شوية) تلك هي أمنية اشوير البسيطة لحفظ نفسها واطفالها وحمايتهم من الموت جوعا تطالب بوجبة (بطاطس) دسمه.
احصائيات المفوضية
وكشفت مفوضية العون الإنساني ولاية النيل الابيض ،عن وجود نحو (140) الف لاجئ جنوبي فارين من الحرب استقرو بثمانية معسكرات موزعه في محليتي السلام والجبليين وفقا لاخر احصائية اعدتها مفوضية اللاجئيين منتصف الشهر الجاري.
وأقرت المفوضية وفقا لما قاله مفوض العون الإنساني بالنيل الابيض محمد ادريس الشيخ أن اعداد اللاجئيين الجنوبيين الذين دخلو الولاية يفوق حجم الولاية وناشد منظمات الامم المتحدة العاملة في الإغاثة بضرورة الإسراع والتدخل لنجدة ضحايا الحرب وأعلن عن إلتزام الحكومة بتسهيل عمل المنظمات الدولية.
وفي الاثناء كشف المفوض عن عودة ما يقرب عن ال(700) الف مواطن سوداني كانوا يعيشون في الجنوب فرو بسبب الحرب إلي ولاية النيل الابيض في حوجة إلي مساعدات وبين أن دور المنظمات الدولية تجاههم ضعيف.
وكشف عن خطة بداءت الحكومة بتنفيذها تتمثل وفي تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من داخل الاراضي الجنوبية لمنع تدفق مزيد من اللاجئيين.
ونفي إستخدام الجنوبيين الفارين من الحرب في كعمال في المشاريع الإنتاجية،ونفي إتهام الجنوبيين بأنهم سبب في مرض (الاسهالات المائية) الذي ضرب أجزاء من الولاية بيد أنه اقر بأن الاسهالات نتجت بسبب تلوث المياه،وأعلن عن تحوطات وضعتها حكومة الولاية لمحاصرة الداء بتوفير مياه (مكلورة) وصحية للمواطنيين واللاجئين وأعلن عن فتح اربعه مسارات تعمل في إغاثة الجنوبين.
الأمل في الحياة
رغم فقد أمواله وإثنين من أنجاله،الذين راحوا في أتون الحرب والإقتتال الا أن الشاب (أكود) قرر أن يبدأ حياته من (الصفر) علي أمل ان يعيش معزز ومكرما،في بلده الثاني (السوداني) .. أنشأ متجرا صغيرا داخل معسكر (العلقاية) بالنيل الابيض ،ليقتات منه،اكود فقد اكثر من سبعه أشخاص من اسرته في احداث بانتيو مؤخرا .. روي ل(صوت الهامش) تفاصيل رحلة (الاهوال) من جنوب السودان مرورا الي السودان الشمالي وقال (تعرضنا لويلات وظلم بائن،وإستهداف علي أساس العرق) وزاد (لدي متجر بسوق بانتيو تم نهبه وحرقه بالكامل وقتل إثنين من اطفالي برصاص الجيش الشعبي ،وقتل شقيقي،وخالي) وإعتبر اكود ان الذي جري لهم هو استهداف واضح لا لسبب سوي أنهم يتبعون عرقيا لنائب الرئيس السابق،ووصف الأوضاع في بلدته التي فر منها بالسيئة ولفت إلي ان من تبقي داخل مدينة بانتيو إحتمي بمعسكرات الامم المتحدة يعيشون ظروفا مأساوية مبينا أن كل من يخرج من المعسكر يعرض حياته للخطر بسبب الإنتشار الكثيف للالة العسكرية ،وحول سؤالنا له ما اذا كان يفضل البقاء في دولتهم المستقله والعودة إليها مره ثانية لتعميرها او العودة إلي الشمال في إطار الدولة الواحده صمت لما يقرب عن الدقيقه وأجاب( صحيح كنا نحلم بأن تكون لنا دولة مستقله ولدينا مؤسسات حقيقية نجد التعليم والصحه وغير لكن ده كلو ما لقيناهو في دولتنا المدن المشيدة الان بقت خرابات مافيها شئ غير العساكر وكل البيوت بتاعنا اتحرقت والاسواق اتحرقت،الافضل لينا نرجع الشمال كدولة واحدة) لكن .. قبل ان أغادر الشاب باغتني بسؤال مفاده (لكن الشماليين تاني برضو بينا نكون معاهم في دولة عاصمة بتاعها الخرطوم) أجبته بقولي (انشاء الله بنقبل بيكم إنتو مننا وفينا وما تعرضو له إبتلاء رباني) .. تركته له إجابتي وإنصرفت لحال سبيلي.
البكاء علي الزوجة
دلفت إليه في راكوبة بالية مصنوعه من (الحصير) وجدته يجلس (القرفصاء) ويديه علي رأسه الحاج إزيكيل بوث في منتصف العقد السادس او يزيد قليل،عيناه متحمرتان،لا تكاد الدموع تفارقه، جسده نحيل من وعثاء السفر يرتدي ملابس رثه،بسبب المعاناة وترك كل شئ وراء ظهره علي أمل ان ينجو من بطش الالة العسكرية إستطاع الفرار وهو وخمسه من أبناءه الا أنه فشل في إخراج زوجته والتي قال بأنها قتلت أمام عينيه بعد أن تم تقييده هو بالحبال فصوب الجنود سلاحهم نحواها فغروها صرعا،الحاج أزيكيل سألته لماذا لم تستطيع إنقاذ زوجتك وتركتها هكذا تموت أجاب (كيف نقدر نحمي مرة بتاعي وانا زول كبير في السن وماعندي سلاح لادافع عن نفسي) وواصل في حديثه وهو يمسح دمعه سقطت من عينه المحمرتان وقال ( انا ساكن منطقة افيدانق،جونا الجماعه هاجمنا علينا وكانوا بفتشو في عساكر ضربونا بالسلاح واغتصبو نسوان بتاعنا وفي كتير من الرجال قتلوهم) وعن أمنيته التي يريد تحقيقها قال (انا ما داير حاجة تاتية غير عيال بتاعي ديل يتعلموا ويلقو اكل كويس وملابس كويسة) وعالجته بسؤال اخر هل تنوي مجددا العودة الي منطقتك افدانق اجاب بعد صمت طويل (يمكن نرجع تاني لكن ما قريب).
التمسك بالأمل
يحمل (كراسات) بالية عليها مخطوطات باللغه الإنجليزية وجدته بعد ان أنهي درسا في مدرسة مؤقته موجوده داخل المخيم يتطوع عليها بعض من اللاجئيين الذين كانوا يعملون في مهنة التدريس إنه الطفل (أكور) زو السبعه أعوام لا يعلم أين والده ووالدته وبقية إخوانه طلبت منه أن أخذ صورة لمخاطبة الضمير الإنساني العالمي لم يتردد مطلقا في إلتقاطها فسألته من اين منطقة اتيت فقال (انا جيت من الناصر) واردفته بسؤال اخر اين والدتك ووالدك وبقية إخوانك (كلهم ماتو في حرب بتاع الناصر وانا جيت هنا مع خالتي)،وعن أمنيته المستقبلية قال بأنه يريد (أن يكون سواق طيارة) وسألته لماذا تريد ان تصبح طيارا (قال في الناصر جونا طيارات كتار نزلو عساكر وفي طيارات تانية كان بترمي فينا قنابل حرقو البيت بتاعنا مات امي وابوي وإخواني).